أصدرت محكمة ليبية أمس حكما بإعدام سيف الإسلام القذافي وثمانية من المقربين منه بينهم مدير المخابرات السابق عبدالله السنوسي وآخر رئيس وزراء البغدادي المحمودي بعد محاكمة طغت عليها أعمال العنف والانقسامات السياسية لدورهم “في قمع الانتفاضة التي أسقطت النظام السابق في 2011م”.
ويحاكم 37 من رموز نظام معمر القذافي منهم 29 متهما أمام المحكمة.
وأصدرت المحكمة ثمانية أحكام بالسجن المؤبد بينما تراوحت الأحكام الباقية بين السجن 12 سنة وخمس سنوات.
وأعلنت المحكمة براءة أربعة متهمين بينما امرت بنقل احد المتهمين الى مصحة عقلية.
وصدر الحكم بحق نجل القذافي غيابيا بسبب إقامته في الزنتان منذ القبض عليه نهاية عام 2011م أما البغدادي المحمودي آخر رئيس وزراء بحكم القذافي وعبدالله السنوسي صهر القذافي ورئيس جهاز المخابرات في عهده فهما في قبضة ميليشيات موالية للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته في طرابلس.
وبدأت محكمة استئناف طرابلس في إعلان أحكامها بحق المتهمين الـ37 وسط كثير من الشكوك بشأن إمكانية إخضاع السلطة القضائية لتوجهات ودوافع المجموعات المسلحة التي لا تعترف بها السلطات الليبية المعترف بها دولياٍ وتعدها مجموعات “خارجة عن القانون” وأخرى “إرهابية”.
وتسيطر جماعات “فجر ليبيا” المسلحة التي تدعم حكومة انقلابية على العاصمة الليبية طرابلس.
ومع اتجاه الانقلابيين لدعم نفوذهم في طرابلس وعدد من المدن الليبية الأخرى انقسمت ليبيا على نفسها خاصة بعد ان انتقل البرلمان الشرعي الى مدينة طبرق في اقصى الشرق وشكل حكومة معترف بها دوليا عجزت عن إعادة توحيد البلاد أمام سطوة مليشيات فجر ليبيا المسلحة الداعمة لحكومة إخوانية لاشرعية لها في طرابلس.
وأثر الانقسام السياسي في ليبيا على المشهد القضائي إذ يحاول القضاء الخروج بمنظر لائق لتطبيق سيادة القانون والعدل.
وتأتي هذه المحاكمات بينما تسعى الأمم المتحدة لإنجاح اتفاق سلام بين الفرقاء الليبيين وقعت عليه جميع المكونات السياسية ما عدا السلطات الانقلابية في طرابلس التي يبدو أنها حركت محاكمات قيادات نظام القذافي لحرف الأنظار عن رفضها التوقيع على اتفاق الصخيرات لتشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا.
ووجهت طرابلس لنجل معمر القذافي والمحمودي والسنوسي وباقي المتهمين تهما بـ”قتل وقمع المتظاهرين أثناء ثورة فبراير 2011م التي أسقطت نظام العقيد القذافي بجانب المساهمة في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ومحاصرة المدن والقرى المنتفضة وتشكيل كتائب مسلحة للنيل من المتظاهرين كما يواجهون اتهامات بارتكاب جرائم إساءة استخدام المال العام”.
ويتقدم المتهمين إضافة للسنوسي والمحمودي نجل القذافي سيف الإسلام ورئيس جهاز مخابراته.
ويلقي الحكم بإعدام المحمودي على وجه التحديد بتبعاته على الساحة السياسية التونسية لأنه يكذب وعود حكومة الترويكا السابقة بقيادة النهضة الإسلامية بأن رئيس الوزراء الليبي السابق لن يعدم وإنها تلقت وعدا بذلك من حلفائها الذين يقومون على المحاكمة اليوم.
وحزب النهضة الإسلامي هو اليوم حليف وشريك أساسي في الحكومة التونسية بقيادة حزب نداء تونس العلماني الذي لم يكن موجودا أصلا عندما سلم حمادي الجبالي البغدادي المحمودي إلى ليبيا.
وكان حمادي الجبالي القيادي المستقيل من حزب النهضة الإخواني ورئيس حكومة الترويكا التونسية خلال المرحلة الانتقالية قد أمضى على وثيقة تسليم المحمودي إلى حكومة إخوان ليبيا السابقة مقابل صفقة مالية قيل إنها بلغت 100 مليون دولار.
ونددت الأحزاب المدنية ومنظمات حقوق الإنسان وحتى منصف المرزوقي الرئيس التونسي المؤقت السابق والذي كان حليفا قويا للإسلاميين بتسليم المحمودي إلى ليبيا لأن حياته معرضة للخطر لكن النهضة كان لها رأي آخر مختلف تماما.
وترفض الحكومة الليبية التي تحظى بتأييد دولي واسع استمرار المحاكمة معتبرة أن القضاة مهددون.
وناشدت المجتمع الدولي عدم الاعتراف بالأحكام التي ستصدر. وتحظى المحاكمة باهتمام محلي ودولي غير مسبوق.
وسيف الإسلام والسنوسي صدرت بحقهما مذكرتا توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وفي 21 مايو 2014م رفضت المحكمة الجنائية طلب السلطات الليبية محاكمة سيف الإسلام أمام محاكم ليبية بسبب شكوك في قدرة طرابلس على ضمان محاكمة عادلة.
وأدان محامي سيف الإسلام محاكمة موكله ووصفها بأنها صورية.
وقال المبروك قريرة وزير العدل بحكومة عبدالله الثني تعليقا على جلسة الحكم: “محاكمة رموز نظام القذافي من قبل ميليشيات تسيطر على العاصمة طرابلس أمر غير قانوني على الإطلاق”.
وبين قريرة على أن القضاة بالمحاكم في طرابلس يعملون تحت تهديد السلاح ويخشون القتل والخطف من قبل المليشيات.
وترفض مدينة الزنتان المناهضة للسلطات الموازية في طرابلس مثول سيف الإسلام القذافي أمام محكمة طرابلس لأنها لا تعترف بأي محاكمة لرموز القذافي مادامت العاصمة رهينة مليشيات “فجر ليبيا”.
ويوجد سيف الإسلام القذافي في سجن سري تابع لثوار الزنتان جنوب غرب طرابلس منذ اعتقاله جنوب البلاد في 19 نوفمبر 2011م بالقرب من مدينة أوباري الواقعة جنوب طرابلس بعد فراره من مقر حصن باب العزيزية عقب سقوط العاصمة طرابلس بيد المحتجين الليبيين.
