
مجاهد القهالي –
ارتبطت حركة المغتربين اليمنيين وهجرتهم منذ القدم بالدعوة الإسلامية ونشر مبادئ الدين الإسلامي الحنيف وبالفتوحات الإسلامية¡ وكذلك بوحدة نضالهم الوطني سواء كانوا من الجنوب أو من الشمال¡ لم يكن يفرق بينهم وبين نضالاتهم إلا الاستعمار في الجنوب والإمامة في الشمال ورغم ذلك فقد وحدوا نضالاتهم وحركاتهم التحررية – والوطنية وعملوا معا◌ٍ في نضال متصل حتى تحققت أهداف نضالهم في مواجهة الاحتلال الاستعماري ومواجهة النظام الإمامي وحتى تحقيق الوحدة اليمنية وبناء اقتصادها الوطني المتحرر من التبعية¡ لعل من أبرز ما يمكن للمرء تذكره تلك النضالات والمساهمات الوطنية التي اجترحها المغتربون اليمنيون لدى انضمام الكثيرين منهم إلى ما كان يسمى الاتحاد اليمني والذي نشط خلال الأربعينيات في عدد من التنظيمات الوطنية والأحزاب السياسية والعمالية في عدن¡ أو في إطار الجمعية اليمنية الكبرى¡ ثم قيام عدد من الجمعيات الخيرية والنقابات العمالية التي عملت على تغطية حل نشاط سياسي للمهاجرين والمغرتبين الذين ظلوا طيلة فترة عملهم ونضالهم الوطني يسهمون بدور فاعل في قيام الاتحاد اليمني وفي النضال الوطني اليمني دون نظر إلى التقسيم الذي فرضه الاستعمار والسلاطين والأئمة داخل الوطن فكان الاتحاد اليمني أساسا◌ٍ لنضال المهاجرين والمغتربين من الأحرار الذين أجبرتهم الظروف الاقتصادية والاجتماعية والأوضاع السياسية على الهجرة هربا◌ٍ من القمع والاستبداد والتخلف.
كان الاتحاد اليمني أول تجمع سياسي وطني للمغتربين والمهاجرين من المناضلين الوطنيين الذين كرسوا حياتهم للكفاح ضد الاستعمار والإمامة.
وقد تأسس هذا الاتحاد من عدد من أبرز القيادات الوطنية التي عملت على نشر العلم والثقافة وبث الروح الوطنية بين المهاجرين والمغتربين ومنهم الأستاذ أحمد محمد نعمان وزميل كفاحه القاضي والشاعر الوطني محمد محمود الزبيري¡ والشيخ عبدالله علي الحكيمي والمناضل محسن العيني والمناضل عبدالغني مطهر ثم انضم إليهم عدد آخر منهم المناضل يحيى حسين الشرفي والمناضل أحمد عبده ناشر وآخرون غيرهم عملوا جميعا◌ٍ على توفير الدعم الذي تحتاجه الحركة الوطنية اليمنية وتوفير المال والسلاح من جهة ومن جهة أخرى عملوا على مواصلة النضال والاتصال بأصدقائهم وزملائهم من العناصر الوطنية ذات التأثير في الداخل من عسكريين ومدنيين لنسج علاقات نضالية والارتباط مع بعض العناصر الحزبية والموظفين لدى الإمامة أو لدى المستعمر أمثال القاضي عبدالرحمن الإرياني والقاضي عبدالسلام صبرة والعقيد حسن العمري والنقيب محمد قائد سيف ومحمد مهيوب ثابت وعبدالقوي حاميم وغيرهم ممن عملوا على تنظيم نشاط الاتحاد الذي تحول فيما بعد إلى اتحادين يعمل أحدهما ضمن الأحزاب الوطنية والتنظيمات السياسية والعمالية في عدن ولعل الثاني ضمن الجمعية اليمنية الكبرى لكن نشاط الاتحادين ظل متميزا◌ٍ بروابط كفاح مشترك لا تنفصم عراه أبدا◌ٍ من أجل التحرر والوحدة.
بدأ المغتربون اليمنيون والمهاجرون نضالهم الوطني منذ أوائل اضطرارهم للهجرة والابتعاد عن الوطن بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والقهر الاجتماعي والسياسية التي فرضتها الإمامة والاستعمار كالعزلة وفرض واقع الاحتلال والاستمرار في تقسيم اليمن¡ وإبعادها عن محيطها القومي العربي وعن التطورات الجارية في العالم.
من خلال اتحادهم – الاتحاد اليمني- واصل المهاجرون اليمنيون نضالهم وكفاحهم الوطني بمد قيادة الاتحاد بالمساعدات الممكنة من المال والسلاح وتمكنوا من دعم وافتتاح مدرسة بلقيس في عدن التي قام بتأسيسها المناضل الأستاذ أحمد محمد نعمان الذي عرفه زميل نضاله الشاعر محمد محمود الزبيري ووصفه بأنه الصانع الأول لحركة الأحرار اليمنيين والتي أسميت بكلية بلقيس وقامت بدعم من المغتربين الذين كانوا يبعثون بتبرعاتهم إلى الأستاذ النعمان في عدن بعد أن أنشأ هذه المدرسة لتعليم أبناء الريف من الشمال ومن الجنوب ممن كانت سلطات الاحتلال تمنع دخولهم ودراستهم بالمدارس الحكومية والذين لم يحصلوا على شهادات ميلاد من سلطات الاستعمار والإدارة البريطانية (المخلقة) ولم يكونوا يعتبرونهم من مواطني حكومة الاستعمار أو ما كانوا يسمونهم أبناء عدن أو من أبناء المحميات القريبة المرتبطة بالحكومة الاستعمارية آنذاك.