رمضان بتجلياته الإيمانية جاء محبا آمرا لتقوية الروابط والعلاقة الأسرية وإصلاحها وتعزيزها بل وجعلها قاعدة أساسية لقبول الصيام ومن أبرز علاقة التواصل صلة الوالدين وبرهما انطلاقا من قول المولى عز وجل (وِوِصِيúنِا الúإنسِانِ بوِالدِيúه حِمِلِتúهْ أْمْهْ وِهúنٍا عِلِى وِهúنُ وِفصِالْهْ في عِامِيúن أِن اشúكْرú لي وِلوِالدِيúكِ إلِيِ الúمِصيرْ وِإنú جِاهِدِاكِ عِلِى أِنú تْشúركِ بي مِا لِيúسِ لِكِ به علúمَ فِلا تْطعúهْمِا وِصِاحبúهْمِا في الدْنúيِا مِعúرْوفٍا وِاتِبعú سِبيلِ مِنú أِنِابِ إلِيِ ) ,, هكذا قرن الله سبحانه وتعالى طاعته بطاعة الوالدين فهي مقياس حقيقي لدرجة الإيمان.
ومن هذا المنطلق أوضح عدد من العلماء والدعاة أنه لا مبرر لمن يعلق سبب قطيعته لطاعة والديه لخلافات بينية فعظمة الصلة لا تعيقها تلك الصغائر لأن هناك بعض الناس يجعل الخلافات البينية والأسرية مانعا وحائلا وحجة لعدم قيامه بصلة رحمه وبعضهم يلقى الإهانة والشتم من أقاربه إذا زارهم أيضا لخلافات أسرية فيجد في القطيعة راحة وسلاماٍ مع أن الأسباب مهما بلغت لا يجوز اتخاذها ذريعة لقطيعة الأرحام..
العلامة عبدالله سنان تحدث قائلا : من زار ووصل والديه في هذا الشهر المبارك وصله الله .. هذه هي عظمة صلة الأرحام وزيارتهم والإحسان إليهم .
ويكفينا تبيانا لعظمتها وفضلها حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخـر فليـكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراٍ أو ليصمت ) . أضف لما ترسمه صلة الوالدين من زيادة الألفة والمحبة وإضفاء جو التسامح وتوطيد العلاقة الأسرية والتمسك المجتمعي ولما لها من آثار في الرزق في المال والبركة في العمر لقول صلوات الله عليه وسلامه : من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ) وقوله : الرحم متعلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله . فلا مبرر لمن يعلق سبب قطيعته لخلافات بينية فعظمة الصلة لا تعيقها تلك الصغائر لأن هناك بعض الناس يجعل الخلافات البينية والأسرية مانعا وحائلا وحجة لعدم قيامه بصلة رحمة وبعضهم يلقى الإهانة والشتم من والديه إذا زارهم أيضا لخلافات أسرية متوارثة فيجد في القطيعة راحة وسلام مع إن الأسباب مهما بلغت لا يجوز اتخاذها ذريعة لقطيعة الأرحام لحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاٍ قال : يا رسـول الله إن لي قرابة أصلهـم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عليهم ويجهلون علي فقال صلى الله عليه وآله وسلم : إن كنت كما قلت فكأنما تْسفهم المِل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك ] وقوله : (ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها ) . ولا نغفل عنها تحت أي حجة فهي سبب من أسباب دخول الجنة ) فيأيها الناس أفشوا السلام أطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ).
وجوه الطاعة
وبالمقابل عديدة هي وجوه الطاعة للوالدين حيث يقول العلامة عبد الله الديلمي ان طاعة الوالدين تتمثل في : المعاملة الطيبة الحسنة والرحمة والعطف والتقدير والطاعة وكل صنوف العطاء والإكرام وتجنب الكلمات الجارحة في الحديث معهما وتجنب المواقف بقصد التقليل والانتقاص لحقهما ومن ذلك الاستخفاف أو الشتم واللعن – والعياذ بالله – : فعن عبد الله بن عمرو أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه آله وسلم : ( إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قيل : يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه ¿ قال : يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه).
ومضى يقول : إن البر بهما حتى بعد مماتهما, بل تمتد حتى بعد وفاتهما فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) وأيضا عندما جاء رجل لرسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم حين قال : يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما قال : ( نعم أربع خصال : الدعاء لهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما) .
