عاصفة “الزبادي”

مملكة الرمال
عوض عن أن مملكة الرمال تعني أن عائلة ما تسمى (آل سعود) هي التي حشدت قوتها ضد بلد مستضعف لا زال في الساعات الأولى من قيامه من تحت جثامين الفاسدين من عملاء الأمريكان وآل سعود حتى يتعرض هذا البلد المنكوب بعملائه من الشخصيات والوجاهات المدنية والعسكرية والدينية ليأتي عدوان أشد إيلامٍا من ذي قبل ألم يكفه السنين العجاف من الذل والحرمان والمنع والتشدد والسيطرة والحماقات التي أفرغت كل أحقادها فوق هذا الشعب اليمني العظيم الذي باهي به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال مما قال فيهم “جاءكم أهل اليمن هم أرق قلوبٍا وألين افئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية” أقول عوضٍا عن هذا العنوان لمملكة الرمال فهي فعلٍا مملكة قامت على الاغتصاب وأسمت شعبٍا قوامه عشرون مليونٍا نسمة باسمها مع قرابة عشرة ملايين أجنبي هذا الرقم البشري تم إلحاقه ونسبه إلى عائلة واحدة اسمها (آل سعود) أحدث مثل هذا في التاريخ من قبل¿.
العدوان الغاشم
يقولون في التاريخ العسكري: “لا تسرع فإني مستعجل” أي أنني مستعجل الوصول إلى الهدف لكن لا تسرع بي في الخطى قد يبدو الأمران متناقضين لكن النتيجة والهدف منهما هو الوصول بأقصى سرعة وبأقل الخسائر بل ربما بدون أي خسارة تذكر وهذه قاعدة عسكرية يذكرها عادة الخبراء والقادة في الميدان العسكري ووسط الحروب يتعلمها أهل الاختصاص ليكونوا على يقين أن الأهداف التي ينوون تحقيقها تحتاج إلى صبر لا انتظار فيه ولكن إلى سرعة هائلة في ذات الوقت فأن أصل إلى ما أصبوا إليه خير من أن لا أصل إليه ولعل المناسبة التي نحن فيها اليوم من عدوان بربري همجي تكفيري سعوأمريكي غاشم بلغ ذروته من الحماقة هو ما ينطبق على هذه القاعدة وإن غدٍا لناظره قريب.
السياسة خدعتان
مما تعلمناه في المدارس القول بأن الحرب خدعة وسارت الأيام والسنون (ملحق بجمع المذكر السالم) وجاءت حرب صيف 1994م بين الشمال والجنوب كان المنتصر فيها هو الوطن والخاسر فيها كان هو الوطن في ذات الوقت لكنني كنت أفكر في الخدعة والحرب هل ينبغي أن تكون في الحرب خدعة بكل تأكيد وحتى لا أكون مثاليٍا أكثر من المحاربينº فإن  الخدعة المبنية على أسس تخدم الحق ولا تدعم الباطل هو ما أقصدهº فأن تكون على حق وخصمك في عدد أكبر وعتاد أكبر وأوفرº فهذا ما ينبغي أن تتسلح به من الشجاعة والتدريب والتخطيط والتنظيم والخدعة لكن المعنى والقول الجديد في تاريخ الحروب المعاصرة قد اختلف وقالوا إذا كانت الحرب خدعةº فالسياسة خدعتان وبالفعلº فالدول التي تعيش في هذا الفلك تمارس السياسة بأسلوب لا يقل ذكاء ودهاء عن الحروب بل تزيد عليه بخدعة واحدة في الإعلام فهي تقول غير ما تعني وتعني في موضع غير ما تقولº فالميدان شيء وما تعلنه يخالف الواقع تمامٍا لكن ليس بالضرورة أنك قد لمست هذا الاختلاف فمزيد من الوقت يعني أن تكسب الرهان وتحصد الكثير من الفوائد.
