أحمد محمد المقولي –
لم تعد مسألة تهريب الآثار والمخطوطات مخفية على أحد.. بل تتم بعض الأحيان على مرأى ومسمع الجميع.. ومن الصدف أن تلتقي أو أن يتحدث إليكم مهرب أو تاجر آثار ولكننا سنورد للقارئ هذه الدردشة الواقعية مع أحد مهربي الآثار تحدث عن بداية عمله في تهريب الآثار.. وما هي الأسباب التي جعلته يتجه إلى هذا الأسلوب بعد أن كان عمله في الصرافة وتحويل العملات والمشغولات الفضية حيث امتهن بيع وشراء الآثار منذ أكثر من عشرة أعوام وبحسب ما يقول فقد طلب منه بعض أصدقائه عرض بعض القطع الأثرية على زبائنه الأجانب مقابل عمولة كبيرة جدا◌ٍ من العملة الصعبة!!.
«أحل الله البيع وحرم الربا» كانت هذه الجملة من هذا التاجر ردا◌ٍ على استغرابي واستنكاري من هذا العمل!!.
ولكن ماذا يبيع!!¿ وماذا يشتري!!¿ يقول: أنا أبيع وأشتري جميع أنواع الآثار سواء كانت أحجارا◌ٍ أو برونزا◌ٍ أو مرمرا◌ٍ أو حتى ذهبا◌ٍ إضافة إلى ذلك المخطوطات بأنواعها..
أليس من الطبيعي أن تجد من يتاجر في آثاره وإرثه ووطنه في حين غاب الرقيب والحسيب الإنساني ونام الحساب والعقاب!!¿ ولكن أليس المال السائب معرضا◌ٍ للسرقة إذا◌ٍ لنرى كيف يحصل هؤلاء على الآثار!!¿ وكيف يتم البيع ومن يساعدهم في هذا العمل!!¿
يقول تاجر الآثار إن ثمة من يقوم بالتنقيب والحفر العشوائي في الأماكن والمواقع الأثرية المعروفة وهناك أماكن أثرية وتاريخية لا تعرف عنها الدولة شيئا◌ٍ وكالعادة يتم الإعلان عنها كمواقع أثرية بعد أن يتم تصفيتها من كل ما يسهل حمله لتبقى بعد ذلك مواقع أثرية خاوية على عروشها!! وكما هو الحال مع المواقع الأثرية القابعة في منطقة يريم وسخان وغيرها..!!
«إذا كان رب البيت بالدف ضاربا◌ٍ .. فشيمة أهل البيت الرقص» قد يتناسب هذا المثل إلى حد كبير مع ما أفادنا به تاجر الآثار فهناك مسئولون على مستوى عال◌ُ عسكريون ومدنيون يقومون بتسويقها وتهريبها إلى خارج البلاد بشكل منظم جدا◌ٍ!! بحيث يقومون بتسويقها بطريقتين أساسيتين الأولى من خلال الانترنت عبر مواقع خاصة يتم الدخول إليها «بيوزنيم خاص للعملاء» بعد أن يتم تصويرها تصويرا◌ٍ احترافيا◌ٍ يظهر فيها القطعة أو المخطوطة بشكل جلي وبقياسات الطول والعرض.. وأما الطريقة الثانية فيتم التسويق فيها للقطع الأثرية محلات ومعارض لبيع التحف والهدايا الفضية والمشغولات اليدوية وكذلك شقق ومكاتب تجارية تحمل أسماء تجارية وهمية.. ومن هنا يتم التفاوض على الكم والكيف حيث يصل قيمة بعض القطع إلى 300.000 دولار.
ولكن السؤال هنا كيف يتم تهريب الآثار إلى الخارج!! وكيف تخرج خارج الحدود اليمنية¿ وأين دور الأمن في الترصد لهؤلاء الشرذمة!¿ يؤكد تاجر الآثار أن خروج الآثار وتهريبها من اليمن لا يوجد فيه صعوبة سواء عن طريق البر أو البحر ويستخدم البحر للصفقات الكبيرة بحيث تهرب من بعض الأماكن الساحلية على طول الخط الساحلي بين الخوخة إلى المخاء تنقلها قوارب صيد إلى سفن سياحية دولية.. ولكن لم نعد نحتاج إلى مثل هذا الجهد لتهريب الآثار ففي الغالب نكتفي من خلال المنافذ البرية إلى بعض الدول المجاورة¡ وهكذا تصل إلى السوق السوداء حيث يقدر قدرها ويعطى ثمنها الحقيقي.. عوضا◌ٍ عن ذلك هناك شخصيات بارزة في الدولة يقومون بتهريب الآثار من خلال المطار مستغلا◌ٍ امتلاكه «جواز دبلوماسي»!!
قال لي أحد الخبراء الألمان للآثار في محافظة الجوف إن في الجوف أكثر من سبعين مدينة أثرية لا تزال مطمورة تحت التراب منتشرة في هذه المدينة العتيقة ويشهد المواطنون هناك أنها تتعرض للنبش العشوائي من قبل بعض ضعفاء النفوس وهنا يؤكد هذا الخبير الألماني أنه لو تم اكتشاف هذه المدن لأثرت في تاريخ الشرق الأوسط ككل وربما غيرت مساره تماما◌ٍ وهي بحاجة إلى عمل جاد ومخلص من قبل الجميع.
إن من الضروري إجراء عملية إحصائية حقيقة وعلمية للأماكن التي تقبع تحتها الآثار وجعلها أماكن محظورة باستخدام السياج الحديدية المحيطة بها تماما◌ٍ وبإحكام والعمل على تجريم ومعاقبة من يقوم بأعمال حفر أو يحاول الوصول إلى هذه الآثار قبل وصول المختصين والخبراء وذلك للحفاظ على هوية هذا البلد..