تحتفل بلادنا بعيد الوحدة الوطنية في ظل ظروف وتحديات جسيمة تستهدف نسيجها الوحدوي ومقدراتها البشرية والمادية على كل الصعد ..تحديات يحيك مؤامراتها عدوان سعودي أمريكي غاشم تجاوز كل ما هو إنساني وأخلاقي.
غير أن إباء وصمود وصلابة أبناء الـ22 من مايو سطرت أروع أمثلة الوحدة الوطنية والدفاع عن مقدراتها ومكتسباتها الحضارية والوطنية والتنموية ولم تكن الوحدة مجرد شعار بل صخرة صلبة يتكسر عليها الحاقدون والمارقون وأصحاب المشاريع الصغيرة والعملاء الذين باعوا وطنهم للمتربصين بالوحدة والوطن ..
وفي مشهدية العيد الـ25 للوحدة المباركة ها نحن اليوم نرى الوحدة وقد كرست مبادئ ثورية وإيمانية جسدتها ملامح الثوار والشهداء وصار في دربهم كل القوى الوطنية الخيرة يذودون عن حياض اليمن تحت سقف الوحدة في ملحمة استثنائية من ملاحم مقاومة التفتيت ومشاريع الوصاية.
إيمان الجيش والحشود الشعبية بالوحدة مثِل أروع صور التلاحم والوحدة الوطنية
* وفي السياق يؤكد سياسيون ومراقبون أهمية الحفاظ على مقدرات ومكتسبات مايو المجيد والحفاظ على وحدة الصف والمصير وتفويت الفرصة أمام دعاة التشطير والتشرذم بما يخدم مصلحة الوطن ويحافظ على منجزاته التاريخية وسيادته الوطنية.
السياسي عبدالله باوزير– عضو المجلس المحلي بمحافظة حضرموت – أوضح أن الوحدة جاءت نتاج نضال شعبي وطني بين شطري البلاد آنذاك انطلاقاٍ من العقيدة الإيمانية والوطنية عبر جمع فصائل الحركات الوطنية منذ أربعينيات القرن الماضي الذي شهد تأسيس الكتيبة اليمنية على يد طلاب اليمن في الأزهر بالقاهرة في أعقاب الحرب العالمية الثانية برئاسة أحمد محمد النعمان وعلي الجفري ونخبة من أبناء الشمال والجنوب وقد كانت قياداتها مشاركة في حركة الدستور في 1948م التي فشلت في إقامة نظام إمامة دستوري حتى فشلت الحركة وبعدها شهدت عدن ميلاد حزب رابطة أبناء الجنوب العربي عام 1951م في الوقت الذي شكل أبناء الشمال حركة الأحرار لاختلاف ساحات النضال واتجاهاته ورغم تعدد الفصائل واختلاف الرؤى ظلت الوحدة مطلباٍ وطنياٍ.
الصراع الدولي
ويضيف باوزير بالقول: إن الوحدة حتى بعد ثورة سبتمبر واكتوبر لم تكن محل خلاف وأنه وبسبب الحرب الأهلية دخلت اليمن بؤر الصراع الدولي وتصارعت على أرضها استراتيجيات عربية وإقليمية وظل صراع قطبي النظام الدولي الملمح الأبرز ومع ذلك رِحبِ بها نظام الشعبين آنذاك وبقي غياب الدولة الموحدة مشكلة أفضت إلى وضع لم يكن مستقرا للطرفين ..لكن بتحقق الوحدة عاد الأمل رغم اختلاف أقطاب النظام السياسي .
مرابع التنمية والاستقرار
* في حين يرى الأكاديمي محمد المنصور – جامعة صنعاء – أن الوحدة اليمنية هي حاضر ومستقبل ومصير شعب قدم في سبيل تحقيقها شلالاٍ من الدماء والتضحيات لينعم بخيرات الوحدة وتحرره من وسائل وطرق الاستعمار والاستبداد ويبني وطناٍ وجيشاٍ وطنياٍ قوياٍ يحمي تراب أرضه شمالاٍ وجنوباٍ وصولاٍ إلى مرابع التنمية والتطوير والاستقرار.
