يسلم المرء ذاته لقضايا الساعة وأهمها وأكثرها خطورة القضية اليمنية الأمريكية السعودية, فمن المسلم به أن أرض نجد والحجاز وعسير امتداد لجنوب الجزيرة العربية والعكس صحيح بمعنى أن الجزيرة العربية أو شبه الجزيرة العربية وحدة جغرافية واحدة وبيئة سكانية أكثر تقاربا ولحمة ولا يمكن أن يتصور فرد ما أيا كان أن يوغل الحقد في القلوب ويصل مبلغا لا يمكن توقعه من القسوة قسوة القلب وشدة العداوة المعلنة من طرف واحد هذه التي تمثل بسكانها قوة العروبة والإسلام وقوة الكيان العربي ووحدته تقلب فيها موازين العقل والمنطق وتستدرج بفعل الارتماء لحسابات مصالح أجنبية رأت أن كسر العرب والسيطرة على نفوذهم وهيمنتهم ضرورة لإعطاء مساحه من حرية الحركة والسيطرة الفاعلة لتحقيق مصالح الولايات المتحدة واسرائيل وتعزيز المصالح الغربية عموما ومن ثم إعادة بناء علاقات جديدة قديمة في الاصل وإن كان يراها البعض وهما أو بعيدة المنال في ظل الدولة الإسلامية الإيرانية التي تمكنت من إحراز تقارب محسوب لها ولمصالحها وتعزيز كيانها ورؤيتها في بناء القوة وامتلاك القدرة على المبادرة التي عجز العقل العربي عن الوصول إليها وإن امتلك القوة إلا أنه عجز عن استغلالها وتكييفها بما يحقق أهدافه المفقودة في ظل تضارب الفكر والابتعاد عن الوسطية الحاكمة للتصرف والسلوك الانساني الواجب وفقا لمبادئ الإسلام والذهاب إلى اعتماد التشدد المذهبي أو العنف والقوة لفرض السيطرة والهيمنة على كل ماهو حول أو محيط الحرمين الشريفين بدءا بالعراق والشام ( سوريا, لبنان, الاردن) والاتجاه جنوبا لفرض الهيمنة على اليمن ومن ثم الاتجاه نحو الشرق لإنهاء عمان والامارات وقطر بعد تحقيق النفوذ الكامل على اليمن الذي تعده المملكة خاصرتها التي يجب مسك زمامها مستغلة التقارب الفكري بينها وبين بعض الحركات الاسلامية التي أوجدتها ومدتها وأعانتها ووطدت قدراتها المادية والعسكرية وجعلت منها الذراع الأيمن لها في العراق سوريا تونس ليبيا الجزائر مصر اليمن ولا شك أن لها تواجدا خطيرا داخل الأراضي التركية سيكون له أثره على الحياة السياسية والذي بدأ مشواره هذا التوسع بالقدر الذي أربك الدول في المنطقة وغير أنظمة وزعزع أوضاعا وأحال الاستقرار إلى حالة من الفوضى الدامية, لكنه بالقدر ذاته يشكل خطرا استراتيجيا على المملكة ذاتها التي فقدت الكثير من القدرات المالية والعسكرية ووقعت في فخ الصهيونية العالمية واستخدمت لإعلان حرب من طرف واحد ومن واشنطن ضد الجمهورية اليمنية, حرب قصد القائمون عليها السيطرة على الأراضي اليمنية في عشرة أيام لكنها دخلت في حرب استنزاف يبتلع كل مقومات القوة خاصة وأنها تواجه جيشا وشعبا متمرسا ولا يهاب المواجهة والموت, وكلما أوغلت الآلة الحربية في التدمير والتنكيل والقتل والفتك زادت المواجهة صلابة في الداخل اليمني وتوغلا وتوسعا داخل أراضي المملكة ذاتها, ومن ثم فإن الانفاق العسكري الذي يقدم هبات ومنحة يعظم من قدرات الدولة الإسلامية المتطلعة للوصول إلى تحقيق الخلافة ولو كان الثمن المملكة ذاتها وهذا حق لكل من يملك استراتيجية وهدفا مقبولا لدى الدول المانحة لزيادة العنف والقتل التي تسعى بجدية لتقسيم الجزيرة العربية الى دويلات بما فيها حليفها الاستراتيحي المملكة هذا من جهة ومن جهة أخرى إضعاف قدرات المملكة الواقعة اليوم تحت الهيمنة الغربية وهي الدولة الغنية الوحيدة في العالم التي تعتمد على الجيوش المستأجرة كونها تأخرت كثرا في الاعتماد على أبنائها ومن ثم فهي فاقدة لعناصر النصر والثبات والدفاع عن ذاتها وامتداد الحرب إلى العمق سيفقدها الكثير من القدرات والإمكانات ويضاعف إنفاقها العسكري أضعاف ما تنفقه حاليا وإن دمرت اليمن- المدمر فعلا- بضرباتها الجوية والبحرية خلال الأربعة الأشهر الماضية والذي لم يعد شعبه مهتما بتواصل الأضرار بقدر اهتمامه بسرعة الرد بأي ثمن وأي تضحية وإن وجد صوت العقل في الداخل اليمني فإن استكبار التحالف وتعنته واعتماده لمبرر الشرعية طريقا لتحقيق أهدافه وأهداف المملكة والإمارات وبأي ثمن يمنع تواصل الحكمة والعقل ويدفع إلى مزيد من الأضرار المتلاحقة على الشعب اليماني الذي يزيد الضغط عليه بهذا المنطق المنافي للإسلام واللحمة والإخاء والمصالح المشتركة فإن كثرة الضغط يولد الانفجار ويضاعف الأحقاد ويمنع التواصل للتوصل إلى حلول مقبولة ومن ثم فإن المستفيد من كل هذا النزيف المالي والبشري وتدمير القوة واستنزاف القدرة هم أعداء الإسلام والعروبة لأن خطر تقسيم الجزيرة إلى دويلات سيكون في ظل النزاع المستمر سهل المنال, واذا بدأ في اليمن فإن المملكة ستكون الأقرب إلى التقسيم هي ومن تبقى في الجزيرة من دول التحالف العربي من قبل أعدائها من يمثلون رأس الحلف المشؤوم اليوم.