
لقاءات /عبدالعزيز رياض شمسان –
< نقيل يسلح شهد معركة طاحنة توجت بفك حصار صنعاء
< شاركنا في معارك الدفاع عن الثورة حتى تحقق الانتصار العظيم
< يوم إعلان قيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962م عمت الفرحة الكبرى كل أرجاء الوطن
< المؤتمر العمالي بعدن أرسل قوافل من المتطوعين لدعم ونصرة الثورة السبتمبرية < هاهو شعبنا اليمني يحتفل بالعيد الخمسين لثورة 26 سبتمبر الخالدة , هذه الثورة الإنسانية التي جاءت للقضاء على الحكم الإمامي الكهنوتي وإخراج الشعب من نفق الظلام والظلم والفقر والتخلف والمرض إلى آفاق واسعة من الحياة الزاخرة بالنور والتقدم والنماء المضطرد ..
وبهذه المناسبة الوطنية العظيمة حرصت صحيفة (الثورة ) على إجراء لقاءات صحفية مع عدد من الإخوة المناضلين الأبطال من أبناء المحافظات الجنوبية الذين شاركوا إخوتهم في شمال الوطن دعم ونصرة الثورة السبتمبرية الخالدة , حيث تحدثوا عن أين كانوا عند قيام الثورة السبتمبرية والمشاعر التي انتابتهم حينها , والدور الذي قاموا به في دعم ونصرة الثورة السبتمبرية الخالدة وهاكم حصيلة اللقاءات :
إدارة العمليات الحربية
< الأخ / المناضل العميد عبدالوهاب ثابت عبده نعمان:
– عندما أعلنت إذاعة صنعاء نبأ قيام ثورة 26 سبتمبر الخالدة في 1962م كنت آنذاك أعيش في عدن , ولكم غمرت الفرحة والسعادة كل اليمنيين في الداخل والخارج , وشعرت بالفخر والاعتزاز وقررت ضرورة المشاركة في دعم ونصرة الثورة السبتمبرية وسافرت فوراٍ إلى تعز ثم إلى صنعاء , والتحقت بالدراسة في الكلية الحربية وفي نفس الوقت شاركت مع مجموعة من الزملاء الدارسين بالكلية الحربية في عدد من معارك الدفاع عن الثورة والجمهورية وذلك ضد فلول الملكيين والمرتزقة الأجانب الذين كانوا يحاولون إجهاض الثورة المجيدة , ولولا الروح المعنوية العالية وبمساندة مصر وروسيا والصين والجزائر وسوريا , التي ذاقت حلاوة الثورات في شعوبها ولولا بزوغ شمس الحرية فيها لاستمرت المعارك سنوات طويلة , فكانوا حينها يلقون بعجزهم على وجود القوات المصرية , وحيناٍ على القبائل اليمنية المؤيدة للإمام « البدر « لعدم قدرتهم على القتال ولعدم نيلهم التدريب القتالي الكافي , وكأنهم تناسوا أن الروح المعنوية والإيمان الراسخ في نفوس قواتنا الباسلة هي التي أدت إلى النصر الكبير للثورة , وفي عام 1665م وبعد أن أخذت دورة المدرعات حاولت بريطانيا احتلال البيضاء وحريب بدفعها طائراتها المقاتلة من نوع « هنتر « ودفع قوات جنوبية مما يسمى ب» جيش الجنوب « وقامت بقصف البيضاء عندما كان محافظ البيضاء « حسن الشوذري « من ضباط الثورة وقائد اللواء « عيدروس القاضي « , وكلفاني بإدارة العمليات الحربية , وكان الزميل « الضوراني « قائداٍ للدبابات , واستمرت المعارك لمدة « 15 « يوماٍ , وفي الأيام الخمسة الأولى من المعارك الضارية , فكرت في شن هجوم مضاد على مدينة مكيراس , أخذاٍ بعين الاعتبار في الدرجة الأولى القيام بحرب العصابات , لعدم توفر الأسلحة الكافية لدينا , أذكر يومها أننا كنا نطلب من إخواننا الطيارين المصريين أعتراض الطائرات البريطانية , إلا أن طلبنا كان يقابل بالصمت والإهمال معاٍ , ولم نيأس وظللنا صامدين في مواقفنا حتى أنهم أوقفوا القصف وأمروا قواتهم بالعودة إلى ثكناتهم في مدينة مكيراس , وحينها أدرك البريطانيون أن الثورة اليمنية لم ولن تهزم بالقتال , وكانت عودتي إلى صنعاء إثر انفجار المصفحة التي كنت أستقلها مع أربعة من الجنود في تمام الخامسة صباحاٍ ونحن نازلون من جبل « العظمية « متوجهين إلى قيادة العمليات في البيضاء لوضع لغم للدبابات وضعه (عبيد الرصاص ) الذي كان موالياٍ للإمام وبريطانيا معاٍ , ثم سنحت الفرصة الأخيرة للقوات الملكية بعد انسحاب القوات المصرية عام 1967م من شهر يوليو وأغسطس , حينها كنت مدرساٍ في الكلية الحربية واستلم العميد « سلام الرازحي « مدير الكلية الحربية أمراٍ بأن على طلاب الكلية الحربية احتلال مواقع المصريين في جبل « نقم « وكان عدد القوات