جرائم تعز تستهدف النسيج الاجتماعي والوجه الحضاري والثقافي لأبنائها

جرائم «قتل وسحل وحرق وتمثيل».. شهدتها عاصمة اليمن الثقافية.. مدينة السلم والسلمية.. كانت ـ وما تزال ـ بمثابة فاجعة أصيب بها مجتمع بأكمله.. بمن فيهم أبناء محافظة تعز الذين لم يستوعبوا حتى الآن ما حدث في مدينتهم وهم الشريحة الواعية والمثقفة التي تنبذ العنف والاقتتال وإزهاق الأرواح ودعاة التعايش والسلام.
أمنيون وعدد من أبناء محافظة تعز  وأخصائيون اجتماعيون  يؤكدون أن مثل هذه الجرائم دخيلة وحديثة على المجتمع اليمني عامة وتعز خاصة, وإنها تأتي امتدادا لجرائم تنفذها الجماعات الإرهابية المتطرفة ومحاولة من تلك التنظيمات إيجاد سيناريو القتل والسحل والذبح والصلب والتمثيل باليمن كما هو حالياٍ منتشر بالعراق وسوريا وليبيا.

ولا يختلف شخصان على أن ما حدث في تعز من جرائم بشعة, لا يمكن أن يكون مرتكبوها معبرين عن  مجتمع يعتبر مدرسة للتعايش والقبول بالتعددية.. ولا شك أن الجميع يعلم أن ما يسمى بـ «مقاومة تعز» ليست جميعها من أبناء تعز, وإنما هناك خليط فيها من عدة أطراف, منها تنظيم.. وهو الأمر الذي لا يدع سبيلاٍ للشك بأن من ارتكب هذه الجرائم له علاقة وطيدة بهذه التنظيمات التي لها سوابق عديدة ومماثلة لمثل هذه الجرائم البشعة.
مدير أمن محافظة تعز «سابق» ـ طلب عدم ذكر اسمه ـ أكد على أن جرائم «القتل والسحل والذبح والتمثيل والصلب» لم تشهدها محافظة تعز على مر سنوات طويلة.. مشيراٍ إلى أنه ومن خلال تقلده من مدير أمن تعز لم يجد جريمة ارتكبت بحجم هذه البشاعة والفظاعة.
ويضيف « مثل هذه الجرائم, لا يمكن للشعب اليمني أن يمارسها ويرتكبها بشكل عام, لكن ومن خلال الواقع فإن المتهم الوحيد وراء هذه الجرائم هي الجماعات الإرهابية المتطرفة, والتي لها باع طويل في ارتكاب الجرائم بعديد من المحافظات والمدن اليمنية وبحق المدنيين والأمنيين والعسكريين».
وكيل مصلحة الدفاع المدني  العميد عبد الكريم حميد معياد  عبر عن أسفه لما يحدث في محافظة تعز من جرائم فظيعة لا تمت للأخلاق ولا للدين ولا للإنسانية بصلة.
وقال العميد معياد: جرائم السحل والتقطيع والتمثيل وقتل الأسرى ليست من أخلاق أبناء تعز ومجتمع العاصمة الثقافية, نحن نعرف أخلاقهم فهم الثقافة والعلم. وأضاف» من قام بهذه الجريمة هم الدخلاء على المجتمع في تعز وهذه الأفعال لا تقل بشاعة عن تلك التي وقعت في عدن ولحج والمكلا وهي أيضاٍ ثقافة الجماعات الإرهابية.
وأكد العميد معياد على ضرورة أدانت واستنكار هذه الجريمة ومثيلاتها من قبل كل مسلم يجد في نفسه ذرة من الإنسانية..  مشيراٍ إلى أن فرع مصلحة الدفاع المدني بمدينة تعز تعرض للاعتداء والنهب من قبل تلك الجماعات وإحراق كافة العربات والوايتات ووسائل الأمن والسلامة التي كان يسارع أفراد الفرع بها للقيام بواجبهم الإنساني والوطني, في عمليات الإنقاذ والإطفاء.
ورغم حيادية الدفاع المدني وقيامها بواجبها تجاه كل الأطراف, إلا أن الجماعات لم تترك عربات فرع المصلحة بتعز دون أن تخرجها عن العمل وتدمرها, بحسب العميد معياد.. لافتاٍ إلى أن الاضرار التي لحقت بفرع تعز تقدر بمليار ريال.. داعياٍ المجتمع اليمني إلى التوقف عن الصراعات والارتقاء عن الاختلافات وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح والممتلكات.