الغرفة النووية
في حرب صيف 1994م كان الانفصاليون يطلقون صواريخ على صنعاء ويومذاك بدأ الحديث عن فوائد وأهمية الملاجئ والأنفاق والجسور وغير ذلك من عدة وعتاد الأدوات اللازمة لمواجهة الحروب العصرية ومؤخرٍا كنت قد قرأت في الدستور السويسري وهو مترجم إلى العربية أهداني إياه الأستاذ زيد حجر الذي كان يعمل في الحقل الدبلوماسي بجنيف واعجبتني مواد كثيرة رائعة جدٍا أهمها كيف استطاعوا أن يوجدوا لكل شيء في البيئة نظام دقيق وحسابٍا يكفل للمواطن السويسري حقه في الحياة بكرامة وبتفانُ لا ضرر فيه ولا ضرار فالمواطن السويسري حسب الدستور هو الرديف في التنمية وهو الحصن الحصين الذي تعتمد عليه مؤسسات الدولة في بناء الجسدº فعلى صعيد الحياة الأمنية تسعى الدولة إلى إنشاء الملاجئ والحصون والأنفاق والجسور والطرقات القوية السليمة الآمنة بما في ذلك الغرف النووية والمقصود من الغرف النووية هي الملاجئ الأشد تحصينٍا وهي غرف مكيفة مجهزة لمثل هكذا طوارئ حيث يلجأ إليها الناس في حال اندلاع حروب كيماوية ولا مناص منهاº فالمواطن السويسري يشعر أنه هو الدولة وهو المتصرف في شؤنها يبادل مؤسساته الاحترام والوفاء فتبادله بذات السلوك فلا يشعر المواطن بأي نقص ولا ازدراء ولا إجحاف وكل منهما يعرف حدود التزاماته تجاه الآخر ومكانته ولكل منهما هيبته اللازمة والكافية.
العقل العربي
إلى أين وصل العقل  العربي حين اجتمع على قصعة ممتلئة بالمال المدنس ليتهافتوا عليها فيأخذ كل واحد منهم حقه بالباطل نظير القيام بطائراته وصواريخه ليعتدي على أخيه وجاره اليمن يجتمع أهل الباطل ليقتلوا النفس التي حرم الله أن تقتل إلا بالحق فأي حق جاءوا به ليحلقوا في سماء اليمن فيقتلوا النساء والأطفال ويدمروا الطريق والمصنع ألهذا اجتمعتم تبٍا لكم أتحاربون شعبٍا خرج للتو من ربقة الاستعلاء والغطرسة والارتهان للخارج ويقول ربي الله الذي لا إله إلا هو فجئتم له حماة أم جئتم لتطمسوا فيه روح البقاء والعيش بكرامة ولا ذلة هل أهدافكم التي رأيناها في الطفولة ودمائها المسفوحة البريئة المحترقة والماشية والقطعان النافقة والجسر المضروب والبيت المهدوم على رؤوس ساكنيه والقاطرة المحملة بالمواد الغذائية وأكياس الدقيق هي أسلحة الدمار الشامل هل أضعتم شيئٍا في يمن الحكمة جئتم لتبحثوا عنه بطائراتكم وصواريخكم وبوارجكم الحربية هل وجدتم شيئٍا في البيوت والأعشاش القروية هل استرحتم باستباحتكم للدماء الزكية إذن موتوا بغيضكم وبحقدكم وادفنوا رؤوسكم بعد كل جريمة وعدوان فهيهات منا الذلة وهيهات منا الركوع والخضوع.
عاصفة الزبادي
من الأهداف البائسة التي جاءت بها عاصفة الحزم أنها رأت في مصنع للمواد الغذائية خطرٍا وهو بالفعل خطر لأن الناس يحتاجون إلى الشراب والطعام وهذا لا يكون إلا في اللبن فما كان من عاصفة آل سعود والأمريكان التي هبت على شعب أعزل إلا أن نفذوا هدفٍا استراتيجيٍا من أهدافهم بقصف مصنع الزبادي وجعلوا هذا اللبن يراق في الأرض حتى لا يعيش كائنٍا ممن كانوا من بداخله من العمال والعاملات الذين احترقت أجسادهم والهدف الآخر أن تسقط الطائرات صواريخها الكبيرة الحجم فوق رؤوس الآمنين في منازلهم وفي مخيماتهم ليصبحوا بعد ذلك السقوط المدوي أكوام متفحمة وكأن أهل عاصفة الحزم قد تاقوا إلى لحوم الأدميين وسعدوا بذلك في صباحهم وعادوا ليقولوا: قد افرحنا أننا أحرقنا مخيمٍا لللاجئين لم يجدوا مهربٍا إلا إلى الموت وبهذا نكون قد بلغنا مقصدنا بهذا الإنجاز العظيم.
