هيمنة ثقافة الصورة..

محمد المساح –
إن صناعة الإعلام تنتج الأساطير¡ ليس عن العالم فحسب¡ وإنما حول نفسها أيضا◌ٍ فالأساطير التي تخفى العالم مكرسة لإخفاء الاضطهاد في العالم¡ أو عرضة بشكل يجعلنا سلبيين حياله¡ وتعمل هذه الأساطير بذاتها كصيغة من الإضطهاد فالإضطهاد الثقافي¡ التدمير المنظم للوعي¡ هو بدوره شرط ضروري للترويض الكوني للبشر والقيم المادية والثقافية والثروات.
«هربرت شيلر – المتلاعبون بالعقول»
{ وكما يقولون فإن هذا هو بالتحديد جوهر العولمة الثقافية الذي تسوقة ثقافة الصورة التي تستفيد ببراعة من التطور التكنولوجي في تمرير رسالتها¡ وبفضل هذا التطور ومن خلال القنوات الفضائية العالمية وشبكات الاتصال¡ أصبحت الصورة المفتاح السحري للنظام الثقافي العالمي الجديد¡ ولا تحتاج الصورة إلى المصاحبة اللغوية كي تنفذ إلى إدراك الملتقى فهي بحد ذاتها خطاب ناجز ومكتمل¡ يملك سائر مقومات التأثير الفعال في مستقبليه.
وخطاب الصورة كما يقول «جون لوك غودار» يحتوي على جانبين متعارضين ومتكاملين¡ هما الجانب الدلالي¡ أي ما يقال¡ والجانب الجمالي¡ أي ما يتضمن في الخطاب دون قوله بشكل مباشر¡ بل هو منغرس في ثنايا الخطاب ورموزه الموحية.
إن هيمنة الصورة.. والتي تعتبر بحد ذاتها ثقافة للهيمنة.. هي التي تمثل غزو العالم الآن.. وذات النفوذ للعولمة الثقافية والتنميط فثقافة الصورة¡ كما يقول أحد المفكرين ليست ثقافة مكتوبة¡ بل ثقافة ما بعد المكتوب وهذه الثقافة لا تحتاج إلى لغة.
إن ثقافة الصورة التي تعتمد على التقنيات العالية وعبر الفضائيات ووسائل الاتصالات الحديثة.. تصبح هذه الثقافة وهي تقتحم حياة الإنسان¡ حيثما حل¡ واستحواذها على بصر المتلقي ووقته دونما ترخيص¡ إن إنتشار هيمنة ثقافة الصورة يزيل أسباب وأهداف أنتاج الثقافة الوطنية¡ وكما ذكر مؤلفا كتاب “فخ العولمة”¡ إن ثمة جهودا◌ٍ خارقة تبذل لكي يتخذ العالم صورة واحدة¡ ولا ريب في أن المحصلة النهائية لمثل هذا التطور كائنة الآن في المجال الثقافي.

قد يعجبك ايضا