ليست ماليزيا ..
–
نبيل حيدر
* عندما أعلن البنك الدولي أنه عين هيئة استشارية للتنمية في اليمن وضمنها مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي الأسبق ومحقق نهضة ماليزيا طربت وفرحت كون مهاتير سيكون معنا . بعد فترة استعدت وعيي واستفقت على حقيقة غير لطيفة مفادها أن من سيكون معنا في أي خطوة نحو الأمام يلزمه أن نكون نحن مع أنفسنا أولا ومن ثم يأتي عضده . وقد ترجم ذلك مهاتير خلال زيارته لليمن التي انتهت الخميس الماضي بعبارة فصيحة لا تقبل الإلباس أو اللبس : « إحداث تنمية حقيقية في اليمن يتطلب من الحكومة التركيز على تحقيق الأمن « .
* مهاتير قال جزءا من كل ما تتطلبه التنمية في اليمن لكنه حدد أول وأهم ركيزة نحتاجها وهي الأمن الذي لا يزال عكازا ولا يزال مطويا في سجلات المجهول ويتطلب إجراءات فاعلة لا شكلية أو رمادية منثورة على العيون . اليمن ليست ماليزيا في استقرارها الداخلي وفي طبيعة التضاريس السياسية المنبسطة والواضحة وبالتالي فالعزيز مهاتير لن يستطيع مع خطة نهوضها طولا حتى تتحقق أشياء عديدة إلى جانب الأمن منها توفر المعلومات الواضحة والدقيقة عما يوجد هنا من حجر وبشر , ومنها كسر رأس الاحتكار الاقتصادي الذي يعاشر الاحتكار السياسي والنفوذي منذ عقود ومنها أيضا الالتزام بالإشارة الحمراء عندما تكون مضيئة وعدم كسرها في الشارع وفي المؤسسة وفي التعامل مع الآخر المختلف وفي تطبيق القوانين التي لا يزال كثير منا يتغزل بها غزلا فقط .
لا يوجد شيء مستحيل ولا يوجد بلد خال من العقول المفكرة والمخططةالمستحيل الحقيقي تحقيق نهوض وتنمية بعقول تعاقر السياسة والمحسوبية والحزبية ولا تعرف غيرها ولا أدل على ذلك من التجاذبات الحالية حول إعادة تشكيل هيئة مكافحة الفساد والتي تريد الأحزاب ومعها من معها من الموقعين على المبادرة الخليجية إخضاعها للتقاسم السياسي فيما الأصل أن هذه الهيئة مستقلة وبعيدة عن كل الحسابات إلا حسابات المهنية والكفاءة والنزاهة .
* وإذا كان ولا بد من مهاتير وأردوغان وغيرهما من صناع نهضة البلدان فيجب أن نستعين بهما وبغيرهما للمساعدة على فك الارتباط بين (التناحة ) التقليدية وبين عقول من يسمون بالسياسيين في هذا البلد وعندها سنكون لهم من الشاكرين وسيكون أبناء هذا الوطن قادرين على النهوض والتنمية فالتفكير الإيجابي متوفر على الضفة الأخرى من العقل ومن ضفة التفكير السلبي المسيطر حتى الآن.