المصرية حوالي ألف جندي وصف وضابط , بينما لم يتعد عددنا « 300 « طالب , وبدأ الطلاب في التوجه لاحتلال المواقع الدفاعية الموجودة في الجبل وإنشاء مواقع أمامية جديدة فيه , والغريب في الأمر هو القيام بحركة 5 نوفمبر 1967م ضد المشير « السلال « وآخرين من ضباط الثورة , الذين كانوا موالين للمصريين وتصريحهم لوكلات الأنباء الغربية والأجنبية بأن صنعاء ستسقط وأن القوات الملكية ستعيد الإمام « البدر « وإخوانه إلى قيادة البلاد , معللين أقوالهم بأن عدد الضباط الموجودين في صنعاء لا يتجاوز « 300 « ضابط من ذوي الرتب الصغيرة وأن عدد الجنود لا يتجاوز « 25 « ألف جندي وصف وضابط , وأن الذخيرة والأسلحة الموجودة في مخازن الأسلحة بالقلعة لن تدوم أكثر من شهر , وقد سمعنا هذا في الإذاعة المصرية , وكذا الأردنية و البريطانية , مما زاد فينا العزم أكثر وأكثر على النصر , خاصة عندما وجدنا تجاوباٍ كبيراٍ من الشعب في صنعاء نحو البقاء والنصر, وحينها كنت في مدينة الروضة داخل الكلية الحربية , ومعي حوالي (45) جندياٍ و10 طلاب, حيث اخترت من هؤلاء إضافة إلى الطلاب العشرين من الجنود الإداريين وتم تدريبهم على أساس القيام بحرب العصابات ضدِ قوات المرتزقة, وفي نفس الوقت القيام بدوريات ليلية على مدينة الروضة بعد أن وصلت إلينا أخبار بهروب بعض سكان الروضة وانضمامهم إلى القوات الملكية, وسميت بـ(سرية العاصفة), التي أجادت شن هجمات متكررة على مواقع الملكية, وتم أخذ الأسرى والأسلحة الثقيلة والخفيفة من مواقعها, وهنا أشيد بالأدوار البطولية التي قاموا بها, وأذكر – على سبيل المثال:- احمد عامر حسن, والمحبشي, ويحيى أبو لحوم, وأحمد علي الماوري وغيرهم, وكنت آخذ الأسرى مع الأسلحة التي استولينا عليها وعرضها في ميدان التحرير لغرض رفع الروح المعنوية لسكان صنعاء, وفي نفس الوقت توجيه إنذار لكل من تسول له نفسه الهروب للانضمام إلى القوات الملكية ومعها المرتزقة, وكنا نتمنى أن يدوم الحصار أكثر من (70) يوماٍ حتى نضمن بناء أساس قوي وصلب وراسخ كرسوخ الجبال لتثبيت دعائم الثورة المباركة, ثورة 26 سبتمبر الخالدة, وقد أدرك السياسيون والبريطانيون والمحللون العسكريون أن خططهم انكشفت واستطاعوا أن يسيروا إلى اللعبة السياسية, خاصة بعد أن بدأ الشيخ أحمد عبدربه العواضي ومعه حوالي مائة جندي من المظلات, وبمساندة المشائخ الأحرار مثل: حمود الصبري, والمطري, بترك الكفاح المسلح واستخدام السياسة طويلة المدى, وكذا فتح طريق تعز – صنعاء, التي تم فتحها من قبل أبطال التحرير وبقيادة كل من: محمد عبده نعمان, وهاشم عمر,وسالم يسلم الهارش وبدعم من المدفعية والمدرعات, وقد خاضوا معركة طاحنة في نقيل يسلح استشهد فيها خمسة من أبطال التحرير, أذكر منهم: هاشم عمر, وسالم يسلم الهارش, وحينها أدرك الملكيون وسادتهم أنهم غير قادرين على هزيمة الصناديد الجمهوريين بقوة السلاح, وبدأوا بطرح الورقة السياسية في الملعب, حيث كانت الغلبة لثورة 26 سبتمبر الخالدة, إلا أن القيادة لم تستغلها كاملة لصالح الثورة والشعب اليمني, وبدأت السياسة لعبتها, حيث قاموا بإشعال الفتن الداخلية في بعض وحدات القوات المسلحة, مما أدى إلى أحداث أغسطس من عام 1968م, ثم نفي حوالي 22 ضابطاٍ إلى الجزائر, وكان أكثرهم قادة لتلك الوحدات, وبعدها تمت اتفاقية الهدنة والمصالحة وعودة الملكيين إلى صنعاء, وقد أتيح لهم الوضع حينها لتولي مناصب هامة في الدولة, سواء في المجال المدني أو العسكري.
وأخيراٍ ونحن نحتفل اليوم بالعيد الخمسين للثورة السبتمبرية الخالدة لا بد لنا من وقفة إجلال وإكبار نترحم فيها على شهدائنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم الطاهرة فداء للثورة والوطن من أجل تحقيق المنجزات الوطنية التي ينعم بها شعبنا اليوم.. كما يتوجب على الجميع العمل على تعزيز روح الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن اليمني الواحد, والحفاظ على مكاسب وسيادة ووحدة الوطن وأمنه واستقراره.. وكل عام واليمن بخير.
دعم ونصرة الثورة