
تحقيق/ أحمد الطيار –
{على غير العادة لم تسجل في امانة العاصمة أية حالة نقص في امدادات اسطوانات الغاز في ايام اجازة العيد الحالي بل بالعكس لاول مرة يكشف الواقع الميداني أن الطلب على اسطوانات الغاز المنزلي بالعاصمة صنعاء في ادنى مستوى له على الاطلاق ومع ذلك لم تستجب الاسعار وتتجه للتراجع عن 1500 ريال للأسطوانة رغم الكساد الواضح في الطلب لدى الموزعين سواء التابعين لشركة الغاز الحكومية او شركات التوزيع الخاصة الجدية.
وتشهد السوق اليمنية حاليا تتعددا في الاسعار من محافظة الى اخرى ومن مدينة لأخرى نتيجة لتعدد المزودين للسوق بها بعد دخول شركات حديثة من القطاع الخاص العملية التسويقية للاسطوانات واضحت تنافس الشركة اليمنية للغاز دون هوادة الامر الذي اوجد تناقضا في الاسعار فهناك من يبيع 1200 لمحافظات قريبة من مارب و1400 ريال لغيرها فيما تباع بأمانة العاصمة بـ1500 ريال للاسطوانة وهو ما يثير استغراب المواطنين من فوضى الاسعار السائدة من جهة والاسعار المرتفعة من جهة اخرى .
استقرار
يؤكد اصحاب المعارض في العديد من الاحياء أن معارضهم لا تعاني اطلاقا من عجز في الامدادات بالاسطوانات الممتلئة بالغاز المنزلي ويقولون انهم لم يشهدوا منذ اشهر أي نقص في الامدادات مطلقا فالاسطوانات متوفرة بالكميات الكثيرة ويتساءلون عن سر اختفاء المشترين فلم يجدوا طلبا كالذي حصل في رمضان ويقول محمد صالح الاهنومي صاحب معرض يتبع القطاع الخاص: إن الطلب حاليا خلال الاجازة العيدية ضعيف جدا وبالكاد يتم بيع 15 اسطوانة في اليوم رغم اننا عادة نبيع 50 دبة في اليوم على الاقل خلال الايام العادية ويلفت محمد الى أن توفر اسطوانات الغاز لدى المعارض كافة وظهور السيارات المتنقلة التي تبيع للناس في الشوارع جعل مسألة وجود نقص في السوق مستحيلة وهذا هو الذي جعل الطلب مستقراٍ والعرض هو الاكثر.
شركات خاصة
ميدانيا لم يعد السوق اليمني يشهد أي اختناقات في امدادات الاسطوانات نظرا لدخول شركات حديثة عملية التعبة للاسطوانات بمحافظة مارب وتسويقها بالعاصمة صنعاء ومحافظات اخرى وهو ما وفر كميات تصل لأكثر من 60 الف اسطوانة في اليوم لصنعاء وحدها وهو الرقم الذي كانت تقوم بتوفيره الشركة اليمنية للغاز قبل احداث العام الماضي وقد مهد دخول شركات القطاع الخاص كمزود للاسطوانات للسوق استقرارا في الكميات المطلوبة لكن الاسعار ارتفعت 50% عما كانت عليه رسميا من قبل شركة الغاز وهذا محل شكوى المواطنين .
الاستهلاك
تستهلك السوق اليمنية من الغاز المنزلي يوميا نحو 24600 برميل فيما تستهلك امانة العاصمة وحدها حوالي 80 الف اسطوانة في اليمن توفرها حاليا محطات وشركات تتبع القطاع الخاص وحسب احصائيات الشركة اليمنية للغاز يقوم القطاع 18 بمارب بتغطية 22000برميل يوميا فيما بلغت مساهمة مصفاة عدن 2600برميل يوميا بينما بلغت الواردات الموسمية 250000 برميل خلال العام 2010م .
