ماذا يعني فرض الحصار الشامل؟

سند الصيادي

بعد ساعات قليلة من ضربة موجعة في عمق الكيان أفقدته القدرة على التفكير ، أكّـدت القواتُ المسلحة اليمنية في بيان تاريخي أنها ستفرض حصارًا جويًّا شاملًا على العدوّ الصهيوني؛ ردًّا على تصاعد الإجرام الصهيوني في غزة، والسؤال الذي قد يتبادر إلى الذهن هو: ماذا وراء هذا التصريح وهذا القرار، والإجابة الأولية عليه تتلخص في الآتي : هذا يعني عسكريا توفر الإمكانات والقدرات العسكرية لتنفيذ هذا القرار، هذا يعني سياسيا أن اليمن مستعدة أن تذهب إلى أبعد مدى في حربها ضد الكيان، هذا يعني مبدئيا أن اليمن لن تتخلى عن غزة وفلسطين، وعموماً فإن هذا يعني أن اليمن تمسك اليوم بزمام المبادرة، فيما تتحرك بجرأة وفاعلية في معركة الإسناد للأرض المنكوبة بالمجازر المستمرة والمعزولة برسم الخيانة والتواطؤ العربي غير المسبوق.

قالت اليمن في سياق هذا القرار إنها لن تقبل باستمرار حالة الاستباحة التي يحاول العدو فرضها من خلالِ استهداف البلدانِ العربية كلبنان وسوريا، وباسم الأُمَّــة أوضحت أنها لن تخشى المواجهةَ وسترفضُ الخضوعَ والخنوعَ.

تجاوزت اليمن بشعبها وقيادتها وجيشها، وبإرادتها وروحها الجهادية والثورية، عقدة الجغرافيا في الحرب الاستراتيجية، وصنعت معادلة جيوسياسية جديدة في المنطقة وفي قلب الكيان، عنوانها الرعب والدمار وانعدام الأمن وتدشين الهجرة العكسية.

أعادت اليمن رسمَ قواعد الاشتباك بجرأة وإبداع، وفضحت الضعف البنيوي للداخل الإسرائيلي، وضيقت خياراته ما بين الاستسلام للواقع الجديد الذي شكلته العقول والسواعد اليمنية، أو خوض جولات جديدة نهايتها الانهيار أمام الأعاصير القادمة من هذه الأرض التي أهلها وأولو قوة وبأس شديد، لا مكان ولا منطق فيها للتراجع أو الانكسار.

رسمت اليمن فصول جديدة من الصراع الكوني، عنوانها أن هذا الكيان يتهاوى ويمكن أن يسقط، مدشنا حقبة جديدة من الشتات لمن لعنوا في الأرض بكل الكتب السماوية، وبأن منظومة الشر التي لها ما يقارب قرن من الأمان والعلو هذه قد بدأت بالأفول، وباتت على موعد مع الحق الإلهي الذي أساء الوجوه ومحص القلوب وميز الخبيث من الطيب، ورسم في الأفق باسم الله أكبر وبقية مقررات الصرخة الحسينية معادلة جديدة، لا مكان آمن فيها للعدو، لا سماء محمية، طالما أن غزة تُقصف، ودماء الأطفال تسيل.

أيقنت اليمن بمنهجيتها القرآنية الخالصة وقائدها المؤمن والحكيم والمحنك والشجاع، أن لهذه الحياة حكمة واختباراً كبيراً لا ينال شرف النجاح فيه إلا من لديه وعي وتحرك في المسار الصحيح، وأن طريق نصرة المستضعفين من النساء والولدان طريق مقدس ومحكوم بالتأييد الإلهي والنصر، وأن الأرض لله يرثها عباده الصالحين، ثم مضت إلى هندسة هذا الوعد الإلهي بديناميكية الرجال، رجال الفعل قبل القول، الذين لم يعودوا شركاء فاعلين في معركة السنن الإلهية وحسب، بل باتوا قادتها وطلائعها ورافعي رايتها.

 

 

قد يعجبك ايضا