ومضى يقول: ورغم الظروف الحالكة التي يعيشها وطننا اليوم في ظل الصراعات الداخلية والعدوان الخارجي واستنزاف ثروات البلاد والدعوة إلى الانفصال وغيرها من المصطلحات يقف شعبنا شامخاٍ بوحدته وعزته مدافعاٍ عن ذلك لا يرضى بتمزيق البلاد وتشطيرها واستهداف نسيجها الوحدوي بل جعلها صرخة مدوية بأنه لا مكان بيننا لزارعي الفتن والأحقاد بل يجب لِم الشمل ورأب الصدع والذود عن الوطن من النعرات الطائفية والمناطقية وتجسيد مبادئ المصالحة الوطنية والاحتكام إلى الحوار والسلم والحكمة في الحفاظ على وحدتنا ووطننا لا جعله مسرحاٍ للتدخلات والصراعات الإقليمية.
ثقافة السلم والتعايش
* ابتسام الحميدي – مدربة ريادة أعمال في الهيئة العامة للاستثمار – دعت إلى إحياء العيد الوطني للوحدة اليمنية بإحياء ثقافة السلم والحوار والقبول بالآخر ومبدأ التعايش السلمي ونبذ أشكال التفرقة والفرقة التي لا وجود لها في أهداف وحدتنا والتي ناضل الموحدون في سبيل محاربتها وغرس مفاهيم الوحدة الوطنية في وعي أبنائنا وشبابنا عبر مختلف وسائل الإعلام والمناهج التعليمية والتربوية والابتعاد عن منطق وثقافة الاقصاء والامتثال للسلم على مختلف الأصعدة والمجالات.
صلابة وصمود
* ويرى الدكتور حسان القديمي– جامعة إب– أن الأوضاع الراهنة والعصيبة التي تمر بها البلاد على مختلف الجبهات زادت اليمنيين صلابة وصموداٍ في الحفاظ على وحدتهم ووطنهم مهما حاولت بعض القوى تفكيك وتمزيق الوطن لأن الإرادة الشعبية لأبناء وأجيال هذا الوطن المعطاء تقف لها بالمرصاد.
ويرى القديمي أن عملية تحقيق الوحدة خلاصة لجهود القيادات الوطنية الساعية لتحقيق هذا الحلم من السبعينيات وحتى تحقيقها في 22 مايو 1990م لتمثل إنجازاٍ تاريخياٍ عظيماٍ باركته كل دول وشعوب العالم حيث نقلت الوحدة الشعب اليمني من مربع الصراع والحروب الشطرية إلى مربع الدولة اليمنية الحديثة فكانت عامل استقرار لليمن ونماء وتطور وهو ما ينبغي على أجيال الوحدة المتعاقبة الحفاظ على هذا المنجز التاريخي وتفويت الفرصة على أعداء الوحدة في تمزيق البلاد و تشطيرها تحت مختلف المسميات.
أجندات الخارج
ممثلة منظمات المجتمع المدني فائزة المتوكل قالت: إن التحديات التي تواجه اليوم النسيج الوحدوي هي: العدوان الخارجي والعملاء والخيانة الوطنية وانصياع القوى وراء الأجندات الخارجية والتعبئة الخاطئة سواء المناطقية أو المذهبية.
موضحة أن رهان البعض على ورقة الانفصال أو الدعوة له لا تجدي نفعاٍ ولا تحقق أدنى معايير الأمن والاستقرار والنهوض فاليمن كلَ لا يتجزأ عن بعضه ولن تعرف البلاد الاستقرار والتنمية الحقيقية إلا من خلال الوحدة اليمنية التي ظلت وما زالت حلم الشرفاء والشهداء والأجيال المتلاحقة.