الانتاج الخاص
ونظرا لقيام الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال بتزويد محطات التعبئة الخاصة بمارب بالغاز الطبيعي وفقا لاتفاق عقد مع شركة تنمية المحدودة لبناء مشروع وحدة جديدة لتخزين الغاز المنزلي في محافظة مارب بجوار وحدة الإنتاج المركزي رقم 2 والتي تم انشاؤها من قبل الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال في القطاع 18بمشاركة شركة صافر و هوك بيركسان منتصف العام 2010م قامت كل من الشركة اليمنية للغاز (الحكومية) وشركة صافر بتشغيل المشروع والبيع للمحطات الخاصة وبدء تزويد السوق بالاسطوانات عبر شركات القطاع الخاص منذ منتصف العام الماضي 2011م ووفقا للشركة تساهم هذه المنشآت الجديدة في زيادة إنتاج الغاز المنزلي بنسبة (21.000) برميل يوميا ابتداء من صيف العام 2012م .
المنافسة
مكن توفر الغاز المسال في مارب فرصة لقيام شركات تتبع القطاع الخاص بعملية تسويق وبيع وتوزيع اسطوانات الغاز المنزلي ومن هنا دخلت مسألة تسويق اسطوانات الغاز مرحلة تنافس على السيطرة على سوقها الكبير بين الحكومة ممثلة في الشركة اليمنية للغاز والقطاع الخاص اليمني المنتج للغاز من محطات تعبئة مارب وقد نشأ بالعاصمة صنعاء سوق في شارع خولان متخصص ببيع اسطوانات الغاز عبر سيارات نقل كبيرة ومتوسطة تبيع للمعارض وللمستهلين مباشرة.
تهديد
اسعار اسطوانات الغاز بصنعاء مستقرة عند 1500 ريال للمستهلكين وهذه الاسعار خاصة بالمزودين الذين يتبعون شركات ومحطات القطاع الخاص وهي اسعار مرتفعة كما يصفها المستهلكون على الدوام نظرا لأن السعر الرسمي للاسطوانة في معارض شركة الغاز الحكومية 1200 ريال لكنها مغلقة منذ ايام الاحداث التي مرت بها اليمن العام الماضي ولم تفتح ابوابها حاليا.
وخلال شهر يوليو الماضي كانت شركة الغاز تعتزم فتح جميع معارضها بالعاصمة صنعاء والبيع بسعر 1200 ريال للاسطوانة ويقول مسئول بشركة الغاز رفض الكشف عن اسمه: اثار اعلان الشركة استئناف العمل بمعارضها المنتشرة بصنعاء مخاوف شركات ومحطات الغاز التابعة للقطاع الخاص خصوصا وأن اسعارنا تنخفض عن اسعارهم بـ300 ريال وهذا دفعهم لإعلان حرب على شركة الغاز وصل للتهديد بإحراق المعارض إن تم البيع بالسعر الرسمي أي 1200 ريال للاسطوانة ولهذا لم نتمكن من البيع بالسعر الرسمي وكان هدفنا كسر احتكار النشاط الجديد لشركات تموين اسطوانات الغاز القادمة من مارب.
الامكانيات
ووفقا لرأي خبراء سوق انشطة وتجارة الغاز المنزلي في اليمن لا تستطيع الشركة اليمنية للغاز الوفاء بتعهداتها بتموين السوق اليمني بالأسعار التي تحاول البيع بها مستقبلا والسبب كما يقول المهندس حزام الاشول: يكمن في أن الشركة ليس لديها مصدر مضمون للإمدادات الغاز المسال لأن خط امداداتها من مارب يمكن أن يتعرض في أية لحظة للقطع ولهذا فالمجازفة بتحدي القطاع الخاص امر مبالغ فيه وليس في صالح المستهلكين اولا لأن حدوث أي نقص في المعروض ولو ليوم واحد سيعرض الاسعار للارتفاع مباشرة.
