نظريات الدماغ

الدماغ عالم من الأسرار ورغم الدرجة المتقدمة التي بلغها العلم في مجال الاكتشافات فإن الدماغ الإنساني وآلية عمله لا يزال يثير الكثير من التساؤلات. وتحت عنوان: “جميع أسرار دماغك” يقدم الأستاذ الجامعي والخبير الفرنسي المتخصص بقضايا الذاكرة : الان ليوري كتابا يشرح فيه نتائج سلسلة من التجارب التي تسمح بسبر أغوار الدماغ.
يبتعد المؤلف تماما عن الدخول في النظريات الكثيرة السائدة حول الدماغ وآليات عملة كي يركز عمله على عدد من الظواهر التي يعيشها البشر أو يصادفونها خلال حياتهم اليومية. وهو يهدف إلى أمر يتمثل في مساعدة البشر على كيفية الاحتفاظ بذاكرتهم بصورة أفضل. ومن المعروف أن كل إنسان قد واجه خلال حياته حالة او واقع أن تخونه ذاكرته في استعادة اسم أو حادثة أو فكرة. وهذا ما يتم التعبير عنه بالقول ان الموضوع المعني هنا نجده غالبا في إطار قول او عبارة : “على رأس اللسان وسوف أتذكره بعد فترة وجيزة”.
ولكن النسيان يمكن أن يستمر ساعات وساعات من دون العثور على الإجابة. ومثل هذا الثقب في الذاكرة لا يعتبره المؤلف بمثابة نسيان حقيقي ولكنه يشابه ذلك كثيرا. وهو أحد مظاهر سلسلة من الأسرار التي يواجهها دماغنا. والمؤلف يحاول فك رموز هذه الأسرار.
وفي محاولة المساعدة على تذكر ما هو “على رأس اللسان” يقدم وصفة في غاية البساطة مؤكدا أنها لا تخطئ هدفها إلا نادرا. وهكذا يقول انه يكفي أن يسترجع المعنى في رأسه عبر أحرف الأبجدية “ذهنيا” كي يبرز الموضوع المطلوب تذكره وذلك في خانة الحرف المطابق له.
وهناك فكرة شائعة مفادها أن الإنسان قادر على التعلم بصورة أفضل عندما يكون نائما. وهذا ليس أكثر من أسطورة كما يؤكد المؤلف وخطأ هذه الطريقة التربوية يبرز بمجرد القيام بتجربة صغيرة وهي أن النائمين لا يتذكرون شيئا من ما يتم عرضه عليهم من معلومات.
وعلى العكس يرى المؤلف أن الطريقة الأفضل للتعلم تكون عندما يكون المعني به في حالة اليقظة التامة. ومن هنا تأتي أهمية النوم جيدا في جميع مراحل الحياة وخاصة خلال سنوات الدراسة حين تكون الذاكرة على محك التجربة. وتتم الإشارة في هذا السياق إلى تجربة قام بها المتخصص الفرنسي بشؤون الذاكرة فرانسوا تيستو أكد فيها قبل 20 سنة أن أفضل لحظات عمل الذاكرة خلال اليوم تتمثل في لحظتين: حوالي الساعة الحادية عشرة الساعة الخامسة والنصف بعد الظهر (بعد القيلولة).
وحول جانب وتساؤل محوري في هذا الشان يتمثل في : كم من الكلمات يخزن الدماغ¿
يبين المؤلف ان قاموس لاروس الفرنسي يحتوي على حوالي 80000 كلمة من بينها 50000 اسم عام و30000 اسم علم. وهذا يدفع للاعتقاد بأن الإنسان يتعلم باستمرار طيلة حياته. وما يؤكده المؤلف هو أن الأطفال يعرفون 9000 كلمة كمعدل وسطي في نهاية مرحلة تعليمهم الابتدائي. ومن ثم يصلون إلى معدل ال 26000 كلمة تقريبا في نهاية المرحلة الإعدادية. ويتابعون عقبها زيادة رأسمالهم من الكلمات خلال المرحلة الثانوية ومن ثم المرحلة الجامعية. ويصل الإنسان البالغ إلى معرفة ما بين 30000 كلمة و50000 كلمة.
ويميز المؤلف بين ما نعرفه ويخزنه دماغنا وبين ما تستخدمه من كلمات. وتتم الإشارة إلى دراسة جرت في مدينة ستراسبورغ الفرنسية تدل على أن عدد الكلمات المستخدمة في الأحاديث العامة يصل بالكاد إلى 8000 كلمة كمعدل وسطي. وما يؤكده المؤلف أيضا أن الدماغ يلتقط .
ويخزن ما تراه العين أكثر من ما تسمعه الأذن. والتأكيد أيضا على أن الكحول تقتل الخلايا الدماغية ابتداء من المنطقة التي تخدم ك “أرشيف” من خلال تخزينها المعلومات الجديدة. وتدل الإحصاءات المقدمة على أن مدمن كحول عمره 40 سنة يفقد 40 بالمائة من قدرة ذاكرته التي تغدو مثل ذاكرة شخص بلغ سن السبعين بصورة طبيعية. وأما التبغ ورغم شهرته كمنشط دماغي فإنه يتم غالبا نسيان حقيقة أنه يقلص من التروية الدموية الدماغية وبالتالي من كمية الأوكسجين التي يتلقاها. ومن هنا يقول المؤلف :”لا بد من انتهاج نمط حماية دماغية” أي على غرار البيئة.

قد يعجبك ايضا