العدوان مستمر.. والصمود ينتصر

لم يكن إعلان انتهاء “عاصفة الحزم” برغبة من الشقيقة “السعودية” أو استشعاراٍ منها بحجم الكارثة والمجزرة التي ارتكبتها في حق اليمنيين واليمن, وإنما كان ناتجاٍ عن هزيمة وفشل ذريع لتحقيق العدوان أهدافه المتمثلة بتدمير البنى التحتية المدنية والعسكرية لليمن, وإخضاع اليمنيين لهيمنة وسياسة المملكة.. لكن الصمود والتكاتف والتكافل الذي كان سيد الموقف والمشهد للشعب اليمني أذهل العالم وأخضع العدوان وأجبرهم عن التراجع والاستسلام وإعلان الهزيمة, رغم محاولته لصنع انتصارات واهية وغير حقيقية عبر وسائله الإعلامية.
وأكد العدوان للعالم أن المملكة لم ـ ولن ـ  تراعي علاقات وواجبات الجوار.. ولم تتحرك مشاعرها وإنسانيتها تجاه الأطفال والأبرياء من المدنيين الذين سقطوا خلال قصف طائراتها العدوانية على الأحياء السكنية والمؤسسات العسكرية والمدنية اليمنية, منذ ليلة الـ 26 من مارس 2015م وحتى 21 من إبريل الجاري .. مخلفاٍ جرائم إنسانية وعدوانية وضحايا بشرية, إذ أعلنت وزارة الصحة في إحصائية أولية لها, الأربعاء الماضي عن استشهاد 951 شهيداٍ وشهيدة و3311 مصاباٍ ومصابة جراء القصف الجوي السعودي بلغ عدد الأطفال منها 134 شهيد و 401 مصاب فيما بلغ عدد النساء 95 شهيدة و 225 مصابة بالإضافة إلى استهداف 9 مستشفيات في خمس محافظات.
  تدمير البنية التحتية العسكرية والمدنية لم يكن غائباٍ عن قائمة الأهداف الرئيسية للعدوان, إذ استهدفوا عشرات المؤسسات المدنية والمعسكرات  والتي قدرت خسائرها منظمة دولية قبل ما يقارب عشرة أيام من إعلان انتهاء العاصفة بـ 20 مليار دولار.
واستمر العدوان  السعودي في انتهاك سيادة الوطن وكرامة وحقوق اليمنيين من خلال الغارات الجوية التي نفذها وأسقط خلالها صواريخ وقنابل محرمة دولياٍ ومنافية لأخلاق الحروب.. ودون أن تكل الشقيقة “السعودية” أو تتراجع عن قرار قصفها, إنما كانت ترتفع شهيتها يوماٍ تلو الآخر, للقصف والضرب وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء والمدنيين والمؤسسات والطرق الطويلة التي تربط بين المحافظات والجسور المتواجدة في الخطوط الرئيسية بهدف تدمير البنية التحتية للطرق اليمنية والعودة باليمن إلى الوراء .. وكان أبرز وآخر المجازر التي ارتكبها العدوان, قبل إنهاء العاصفة, في وسط اليمن إب الثلاثاء الماضي, إذ استهدف جسر الكسارة ومحطة للمشتقات النفطية بمنطقة الدليل التابعة لمديرية المخادر ـ محافظة إب, ذهب ضحيتها أكثر من 25 شهيداٍ, وجرح العشرات من المدنيين وكذا انقطاع الخط العام الذي يربط محافظة إب بذمار وبالعاصمة صنعاء أيضاٍ بالإضافة إلى استهداف مساكن المواطنين بمنطقة “ضلاع همدان” شمال غرب العاصمة صنعاء.
وكان قد استهدف العدوان فجر الثلاثاء الماضي فرع قوات الأمن الخاصة بمدينة تعز بغارتين جويتين ما أسفر, بحسب مصدر محلي لوكالة الأنباء “سبأ” عن تهدم عدد من المنشآت والمباني الخاصة بالأفراد والضباط بالمعسكر.. بالإضافة إلى استهداف إدارة أمن حرض وفنادق ومطاعم وبعض المنشآت السكنية بمديرية حرض القريبة من الحدود السعودية الجنوبية والتابعة لمحافظة حجة, وذهب ضحايا هذا العدوان عشرات المدنيين ما بين شهيد وجريح.
الاثنين الماضي ارتكب العدوان أبشع مجازره, حين شن غارة جوية على منطقتي ” فج عطان, وحدة” جنوب غرب العاصمة بأسلحة محرمة دولياٍ, يعتقد بأنها قنابل عنقودية نووية, بحسب محللين عسكريين, بالإضافة إلى غارات همجية على محافظتي تعز وحجة, وراح ضحايا الغارات الجوية التي نفذها العدوان بنفس اليوم أكثر من 80 شهيداٍ و400 جريح من المدنيين بحسب إحصائية أولية لوزارة الصحة.
هذا وكانت ـ وما تزال ـ  المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية والخاصة تمر بأيام عصيبة وأليمة, إذ أنها تعاني من نقص حاد في العلاجات والأدوية وكذا ازدحام المصابين وكل المستلزمات الطبية, كما أنها دعت المواطنين إلى سرعة التبرع بالدم.
 وزارة الصحة العامة والسكان في تقاريرها  تؤكد أن المستشفيات الرئيسية ستعجز عن تقديم الخدمات الصحية والإنسانية الطارئة أو إجراء عمليات أو توفير خدمات الرعاية المركزة للمرضى المحتاجين.. مشيرة  إلى أن برامج إنقاذ الأرواح والحماية الصحية ستنهار تدريجياٍ بسبب شح أدوية الأمراض المزمنة مثل الغسيل الكلوي وأمراض القلب والأورام وتشهد بنوك الدم نقصاٍ خطيراٍ في الكواشف اللازمة لعمليات التبرع بالدم ونقله ويواجه مخزون الدم خطر التلف بسبب انقطاع التيار الكهربائي وسوف يؤثر نقص الإمدادات والوقود أيضاٍ على قدرة فرق الإسعاف على القيام بالتدخلات المنقذة للحياة.
منظمة الصحة العالمية حذرت في بيان لها,  من انهيار وشيك لخدمات الرعاية الصحية في اليمن.. وقالت ” إن المرافق الصحية في اليمن تصارع لمواصلة تقديم الخدمات في ظل استمرار النقص في الأدوية المنقذة للحياة والإمدادات الصحية الحيوية والانقطاع المتكرر للكهرباء المستمر وشح الوقود اللازم لتشغيل مولدات الطاقة”.
ورغم كل ذلك  كان العدوان – وما يزال – مصراٍ على  استمرار الغارات الجوية وتدمير البنى التحتية لليمن إن لم يكن إبادة الشعب اليمني المناضل والصابر أمام عدوان إقليمي وبتأييد عالمي.
وبحسب محللين عسكريين, فإن ضربات العدوان السعودي الأمريكي خلال الأيام الأخيرة كانت دليلاٍ بارزاٍ على احتضاره, بعد أن فشل وخذله حلفاؤه في مساندته بالتدخل برياٍ, ما دفعه إلى الاستمرار في عدوانه جوياٍ, وهو الأمر الذي أكد أنه يمر بأصعب مراحله وبآخر لحظات له قبل إعلان الهزيمة والفشل أمام الصمود اليمني.

قد يعجبك ايضا