وفي نفس الاطار تعجز الشركات الخاصة والتي تزود السوق حاليا عبر محطات التعبئة في مارب من الوفاء باحتياجات السوق والسبب يعود الى انها لا تستطيع توفير سوى 60% من الاحتياجات للعاصمة صنعاء و100% للمحافظات القريبة من مارب ويرجع هذا الضعف الى سببين كما يقول المهندس فهد الرحبي كبير مهندسي إحدى شركات مارب الخاصة وهما أن اسطول النقل للشركات الخاصة هو اسطول بدائي بالدرجة الاولى فهم يعتمدون على مسوقين يمتلكون دينات كبيرة تسوق الاسطوانات الى شارع خولان ومن هناك توزع بسيارات نقل خفيف الى اصحاب المعارض والى نقاط التوزيع في الشوارع وهذا يؤثر على الامدادات بشكل كبير نظرا لظروف الطرقات والسيارات نفسها والعامل الثاني يعود الى ضعف قدرة محطات التعبئة الخاصة في مارب فهي محطات صغيرة نسبيا ولا تستطيع الوفاء 100% باحتياجات بلد كاليمن بأكمله.
تنافس غير متكافئ
عكس التنافس في السيطرة على سوق اسطوانات الغاز في اليمن وضعا غريبا من الناحية الاقتصادية فوفا للقانون لاتزال شركة الغاز هي المزود الوحيد لمادة الغاز المنزلي في السوق اليمنية كما أن ظهور الشركات الخاصة وامكانياتها الكبيرة في الامداد والتسويق للاسطوانات يقلق الخبراء خاصة وان هذا السوق يمتلك نشاطا يوميا يقدر بمليارات الريالات ويبدو أن رجال اعمال ونافذين في اليمن من الناحية القبلية والتجارية وراء الاتجاه نحو هذا السوق المربح ولو على حساب التعدي على القوانين واللوائح التجارية.
ويبدو أن شركة الغاز الحكومية تحس بألم من المنافسة غير الشرعية لها في السوق ولهذا رغبت في تخفيض اسعار اسطوانات الغاز الى مادون 1000 ريال حسب ما ذكر مسئول فضل عدم ذكر اسمه لـ” الثورة” لتباع للمستهلك بحدود 1100 ريال أي بأقل من 400ريال عن سعرها الحالي البالغ 1500 ريال وهو امر يراد منه هدفين الاول احداث خسارة مدوية لموردي اسطوانات الغاز القادمة من محطات التعبئة التابعة للشركات في مارب والثاني اعادة المستهلكين الى شراء اسطوانات الغاز عبر معارض شركة الغاز وبأسعار منافسة لكن نظرا للأوضاع الامنية الضعيفة وعجز الجهات الامنية عن ضبط المخالفين شكل ضغط الشركات الخاصة قوة رادعة لشركة الغاز عن الاقتراب من أي اسعار جديدة تنخفض عن السعر الذي تريد وهذا هو سبب عدم تراجع الاسعار.
وسائل النقل
يبدو أن معركة المنافسة على سوق تموين اسطوانات الغاز في اليمن ستحسم لمن يمتلك اسطول النقل المناسب لهذه السلعة وهذا ما تعول عليه شركة الغاز والتي تمتلك اسطولا من الناقلات للغاز في حدود 90 قاطرة وهو ما يؤكد انها تلعب بطريقة ذكية لإلحاق الهزيمة بشركات اقطاع الخاص والتي تفتقر الى القاطرات وتعتمد على الشاحنات الكبيرة والدينات للتوفير الاسطوانات عبر طريق مارب صنعاء الوعرة ويشير المهندس الاشوال الى أن شركات الغاز الخاصة كانت تزمع نقل الشاحنات عبر طريق البيضاء صنعاء ابتداء من مارب لكن التكلفة كانت مرتفعة ففشلت خطتها لاغراق صنعاء بالاسطوانات وبالتالي تخفيض الاسعار الى مادون 900 ريال.