المنظمات غير الحكومية .. وغياب الرقابة

اسكندر المريسي

مقال


 -  .. ثمة مصادفة عجيبة بين ما كان بعيدا عن السياسة وصراعها (اليمن الطبيعي) وما هو كائن بالظرف الراهن بالنسبة لليمن الذي ينفتح على ما يبدو بشكل غير مدروس ولا بمتطلبات ترشيد مسبق نحو العالم الخارجي استدراجا لحداثة على ما تبدو غير عقلانية تعبر في مجملها شكلا ومضمونا عن طفرة التطور في جانبه السلبي والمنقول من العالم الخارجي ولا يجسد ذلك حقيقة التطور وجوهره المفقود في
اسكندر المريسي –

مقال

ثمة مصادفة عجيبة بين ما كان بعيدا عن السياسة وصراعها (اليمن الطبيعي) وما هو كائن بالظرف الراهن بالنسبة لليمن الذي ينفتح على ما يبدو بشكل غير مدروس ولا بمتطلبات ترشيد مسبق نحو العالم الخارجي استدراجا لحداثة على ما تبدو غير عقلانية تعبر في مجملها شكلا ومضمونا عن طفرة التطور في جانبه السلبي والمنقول من العالم الخارجي ولا يجسد ذلك حقيقة التطور وجوهره المفقود في النموين السياسي والاقتصادي مما جعل اليمن عرضة لمسارات متداخلة من التدخل السياسي إلى إرشادات موجهة للاقتصاد سيما من البنك والصندوق الدوليين.
ويأتي ذلك في ظل تراجع أداء الثقافة على أهميتها البالغة من السياسة في الدفاع عن القضايا الوطنية لأن سقوط السياسة يعني سقوط نظام لكن الإشكالية المترتبة على سقوط الثقافة معناه سقوط وطن وذلك في المجمل العام بالنظر للعلاقة الجدلية بين السياسة والثقافة ومما لاشك فيه طبقا لدراسات وأبحاث مختلفة برزت خلال العامين الماضيين فيما تأكيدات واضحة مفادها بأنه لا توجد دولة في العالم مثل اليمن تعاني من كثافة غير طبيعية في النمو المتسارع الذي صار أشبه بنمو الفطريات لما يسمى بالمنظمات غير الحكومية مع أن دلالة مفهوم (منظمة) يعني شيئا خلافا لما نلمسه في الواقع من مئات لتلك المنظمات تعاني من اختلالات كبيرة وتحتاج إلى إعادة النظر بشكل كامل.
لأن ما يقارب من سبعة آلاف منظمة غير حكومية تتناقض مع الأهداف التي نشأت من أجلها وتمارس أعمالا تتنافى مع قانون الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية فحتى هذا القانون بذاته بحاجة إلى تعديلات جذرية لأن كثافة تلك المنظمات تجاوزت أية إمكانية لإيجاد تشريعات قانونية منظمة لها خاصة في ظل التكاثر المتسارع لتلك المنظمات وقد رجحت تلك الدراسات والأبحاث المشار إليها أن النمو قد زاد بنسبة 20% على خلفية التطورات التي شهدتها ساحة العمل الوطني وما يؤخذ عليها في أداء مهامها وتنفيذ برامج عمل خاصة بها ليس التمويل الأجنبي فحسب كما هو معروف بذلك لدى الجميع.. وإنما تنفذ تلك المنظمات حفريات غير مشروعة لا تتخطى من خلالها القانون الغائب فقط ولكنها تثير إشكاليات مضادة للوحدة الوطنية كالبحث في القضايا المذهبية سعيا لإيجاد التكريس للخلافات الغائبة لما من شأنه تطوير التناقضات وتوسيع نطاقها.
علما بأن ذلك العمل لا يخدم في أي حال من الأحوال إلا السياسة الدولية إضافة إلى ذلك أنه يتم في ظل حكومة الوفاق وبالتالي يتناقض عملها مع دعاوي الحوار الوطني وذلك الوفاق ومعنى ذلك أن المنظمات غير الحكومية لا تؤدي دورها كما تدعي بحسب أهدافها بأنها تعمل من أجل اليمن بينما الواقع يكذب ذلك الإدعاء لأن الأنشطة المنفذة من قبل بعض المنظمات غير الحكومية تخدم أجندة خارجية لقوى إقليمية ودولية وهو ما يتطلب من حكومة الوفاق على الأقل ترشيد أعمال تلك المنظمات .. لأن ما تقوم به عبارة عن أبحاث سياسية بينما ما تعلنه طبقا لنشاط عملها بأنها منظمات خدمية للمساهمة في إصلاح أوضاع المواطنين.
وذلك ليس إلا من باب الشعارات ويرجع سبب ذلك النمو المتزايد لتلك المنظمات إلى حالتي الفقر والبطالة وكذلك ضعف النمو الاقتصادي وغياب مراكز الأبحاث الوطنية فالرقم المشار إليه سابقا يبدو بالظاهر بأنه منظمات عملية لكن ما تقوم به من أنشطة داخل اليمن لصالح قوى خارجية وليس ذلك فحسب فهناك أيضا ما يقارب أو يزيد على 69 منظمة أجنبية خلافا للمنظمات غير الحكومية والمنظمات الأجنبية.
وهو ما يتطلب من الجهات الرسمية إعادة النظر في كافة التشريعات المنظمة لأعمال تلك المنظمات وتشكيل لجنة من قبل الحكومة وخاصة الجهاز المركزي للرقابة ومعرفة طبيعة تلك المنظمات وما تقوم به من برامج والمردود الإيجابي الناتج عن النشاط الداخلي المتزامن وفقا لرؤية محددة مع نشاط المنظمات الأجنبية.

قد يعجبك ايضا