الأسعار ومفهوم العدالة الاجتماعية

أحمد يحيى الديلمي

 - كان المقيل مفعما بالحيوية والنقاشات الجادة على خلفية الانتصارات التي حققها الجيش واللجان الشعبية على قوى الشر والظلام في محافظة أبين
أحمد يحيى الديلمي –
‮ كان المقيل مفعما بالحيوية والنقاشات الجادة على خلفية الانتصارات التي حققها الجيش واللجان الشعبية على قوى الشر والظلام في محافظة أبين.
حدث اتفاق ضمني على تجاوز أعباء ومشاكل الأمس والتركيز على اختبارات المستقبل وما تحمله من آمال وتطلعات فجأة بدون مقدمات تكهرب الجو واكفهرت الوجوه بمجرد سماع خبر اجتماع رئيس الوزراء بالتجار ورجال الأعمال وأنهم تبرعوا بمبلغ تسعين مليون ريال لمنكوبي أبين قال احد الحاضرين مسكين الأستاذ باسندوة لا يدري أنه فتح أبواب جهنم على الملايين من أبناء الشعب وأن هذه الملايين ستتحول إلى مئات ويتحملها المواطنون البؤساء وأضاف آخر المشكلة أن الخطوة جاءت قبل قدوم شهر رمضان الموسم السنوي الذي اعتاد فيه التجار على رفع أسعار السلع الأساسية المرتبطة باحتياجات الناس في الشهر الكريم هذا يعني أننا سنقدم على كارثة نسبة الدفع ستتحول إلى نطاقين الأول النسبة المقدرة لشهر رمضان والثاني للتعويض واستعادة التبرع خمسة أضعاف وختم قائلا أفضل وصف ينطبق على تجارنا الأكارم قول الشاعر:
ومطعمة الأطفال من كد فرجها
لك الويل لا ولا تزني ولاتتصدقي …
حاولت أن أتدخل للتخفيف من حدة الكلام إلا أن كلامي قوبل بالصد وعدم الاهتمام بل إن أحد الحاضرين قذفني بتهمة التواطؤ وبدت لي ملامح الامتعاض بوضوح في أسلوب المتحدث الثالث دكتور جامعي احترمه كثيرا لأن كلامه منطقي دائما يعززه بوقائع وأرقام لا يرقى إليها الشك استدار نحوي بطريقة انفعالية ليخصني بالحديث ليوحي لي أني وحدي المعني بما سيفصح عنه قال بانفعال عفوا يا أخي هذا الأسلوب عودنا عليه التجار نصورهم الفئة الوحيدة المستفيدة مما يحدث في هذا الوطن المنكوب من مآسي وكوارث للأسف الدولة رفعت يدها وأطلقت لهم العنان للتحكم في شأن السوق منذ انتهجت الاقتصاد الرأسمالي الحر.
الإشكالية أن التجار تعاملوا مع النظام ومفهوم الحرية بمنطق انتهازي مجرد من الصفات الإنسانية والمسئولية الاجتماعية بما في ذلك المشاركة الفاعلة في التنمية وبناء القدرات الذاتية للوطن تجاهلوا كل شيء وركزوا على مفرطة الحرية وتعاملوا معها بوحشية وأسلوب مقزز جعل الربح بأبعاده المجحفة هو الوسيلة والغاية والهدف رفعوا الأسعار إلى عشرات الأضعاف وتحكموا في أقوات الناس دون أي احترام لأحكام الدين وحقوق المواطنة وما تفرضه من قيم والتزامات تجاه الآخرين بصراحة التاجر في بلادنا لا يحترم أي إنسان إلا إذا كان يرتجي منه مصلحة وهو احترام نفعي مصدره الخوف والرغبة في إفساد الضمائر وشراء الذمم وفق هذه الثقافة يجنون المكاسب والأرباح الخيالية بشراهة ونهم شديدين.
لا تذهب بعيدا عد إلى الوراء قليلا وستلاحظ أن الأسعار ارتفعت بمعدل 75-100% منذ اندلاع شرارة الثورة حتى بعد غياب المبرر وعودة سعر الدولار إلى ما كان عليه قبل الثورة ظلت أسعار السلع عند نفس المستوى الذي ارتفعت إن لم تزدد نسبة الارتفاع والمواطن المسكين يتحمل كل التبعات دون أن يجد مغيثا أو منفذا الجهات المعنية تصم أذنيها وكأن الأمر لا يعنيها فنخضع للأمر الواقع لا أخفي أن الكلام أفزعني والتزمت الصمت لكي لا أضع نفسي موضع التهمة.
شردت بذهني بعيدا عن المكان استحضر كلمات للمرحوم الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني في مشهد مماثل اجتمع بالتجار لنفس الغاية طلب التبرع لا أتذكر السبب إلا أني لم أنس كيف ختم كلمته حيث قال يجب أن يعرف الجميع أن التبرع طوعي يندرج في أعمال الخير أما إذا كان يفكر أن يضيف ماتبرع به فوق السلع فلا داعي للتبرع لا يجب أن نثقل كاهل المواطن أكثر مما هو مثقل الصورة برمتها مخيفة تتطلب من التجار أن يعودوا إلى رشدهم وإلا فالعواقب ستكون وخيمة لا سمح الله فيندموا حين لاينفع الندم.
القضية يجب أن تكون الهاجس الأكبر والمهمة الوطنية الملحة أمام حكومة الوفاق الوطني ولتحتل قائمة أولوياتها باعتبار الأمن ببعديه الحمائي والغذائي مهام مقدسة على ما سواهما كأهم المطالب المجتمعية التي تلامس حياة المواطن اليومية ولا بد أن تأخذ موقع الصدارة في المشروع الوطني لإرساء دعائم النظام المؤسسي للدولة لتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية في جوانب الحياة المختلفة.
ولنا أسوة بالإسلام فلقد باهى القرآن الكريم بالأمر وامتن على قريش قائلا: «الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف» لأهمية الموضوع سأحاول الحديث عنه وباستفاضة إن شاء الله تعالى.

قد يعجبك ايضا