يــــوم أن…
عبدالخالق النقيب
مقال
عبدالخالق النقيب –
مقال
يوم أن قبل الناس بالمبادرة الخليجية واشرأبت أعناقهم صوبها بحماس واندفاع لم يكن قبولا بتقاسم الكراسي والمحاصصة بين الأحزاب والفرقاء الناس لا يتطلعون لمثل ذلك التقاسم ولا يقترب من آمالهم قيد أنملة كما أنهم لا يختزلون ثورة التغيير في تبديل وجوه جديدة ولم يقدموا ما قدموه من تضحيات وقرابين لتصعد الوجوه الجديدة وتنال منزلتها الرفيعة فقط لمجرد أن يستعذبوا لخطاباتهم وحكاياهم المثخنة بالإخفاقات ولا حاجة للعيش بقيمته الكاملة ولا داعي للأمن أو الاستقرار.
يوم أن أفرط الناس في فرحتهم بتشكيل حكومة وفاق وطني وبالغوا في تسطير الآمال تجاه ما يمكن أن تقوم به لا سيما وهي تحظى بدعم دولي مالي وسياسي ومساندة شعبية دون أن يظن أحد حتى في ظل المناخ المشدود أن تتباطأ أو تتوانى عن إبراز كامل قدراتها وجدارتها فبرغم تلبد الظروف التي أنتجتها إلا أن القناعات ظلت راسخة في امتلاك الحكومة ما لم تمتلكه سابقاتها كونها حكومة ثورة وشعب يقف العالم وراءها وطبيعي أن تشهر جرأتها وبيدها عصى التغيير لتفض بها جمود القوانين وغشاء الروتين فلها من الإرادة ما للشعب من إرادة تفشل أمامها أية قوة تتربص بها وتناور لإحباط قراراتها إن كانت كفؤة وجديرة بالمهمة.
يوم أن بالغ الناس في شحذ هممهم للمشاركة في الانتخابات الرئاسية بتلك الحماسة لم تكن المسألة مجرد لحظة وعي مترف أو أنهم يعيشون رفاهية عالية وليس لهم من هم إلا ممارسة الحق الديمقراطي ما دفعهم لذلك هو الخوف والحب والرجاء لإنقاذ البلاد قبل أن تتورط في احتراب داخلي حمية وغيرة بريئة حملت من الصدق والرغبة ما دفعها لإسعاف مقومات الدولة ونسيج المجتمع حين أصبح على وشك الانهيار.
يوم أن ظن الناس أن الفرقاء امتلكوا إرادتهم الحقيقية وطووا صفحة الماضي اعتقد الناس جميعا أن جرس الإغلاق زمجر في وجه الأزمة وأوقفت مؤشرات انحدارها وأعلنت نهاية سيناريوهات الابتزاز ولي الأذرع وبيد الحكومة أن توقف كل أشكال البؤس والمعاناة من يومها حتى اللحظة لا جديد إلا أن الناس يعيشون الأزمة بكل تفاصيلها.