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب أني لي هذه ? فيقول : باستغفار ولدك لك ) .
أعظم من الجهاد
ويقول الداعية عز الدين رشاد أن طاعة الوالدين تفوق درجة الجهاد في سبيل الله ولمن قصر وعصى فرمضان بتجلياته الايمانية والروحانية فرصة لتعزيزها وذلك حتى يعلم الإنسان عظمة هذه الصلة والمكانة التي خصها الله للوالدين والويل لمن أنكر وجحد ذلك – ونحن نعلم جميعا قصة الرجل الذي أقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال : ( يارسول الله جئتك من اليمن أريد الجهاد معك في سبيل الله قال له رسول الله : ( أفي اليمن أبواك ¿¿¿ قال نعم قال : وتريد الجنة قال : نعم قال : ارجع إليهما فأحسن إليهما فإن الجنة تحت ثِم ) . وعن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما- قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبايعه فقال : جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان قال: (فارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما).
مستنكرا ما يقوم به البعض من تقديم طاعات زوجاتهم على حساب آبائهم وأمهاتهم بالقول أو الفعل أو العطاء والهدايا وما قد يسببه ذلك من جرح وغصة في نفوسهما ولنا في الصحابي علقمة عظة وعبرة حيث كان كثير الاجتهاد في طاعة الله في الصلاة والصوم والصدقة فمرض واشتد مرضه وهو في النزع الأخير لقنوه لا إله إلا الله ولسانه لاينطق بها وعندها علم النبي صلى الله عليه وسلم من أمه بأنه كان يؤثر عليها زوجته ويعصيها فقال : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن سخط أم علقمة حجب لسان علقمة عن الشهادة ثم قال : يا أم علقمة فإن سرك أن يغفر الله له فارضي عنه فوالذي نفسي بيده لا ينتفع علقمة بصلاته ولا بصيامه ولا بصدقته مادمت عليه ساخطة فقالت : يارسول الله إني أشهد الله تعالى وملا ئكته ومن حضرني من المسلمين أني قد رضيت عن ولدي علقمة وهنالك نطق علقمة بالشهادة ثم مات علقمة من يومه فحضره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأمر بغسله وكفنه ثم صلى عليه وحضر دفنه .
وعن جابر بن عبد الله قال : ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : إن أبي أخذ مالي فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل : فأتني بأبيك فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك : إذا جاءك الشيخ فاسأله عن شيء قاله في نفسه ما سمعته أذناه فلما جاء الشيخ قال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما بال ابنك يشكوك ¿ أتريد أن تأخذ ماله ¿ فقال : سله يا رسول الله هل أنفقه إلا على إحدى عماته أو خالاته أو على نفسي ¿ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إيه دعنا من هذا أخبرني عن شيء قلته في نفسك ما سمعته أذناك فقال الشيخ : والله يا رسول الله ما يزال الله تعالى يزيدنا بك يقينا لقد قلت في نفسي شيئاٍ ما سمعته أذناي فقال : قل وأنا أسمع . قال : قلت :
غذوتك مولودا ومنتك يافعا
تعل بما أجني عليك وتنهل
إذا ليلة ضافتك بالسقم لم
أبت لسقمك إلا ساهرٍا أتململ
كأني أنا المطروق دونك بالذي
طرقت به دوني فعيني تهمل
تخاف الردى نفسي عليك وإنه
لتعلم أن الموت وقت مؤجل
فلما بلغت السن والغاية التي
إليها مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلت جزائي غلظة وفظاظة
كأنك أنت المنعم المتفضل
فليتك إذ لم ترع حق أبوتي
فعلت كما الجار المجاور يفعل
قال : فحينئذ أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بتلابيب ابنه وقال : ( أنت ومالك لأبيك ) .
عاقبة العقوق
محذرا ومبينا عقوبة عقوق الوالدين حيث أن العاق لا يقبل منهْ عمل يكرهه الله ويبغضه بين الناس أهله وجيرانه وتلعنه الملائكة ولا يرفع لهْ دعاء وتغلق أبواب السماء عليه وفي الآخرة لا يدخل الجنة مع الموحدين ويعجل عذابه لأن رضا الله من رضا الوالدين .
قد يعجبك ايضا