أساسات منازل صنعاء القديمة ضعيفة ومصابة ببكتيريا التملح وبالتالي حجم التأثيرات أكبر مما رصد
تتعاظم المخاوف وتتزايد على مدينة صنعاء القديمة مع هطول الأمطار في هذا الموسم الذي يمثل استثناءا بالنسبة لهذه المدينة التي واجهت الكثير من الأخطار خلال الخمسة الأشهر الماضية بسبب العدوان السعودي سواءا كان مباشرا عليها كما حصل على حارة القاسمي وأيضا على مجمع العرضي التاريخي أو غير مباشر وخاصة الاعتداءات القوية التي استهدفت بها طائرات العدوان ىجبل نقم القريب من المدينة الأمر الذي يشكل خطراٍ يحدق بالمدينة نتيجة ما يسببه من اهتزازات قوية لمنازل ومعالم المدينة القديمة المبنية بمواد تقليدية بسيطة , ومع هطول الأمطار خلال الأيام الماضية بدأت التأثيرات تظهر حيث سقط منزل متضرر من الصاروخ الذي سقط في حارة القاسمي وأيضا انهيار أسطح منزلين في الحارة المقابلة لجامع النهرين بباب السباح .
ولمعرفة المزيد من الإيضاح التقينا الأخ ناجي ثوابة رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية وتعرفنا من خلاله على الإجراءات والخطوات التي قامت بها الهيئة لمعالجة وحصر جرائم العدوان تجاه صنعاء القديمة والمعالم والمدن التاريخية الأخرى .
حيث أكد الأخ ناجي ثوابة أن الهيئة ستبدأ مطلع الأسبوع القادم تنفيذ المرحلة الأولى لتدعيم وسرعة إنقاذ المنازل المتضررة في حارة القاسمي والتي تأثرت نتيجة القصف وإذا لم يتم التدخل السريع قد تسقط هذه المنازل في أية لحظة خاصة مع هطول الأمطار ولهذا تبنت الهيئة تنفيذ وتمويل المرحلة الأولى فيما اتفقت مع المجلس المحلي لمديرية صنعاء القديمة ليقوم المجلس بإيجاد التمويل للمرحلة الثانية من هذا المشروع الهام والعاجل .
مسح وتوثيق
وكشف (ثوابة) عن حجم التاثيرات والأضرار التي لحقت بمباني صنعاء القديمة منذ بداية العدوان بناء على مسح أولي قامت به لجنة متخصصة من الهيئة حيث تم تسجيل وتوثيق(4000) منزل متضرر والعدد ليس دقيقاٍ وقابلاٍ للزيادة بشكل كبير فقد سجلت اللجنة الأضرار الواضحة والظاهرة من تشققات للجدران والسطوح إلى تكسر النوافذ والقمريات والأبواب وغيرها ولكن هناك تأثيرات لا تظهر إلا بعد مدة من الزمن وقد تعمل الأمطار على كشف الكثير منها .
أساسات ضعيفة
وقال: صنعاء القديمة مدينة حساسة جدا فإذا كنا نخاف عليها من تأثير الاهتزازات البسيطة التي تحدثها السيارات والموتورات فما بالك بتلك الاهتزرازات القوية التي أحدثتها الانفجارات الضخمة جراء الاعتداء على جبل نقم هذه الاهتزازات من شأنها التأثير بشكل مباشر على مباني صنعاء القديمة المبنية من مواد بسيطة جدا مضى عليها مئات السنين فضلا عن أساساتها الضعيفة التي أصبحت نسبة التملح فيها عالية جدا إلى مترين فوق سطح الأرض وهذا التملح يزيد الطين بلة ويجعل من الاهتزازات البسيطة ذات تأثير كبير على المنازل فما بالنا باهتزازات القنابل الضخمة التي قصف بها جبل نقم وحتى القصف التي حدث لجبل عطان يؤثر على المدينة المتملحة أساساتها نتيجة لذلك الرصف السيئ والعشوائي الذي رصفت به شوارع وحارات وأزقة هذه المدينة والذي عمل على سد المسامات وكبت التربة وعدم تنفسها إلى الأعلى بشكل ملحوظ وبالتالي تتنفس الأرض بشكل أفقي وتحديدا من أساسات المنازل ووسطها الأمر الذي أدى إلى تملح هذه الأساسات وبشكل كبير ينذر بأخطار كبيرة فالتملح عبارة عن بكتيريا تعمل على إذابة الأساسات بشكل تدريجي , وبالتالي نتوقع ان يكون حجم التأثير اكبر بكثير من العدد الذي شمله الحصر والتوثيق الأولي مثلا نحن في الهيئة تأثرنا برغم ان مبنى الهيئة يقع وسط المدينة القديمة ويوجد حارات كثيرة اقرب لجبل نقم من الهيئة آلاف المنازل فمبنى الهيئة تأثر نتيجة للانفجارات والاهتزازات التي حدثت نتيجة استهداف جبل نقم تكسرت النوافذ والقمريات وتشققت الجدران والأسطح ولازالت الهيئة على حالها ولم نتدخل لمعالجة شيء باستثناء تكليفنا لبعض مهندسي الهيئة بسرعة إيجاد حلول لمعالجة التشرخات التي حدثت لقضاض السطح وعملت هذه التشرخات على تسريب مياه الأمطار فوق المكاتب , كذلك تأثرت مبان أخرى تابعة للهيئة منها بيت التراث الصنعاني ومبنى مركز الدراسات ومبنى آخر تابع للهيئة في حارة الزمر , فإذا كانت الأضرار كبيرة في الهيئة والمباني التابعة لها وهي بعيدة عن نقم فكيف بالمباني والحارات الأقرب لجبل نقم منها للهيئة ,فكلما اتجهنا من الهيئة باتجاه باب اليمن وقصر غمدان زادت الأضرار لأننا نتجه صوب جبل نقم .