الخيبلة والدواعة
اللجان الثورة التي تعمل هنا وهناك في تأمين الطريق والساكنة وتوفير الحياة المعيشية الاعتيادية من المشتقات النفطية والخبز والغاز عليها أن تعي تمامٍا أن التقصير يعني أن يسير الناس ضحايا الإهمال وأنا اعزو هذا التقصير إلى البعض بـ (الخيبلة) و(الدواعة) وهذه مشكلة في نظري ينبغي أن يحاسب ازائها المهمل في هذا الظرف وفي غيره بأشد الحساب ولا رحمة ولا شفقة في هذا الأمر لأن الناس لا ينتظرون من الثورة شعارات وزوامل ومشاهد للاستعراضات بقدر أهمية حضور السكينة وحضور القوة  المادية والمعنوية على الأرض حيث لا مخبز يجرؤ على المخالفة في الأوزان ولا مرفق حكومي يجرؤ على التنصل من مسؤلياته في المحافظة على البيئة ولا مجلس محلي ولا موظف يجرؤ أن يساومك على قيمة التوقيع والختم وطباعة المذكرة ولا مرور يستوقفك ويصعد فوق سيارتك ليطلب منك حق القات فتعطيه فالثورة تعني (بتر) ما كان معمولٍا به قبل الثورة وإن لم يكن للثورة عامل ومعمولٍ فلا خير فيها بالمطلق فإذا أصر هؤلاء على أن يكونوا أنانيين فقد سئم الناس من الأنانية من الذين كانوا قبلهم وكانوا أشد على الثوار وقعٍا على نفوسهم أن يروا كيف يجتمع (الثعلب) وأكلة الأكباد في مائدة واحدة ويعزل الصادقين.
العمران واللا عمران
أقوم هذه الأيام بجولات سياحية في أنحاء المملكة السعودية اطوف وأشوف متجولٍا في الأسواق و”المولات” التجارية متنقٍلا من سيارة أجرة إلى أخرى ومن قطار إلى آخر وبسيارتي الخاصة تارة أخرى فزرت المدينة المنورة وجدة والرياض والقطيف ورأيت مدنٍا غارقة في العسل ومدنٍا غارقة في الانكسار العمراني عرفت أن هناك تمايزٍاº فالمناطق المسكونة بأهل العلم الوهابي التكفيري تجد قراهم ومدنهم وأحياءهم قد اعتراها النقاء والصفاء والجدة والتخطيط والخدمات والبنية التحتية بينما قرى ومدن يسكنها غالبية غير وهابية قد هالها الكسل والشمس المحرقة والرصيف الحارق والعمود الكهربائي المهترئ والشارع المتبلد وغرف المجاري المكشوفة وكأن المكان الذي تراه أمامك لم يمسسه بشر منذ ثلاثين سنة تقريبٍا كانت الوجوه بالنسبة لي مألوفةº فمعظم سكان نجد والحجاز وغيرهم هم من القبائل العربية التي نعرفها ففيهم الشهامة والنخوة وفيهم الأصالة وفيهم القوة والشجاعة وحين اقتربت منهم مخاطبٍا إياهم عن أحوالكم مع آل سعود قالوا لي بالحرف الواحد نحن مالنا والسياسة نحن نعيش في قرانا ومدننا هادئين وضعت نقطة على جوابهم لكنني لم أقتنع.
