الهادي المنتظر.. فخامة لا تخذلوها
علي ربيع
علي ربيع
علي ربيع
> قرابة ثلاثة أسابيع فقط تفصلنا عن الانتخابات التوافقية المبكرة كل يوم يمر علينا كأنه دهر وكل دقيقة تنقضي كأنها سنة قد يكون لكل إنسان قناعاته تجاه كل ما حدث ويحدث في اليمن لكن الغاية التي ينشدها اليمنيون واحدة الخروج من عنق الزجاجة وتنفس الصعداء ومهما يكن رأي المقاطعين أو الرافضين للتوافق السياسي الذي أدى إلى صندوق الانتخابات التوافقي فمسؤوليتهم الوطنية في حدها الأدنى تقضي عليهم اليوم عدم الانخراط المتعمد في زرع حوائط الصد أمام إنجاز التوافق.
> وسواء أكانت صخور التعثر يدحرجها غليان العواطف البريئة وانفعالاتها أم خبث السياسة وعفاريتها لم يعد في حصالة الصبر فائض نزهة للمعارك الوهمية ولا في جعبة الوقت متسع للمهاترات العدمية اليمن الآن في سباق مع كينونة مهددة بالتلاشي يجب إنقاذها تحت بند الطوارئ الملحة وتلك هي أول خطوة باتجاه تحقيق برنامج التغيير المثقل بملفات في غاية الحساسية والخطورة التوقف عند الهامشي من القضايا لن تستفيد منه سوى المشاريع التفتيتية والمتطرفة التي توشك أن تلتهم اليمن من أطرافها وأخشى ما نخشاه أن توغل الأطراف المتصارعة في ابتكار مثل هذه المعارك حتى إذا أفاقوا منها لن يجدوا من اليمن سوى أشلاء متمترسة في بؤسها تتربص ببعضها ولاعلاقة لها بالطحين الناتج عن معارك نخب صنعاء السياسية ولا يعنيها عجين قواها المتنفذة.
> أقول هذا وأنا مستبشر بالغد القريب وخائف منه في الوقت ذاته مستبشر بأن هناك خارطة طريق واضحة المعالم سيؤدي سلوكها إلى إنقاذ السلم الاجتماعي والحفاظ على اللبنات الرئيسة المكونة للدولة ومن ثم البدء من جديد وخائف لأن الواقع الرسمي للجغرافيا السياسية هش جدا وغير قائم بذاته ويتحكم فيه واقع فسيفسائي متنافر للمكون الاجتماعي وما لم تصبح العلاقة بين الواقعين في أدنى درجات الانسجام المقبول فلا أتوقع أن يتحقق أي تغيير ملموس سوى إتاحة المسرح العبثي لإنتاج فصول جديدة من صراع العصبوية الجغرافية الجائرة.
> سنؤمل أن تأتي رياح السياسة بما تهوى نفوس اليمنيين و نؤمل أن يكون هادي رجل الفخامة الوطنية الخالصة التي تضع النقاط على الحروف وتنتصر لقيم التغيير الحقيقية التي تنتظر قطوفها أجيال جديدة تبحث عن الكرامة الإنسانية والمستقبل الأفضل على هذه الرقعة من الأرض التي ظلمتها الجغرافيا وظلمتها الأبجدية ـ كما قال أحد محبيهاـ ولم تنتصر لها في كلتا المظلمتين أي إرادة سياسية حقيقية.
> ربما تكون الأحزاب والقوى الموقعة على الاتفاق السياسي قد حسمت أمرها في ما يخص الانتخابات التوافقية المبكرة لكن السؤال هو ما مدى حماسها للدفع بقواعدها للذهاب إلى صناديق الاقتراع أتمنى شخصيا أن أرى جهدا واقعيا على الأرض يؤكد جديتها ويعطيها المصداقية على الأقل في نظر المرشح التوافقي والجهات الراعية لهذا الاتفاق نعم قد يقاطع الحوثيون هذه الانتخابات تحت أي مبرر وهذا حقهم لكن ليس من حقهم أن يحولوا بين إرادة المواطنين والذهاب لصناديق الاقتراع في المناطق التي تقع تحت نفوذهم وكذلك الحال بالنسبة لقوى الحراك المختلفة في المحافظات الجنوبية غير أني لست متأكدا تماما بخصوص أبين والمناطق التي تسيطر عليها جماعة أنصار الشريعة ولا أدري هل لديهم أي فائض من المساحة للتعاطي مع مثل هذه النصيحة ¿
> هادي وفقا لهذه الانتخابات سيكون الرئيس التوافقي الدستوري وأعلى سلطة يعترف بها العالم في اليمن بغض النظر عن عدد أصوات الناخبين التي سيحصدها لكن من غير الأخلاقي أن نخذل الرجل بأي حال من الأحوال فكم الأصوات سيمثل في بعده المعنوي قوة إضافية يستحقها (الهادي المنتظر) في مواجهة عملية ولادة صعبة ومتعسرة لواقع سياسي مختلف وفي ظل ظروف استثنائية تتطلب منه إظهار أقصى ما يمكنه من الشجاعة والصبر والمسؤولية المتفانية في سبيل أن تنتصر اليمن وينهض اليمنيون بشتى انتماءاتهم لتحقيق مقاصد التغيير وكل الأحلام الكبيرة المؤجلة سواء تلك التي عجزوا عن تحقيقها أو تلك التي لم تتح تحقيقهم لها التقليدية البشعة التي كانت تعتنقها الأدوات السلطوية الحاكمة المنفرطة.