تسجيل معالم حساسة
وأشار إلى أن فريقا متخصصا من الهيئة سيبدأ خلال اليومين القادمين العمل على إعداد البرنامج التنفيذي لخارطة الحفاظ على مدينة صنعاء القديمة وسوف يتم تسجيل المنازل والمعالم ذات الحساسية المفرطة بمعنى آخر ذات التأثير والأضرار الملحوظة والمحتملة .
وحول تحرك الهيئة على الصعيد الخارجي وإبلاغ المنظمات الدولية المعنية بالتراث أوضح (ثوابة) أن الهيئة قامت بالفعل بالتواصل مع المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة اليونسكو وتم اطلاعهم بحجم التأثيرات والأضرار الكبيرة على صنعاء القديمة وغيرها من المعالم والمدن التاريخية وتم توجيه نداء عالمي للحفاظ على التراث الثقافي اليمني وعقد اجتماع لليونسكو في ألمانيا كان من ابرز مخرجاته وتوصياته إقامة اجتماع استثنائي يحضره كبار علماء التراث حول العالم وبالفعل عدد هذا المؤتمر قبل أكثر من أسبوع في باريس , مضيفا : في هذا المؤتمر أو الاجتماع كانت الهيئة مشاركة وقدمنا محاضرة بعنوان ( المنازل والمعالم التي تأثرت نتيجة العدوان ) هذه المحاضرة أثارت انتباه كل علماء التراث الذين حضروا هذا الاجتماع من جنسيات مختلفة .
معالم ومدن تاريخية أخرى
وفيما يتعلق بحجم التأثير والأضرار في بقية المدن التاريخية أجاب ثوابة قائلا : لدينا أخبار تأتينا من فرع الهيئة بمدينة صعده القديمة أن العديد من معالم المدينة ومنازلها تأثرت سواء بالقصف المباشر أو غير المباشر ولكن لم يتم توثيق وحصر تلك الأضرار نتيجة للأوضاع الاستثنائية لمحافظة صعده بشكل عام, أما بقية المدن التاريخية اليمنية فلم يتم تسجيل أي أضرار لحقت بها حتى مدينة زبيد التاريخية لم تتأثر معالمها لسببين الأول أن القصف وقع خارج المدينة القديمة وتحديدا في الشارع الإسفلتي , والثاني أن منازل المدينة القديمة ليست مرتفعة كما في صنعاء القديمة وغيرها من المدن التاريخية وبالتالي تأثيرات الاهتزازات عليها قليلة وتكاد تكون منعدمة ولكن تم تسجيل الكثير من الأضرار والتدمير الذي لحق بعدد كبير من المعالم التاريخية من مساجد وقلاع وحصون في صنعاء وتعز وعدن ولحج والحديدة وسد مأرب القديم وصهاريج عدن وغيرها .
ودعا ثوابة كافة المنظمات الدولية المهتمة بالتراث إلى أن تلتفت إلى التراث اليمني الذي يمر بظروف عصيبة جدا وبحاجة إلى أن يقف معه كل الخيرين في هذا العالم كونه تراثا يخص الإنسانية جمعاء وإذا ما تعرض للتدمير فالخسارة ستكون فادحة جدا ليس على اليمن فقط وإنما على الإنسانية جمعاء كما ينبغي على دول ما يسمى بالتحالف تجنيب استهداف هذه المواقع والمعالم التاريخية كونها تمثل هوية لليمنيين وعنوانا لأصالتهم كما نوجه دعوة للمتحاربين بالداخل للعمل على عدم إشراك مواقع التراث الإنساني في اليمن في دائرة صراعاتهم .
تصوير/ فؤاد الحرازي