مــع التخمة صحتك في مأزق !

د. أحمد يحيى الصعفاني


د. أحمد يحيى الصعفاني –
شكاوى نسمعها كثيرا.. البعض يصف آلامها ومساؤها- أحيانا- بأنها لا تطاق..
وما ذاك في شهر الصيام – على الأرجح – إلا لزيادة تناول كميات كبيرة من الأطعمة والمشروبات عند الإفطار أو مع العشاء أو حتى عند السحور وإقبال من لا هم له – إن جاز التعبير- سوى إشباع بطنه الخاوية وإتخامها بخليط من الأغذية دون اكتراث للعواقب والمآلات..
مشكلة جديرة بالاهتمام في هذا الشهر الكريم يصف ملامحها ويقف على أبعادها وآثارها السلبية الدكتور/أحمد يحيى الصعفاني – استشاري أمراض الباطنة والجهاز الهضمي مبرزا في ذات الإطار أجل الفوائد الصحية والإرشادات حيث قال:
يتسامى شهر رمضان في قلوب المسلمين ويحظى بمكانة رفيعة لا تضاهى ففيه يعظم الأجر والثواب للصائمين العابدين والمتصدقين ومع صالح الأعمال يزدادون قربى إلى المولى جل وعلا الذي ما كان ليختص هذه الأمة بصيام الشهر الفضيل حتى يمنع عن عباده الطيبات من المآكل والمشارب عبثا طوال النهار من كل يوم..امتدادا لشهر كامل إنما لحكمة عظيمة أودعها وفوائد واسعة لو فقهها الناس وسعوا إلى نيلها واستثمروا الشهر المبارك في الصحة لكان خيرا لهم وتمنوا العام كله رمضان.
وهذه الحكمة يجب أن تبقى حاضرة غير مغيبة لدى كل صائم عند تناوله إفطاره وعند جلوسه على مائدة العشاء الرمضاني وما يليها ليلا حتى السحور قبيل الفجر ليحافظ على صحته ولا يجد ما يعيقه من منغصات عن أداء صلاة العشاء والتراويح على الوجه الذي يرضي خالقه.
عموما فكل ما يحتاج إليه جسم الإنسان من غذاء لا يزيد على جرام واحد لكل كيلو جرام من وزنه في اليوم أي ما يعادل في المتوسط (70)غراما من البروتينات ومقادير قليلة من المعادن والأملاح والفيتامينات توجد مجتمعة في طبق صغير من السلطة وكمية معقولة من النشويات والدهون.
فالتغذية بمفهومها الواسع تشمل سلسلة من العمليات التي يستطيع الجسم بواستطها امتصاص وتمثيل الغذاء ليحفز النمو ويستهلك الطاقة ويعوض الأنسجة ويمنع الأمراض وفي الوسط العلمي يسميها البعض(كيمياء الحياة) ولا يكون بالتخمة وحشو المعدة بل بالوسطية والاعتدال في الطعام الغني بالعناصر المفيدة للإنسان. لذلك يجب على الصائم مواصلة تحكمه في نفسه وصبره على ملذاته بتنظيم تناوله للغذاء في الإفطار وخلال وجبتي العشاء والسحور وما بينهما عملا بقول المصطفى(صلوات الله وسلامه عليه): « ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن, بحسب بن آدم لقيمات يقمن صلبه, فإن غلبت الآدمي نفسه فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس»(رواه الترمذي) .
الأمر الذي غاب عن الكثير من الصائمين فنجدهم- بالمقابل- يعانون من مشاكل في الهضم ومن آلام البطن وانتفاخها عقب وجبة العشاء في رمضان وظهور هذه المنغصات ليس بعد انقضاء ليال وأيام أو أسابيع من الشهر الكريم بل منذ الليلة الثانية أو الثالثة على الأرجح وكهذا تمتد المعاناة وتستمر مع استمرار إتخام البطن في كل ليلية من لياليه الحالمة لكن المعدة وما يليها من قناة هضمية لا تحتمل هذا التكديس والحشو حيث تواجه تغيرا وتبدلا في النظام الغذائي ومواعيد الأكل والراحة على نحو يغاير ما اعتادت عليه قبل رمضان بينما تكون مجبرة على الركود والسكون أثناء الصيام نهارا خاوية- على غير العادة- لمدة تزيد على(14)ساعة يوميا يقابله نقصا واضحا في إفرازاتها وعصاراتها الهاضمة.
ولöما يتúبع الصيام من شعور بالجوع والعطش تلöح على الصائم رغبة في التهام أكبر قدر من الغذاء والماء, فينصب اهتمامه على الإفطار ووجبة العشاء وعلى تنويع أصناف وألوان الطعام والشراب.. من مقليات ودهون وحوامض وأطعمة غنية بالتوابل والبهارات وعلى مضض يرتقب لحظة فرج تتجلى عقب غروب الشمس مع سماعه آذان المغرب من المساجد أو بعيد دوي مدفع رمضان وبلا هوادة أو صبر ينكب على أكل ما يجده أمامه دونما مضغ جيد أو حتى بدون مضغ وكأنما لا يجد وقتا يسعفه ليأكل بروية وتأني وإذا غص بلقمة دفعها بكوب أو بأكواب من الماء أو العصير البارد!
فتمتلئ المعدة بخليط غير متجانس من الأطعمة والمشروبات ومعهما كميات من الهواء يتم ابتلاعها مع الغذاء .
وبهذا الحشو المفاجأ تتضرر المعدة وتكون عاجزة غير قادرة على أداء وظيفتها فتتوسع جدرانها وتتمدد وتزيد إفرازاتها الحامضة وعصاراتها الهاضمة في محاولة للتغلب على هذا العجز.
ومن هنا تبدأ المعاناة لكنها من نوع آخر إذ يشعر المتخم بأوجاع في بطنه ربما تفوق احتماله فتتعالى صرخاته من فرط الألم ليجد نفسه عاجزا خائر القوى وقد أرهقه الضيق والامتلاء والغثيان.
ونتيجة تدفق الدم بكميات كبيرة إلى المعدة لإتمام عملية الهضم المتعسرة وما يفضي إليه من نقص التروية الدموية لباقي أعضاء

قد يعجبك ايضا