الوهابية والسياسة
في محاولة ثانية طرحت ذات السؤال على عينة من أصدقائي في المملكة السعودية ومن قرى بعينها وقلت لهم ما رأيكم في آل سعود¿ قالوا لي بالحرف الواحد لا تحدثنا يا أخي في السياسة رجاء صك هذا الموضوع فصككته بالفعل ذهبت إلى جدة والتقيت بشخصيات إحداها بدرجة وزير وهو شاغل وزارةº فسألته ما رأيك دكتور (فلان) في آل سعود قال لي: نحن نعيش في السياسة وعملنا معهم منذ عقود طويلة بصيغة أخرى سألته هل هذا يعني أنك توافقهم قال لي نعم أوافقهم دون تفريط سألته وما رأيك اذٍا في مؤسسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الوهابية) أجاب قائلٍا: هذا الأمر لا نتفق معهم فيه البتة هم في ناحية ونحن في ناحية أخرى هذا الجواب أكد لي بما يدع مجالٍا للشك عندي أنني ما كنت أسأل هذا السؤال لولا أنني كنت على يقين أن هناك شعبٍا لا يرضى  بـ (المجسمة) و(اليهودة) الخاصة بآل سعود جئت إلى نفس الصديق (الوزير) وسألته مرة أخرى ما رأيك في آل سعود عفوٍا أقصد في (آل الشيخ) قال لي لا تسجل ما سأقوله لك أجبته حسنٍا لا أخفيك سرٍا أنني لم أتفق معهم في أي موضوع ديني على الإطلاق منذ طفولتي حتى اللحظة خذ مني هذا الجواب ببلاش.
المنطقة الشرقية
في جولتي الأخيرة سألت أناسٍا عن أحوال المنطقة الشرقية من المملكة فقالوا لي أن المنطقة مليئة برجال الأعمال الذين كانوا في أيام الشدة والنشأة الأولى للحاكم السعودي هم أكثر الناس بذلٍا للمال وكانوا السباقين في احتضان المشاريع فهم من نفذوا البنية التحتية للمملكة ثم سألتهم وماذا بعد قالوا هؤلاء الذين كانت لهم بصمات في تاريخ نشوء المملكة في الإعمار والنشاط التجاري اصبحوا اليوم في حالة مزرية مهمشون يعيشون بلا مناصب ولا يجدون الوظائف لا مقاعد لهم حالتهم كسكان الصفيح رغم أنهم أصحاب رؤوس أموال ووطنيون لكنهم أمام السلطات مهمشين وعلى حذر منهم سألتهم إذٍا أنا في المنطقة الشرقية ذات الأغلبية السنية غير الوهابية قالوا نعم أصبت وهذه المنطقة ثرية وغنية بالنفط قالوا نعم وأنتم تعيشون الفقر وسوء المعاملة في كل مناحي الحياة المالية والإدارية والسياسية من جانب السلطات السعودية فهل هذا صحيح قالوا صحيح ختمت زيارتي الافتراضية في نواحي المملكة وعدت أدراجي لأكتب ما شاهدت وسمعت وقرأت.
الدشمة الملكية
في جولتي المتفرقة في أرجاء المملكة السعودية رأيت ما لم يخطر على بالي ولم يكن يخطر لولا عشق التجوال والتفرس في المكان على الصعيد العسكري رأيت قوة عسكرية سعودية ضاربة بل أحدث ما أنتجته المصانع الأمريكية والأوروبية تجده في مخازنهم أسلحة هائلة مكدسة بالمليارات حين سألتهم لم كل هذه الأسلحة أجابوني لحين الشدة تصفحت مجلات تصدر من الأكاديمية الملكية العسكرية وجدتها غنية بالموضوعات والأبحاث والدراسات وغيرها لكن ما لفت انتباهي هو لقطة للمحارب السعودي وهو جالس ببزته العسكرية ويمسك برشاش مضاد للطائرات يتوسط الدائرة التي تحيطه بأكياس رملية والمكان جبلي خالص التحليل الأولي للصورة روعة الأكياس المحيطة بالجندي وكأنها (وسائد) مخملية في قمة الأناقة أما الرشاش المضاد فلا يزال جديدٍا وكأنه خرج للتو من الكرتون لكن المدهش هو الأرضية التي يجلس عليها الجندي حيث كانت مرصوصة بالبلاط القيشاني أو المرمر ولون البلاط يميل إلى ذات اللون الذي عليه الأكياس الرملية أما هيئة المكان تبدو كأنها قطعة من فندق خمسة نجوم في جبال لوزان السويسرية.

alkepsinet@hotmail.com

قد يعجبك ايضا