من جانبه أوضح صلاح القرشي – محاسب  في القطاع الخاص ومن أبناء محافظة تعز أن جريمة سحل الأسرى التي  ارتكبت الأسبوع الماضي على يد بعض الجماعات  المتطرفة لا تمثل أبناء تعز ولا القيم والمبادئ التي تربوا عليها وهي دخيلة  على المحافظة ولا يتحمل مسؤوليتها إلا الجماعات والأفراد الذين ارتكبوها بدم بارد.
وأضاف القرشي في حديثه : إن أبناء تعز منتشرون في كل ربوع الوطن يقومون بدورهم مع كل اليمنيين في  عملية البناء والتنمية ولم يكونوا في يوم ما دعاة للعنف ولا للعنصرية وهم يدينون هذه الجريمة لأنها ضد قيم المحبة والتآخي جريمة قادمة من فكر متطرف لطالما سقط ضحية لها الكثير من أبناء الوطن وهدفها في طريقتها وأسلوبها الوحشي استهداف اللحمة الوطنية في وقت نحن أحوج ما تكون للتكاتف في زجه عدو عاث فساد في أرضنا  وغاية من خطط ونفذ هذه الجريمة هو سلخ تعز من الدور  المنوط بها في هذه الظروف التي تمر بها اليمن. 
وأشار صلاح القرشي  إلى أن التفاعل الواعي مع الجريمة التي ارتكبت يتمثل في عدم تركها تحقق النتائج التي أرادها الجناة ومن يقف وراءها وهو ضرب النسيج الاجتماعي وإحياء النعرات  الضيقة على حساب  شعبنا ووطننا وهذا الأمر يحتم على الجميع أفراداٍ ومنظمات وأحزاباٍ وجهات رسمية   محاصرة  تداعيات تلك الجريمة  بتقديم مرتكبيها للقضاء لينالوا العقاب وفقاٍ للشريعة والقانون.
واختتم  القرشي حديثه بالقول :  إن تعز لن تكون إلا مع الشعب وخياراته الوطنية   في الأمن والاستقرار والوحدة والديمقراطية.
من جهته قال المحامي بسام الشرام عضو نقابة المحامين – فرع تعز : إن جرائم السحل والتعذيب  للأسرى وقتلهم بتلك الطريقة فعل إجرامي مدان كان الغرض منه نقل الصراع من سياسي إلى أيدلوجي ولكن بنكهة طائفية على غرار ما هو حاصل في المدن السورية ذات الكثافة السكانية العالية فتحويل الصراع إلى طائفي يضمن لتلك الجماعات ديمومة  الصراع واستمراره وبوحشية عالية تعرقل أي فرص للحل السياسي أو التسويات السياسية. 
وأضاف عضو نقابة المحامين – فرع تعز قائلا : ارتكاب تلك الجريمة  وبتلك الوحشية هو عدوان على تعز باعتبارها الحاضن الاجتماعي والوطني الجامع لكل أبناء اليمن بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم السياسية  والاجتماعية ويجب على أبناء تعز  الوقوف صفاٍ واحداٍ ضد من يريدون تمزيق  الصف الوطني  ونشر قيم التعايش بين المواطنين ورفض الدعوات للفرز الرخيص على حساب تعز ونضالات أبنائها في سفر النضال الوطني.
واختتم المحامي الشرام حديثه قائلا : إن النسيج الاجتماعي اليمني عرضة للاعتداء والتمزيق طالما ظلت تلك الجرائم دون عقاب وعلى وسائل الإعلام  المساهمة في كشف أعداء الحياة ومن يريدون تحويل اليمن إلى مسرح كبير للصراع  ونشر ثقافة داعش
بدوره قال هلال الوعرة  تربوي من أبناء تعز  أن الجريمة  مثلت محاولة  لنسف المشروع الوطني العظيم الذي تعتبر تعز ابرز المحافظات اليمنية التي شاركت ولا تزال فيه لكنها محاولة فاشلة  فسرعان ما عرف الناس أنها لا تمثل إلا الجماعات التي تقف وراءها .
وقال الوعرة : أدعو أبناء الشعب اليمني  إلى التوحد ونبذ دعاة الفرقة  ورفض التعصب الذي يمارس من قبل البعض والاهتمام بما يوحد ولا يفرق وتحديدا في ظل ما نمر به من أوضاع صعبة  يعيشها شعبنا في مختلف المحافظات.
واختتم الوعرة حديثه لـ«الثورة» بمطالبة كل الأطراف اليمنية مراجعة مواقفها التي أوصلت اليمن واليمنيين إلى حافة الهاوية.

قد يعجبك ايضا