حقوق الإنسان في الخليج ومواقف أمريكا والغرب..!

طه العامري

تهتم أمريكا والغرب بالكيان الصهيوني وأنظمة الخليج بصورة استثنائية دون باقي حلفائهم في بقية دول العالم، إذ تقدم أمريكا والمنظومة الغربية رعاية خاصة لنظام الاحتلال الصهيوني في فلسطين، وتتماهي بهذه الرعاية لأنظمة الخليج القمعية والمستبدة، وتعمل هذه الدول، أي أمريكا والدول الغربية بحماس منقطع النظير للتغطية عن جرائم الاحتلال في فلسطين بما في ذلك حرب الإبادة التي أودت بأكثر من ” 70 ألف عربي فلسطيني” في قطاع غزة وجرح أكثر من ” 200 الف ” وتشريد قرابة ” 2 مليون ” من سكان القطاع، وتدمير القطاع بكل ما فيه من شجر وحجر، لم يسلم من عدوانه جامع ولا كنيسة، ولا مستشفى، ولا مدرسة، ولا جامعة، وبلغت همجية العدوان حد قصف الخيام بطائرات إف 16 أو بالطائرات المسيرة، ناهيكم عن اغتيال أكثر من” ثلاثمائة صحفي” وهذه لوحدها جريمة حرب موثقة، ناهيكم عما يجري في الضفة والقدس، وجنوب لبنان وسوريا، واليمن، ومع ذلك لم يدن الغرب، ولا أمريكا هذا العدو، وهناك أنظمة تعتبر ما قام به العدو من جرائم أفعال مبررة على أحداث السابع من أكتوبر..؟!

أنظمة الخليج تحظى بدورها برعاية هذه الترويكا الاستعمارية خاصة النظام السعودي، الذي يرتكب ابشع الجرائم القمعية بحق مواطنيه لا يفرق في سياسته القمعية بين طفل وبالغ وبين شاب وشيخ، وبين رجل وامرأة، وطال القمع اللاجئين والعمالة الوافدة وخاصة العمالة الوافدة من دول جنوب آسيا والقرن الأفريقي واليمن، إذ تطال الإجراءات اللا إنسانية رعايا هذه البلدان دون غيرهم من رعايا أمريكا والغرب والصهاينة، الذين يستقبلهم النظام السعودي بكثير من الترحاب والحفاوة..!

ما يمارسه النظام السعودي بحق معتقلي الرأي في البلاد، يفوق بكثير ما كانت تمارسه الأنظمة الديكتاتورية في دول أمريكا اللاتينية زمن خضوعها “لشركة الموز الأمريكية” إذ تحكي تقارير المنظمات الإقليمية والدولية، عن جرائم مهولة وانتهاكات بشعة تمارس بحق كل من يقع في أيدي أجهزة الشرطة، أيا كانت تهمته، يتعرض للإهانات والضرب، وإن كانت التهمة تنحصر في قضية سير، غير أن البشاعة تتعلق بحق معتقلي الرأي والتي تمارسها أجهزة النظام ومحاكمه، فالتعذيب والانتهاكات، ومصادرة حقوق المعتقل، والإخفاء القسري، وقطع تواصله مع أهله وذويه، وممارسات كل أشكال التعذيب النفسي والجسدي بحق المعتقلين، لينتهي الحال بكل هؤلاء أمام محاكم صورية، وقضاة يشكلون جزءا من منظومة الاستبداد، الذين مهمتهم منح تصاريح الأعدام بحق الضحايا الأبرياء، الذين كل ذنوبهم انهم عبروا عن آرائهم تجاه بعض المسئولين الفاسدين في البلاد، واعترضوا على ظلم طالهم وطال ذويهم، فيكون عقابهم، خارج نطاق تقبل العقل السليم، وفي هذا يحكي بعض شهود العيان من مواطني المملكة الذين يسربون معلومات عما تقوم به أجهزة النظام السعودي داخل سجونها ومراكز التحقيق، عن فضائع تمارس بحق معتقلي الرأي من أبناء البلد، فيما المعتقلون الوافدون من الدول الأخرى تعاملهم سلطات المملكة كحيوانات وبكثير من الغطرسة والهمجية والتوحش وخاصة من أبناء اليمن ودول القرن الأفريقي تحديدا باعتبار أبناء هذه النطاقات الجغرافية مجرد “عبيد” لا قيمة لهم وليس هناك من يجرؤ على متابعة أوضاعهم في سجونها لأنهم ينتمون لدول فقيرة حكامها ونخبها مرتهنون ويقبضون من “طويل العمر” مرتباتهم الشهرية ومكارم موسمية أخرى ..

أحكام الإعدام تطال الأطفال والنساء من أبناء المملكة، وتطال أيضا بعض شرائح الوافدين، وكل هذا يجري باسم تطبيق “الشرعية الإسلامية” التي لا يعرفها النظام ولا تعرفها أجهزته..!

المثير أن كل المنظمات الحقوقية العربية والدولية فشلت في لفت أنظار العالم وحماة الحريات، أمثال أمريكا والمنظومة الغربية، الذين يتشدقون برعاية وحماية الحقوق والحريات، لكنهم يتخذون هذا الأمر للمساومة السياسية وابتزاز الأنظمة الفقيرة، و فيما يتعلق بالنظام السعودي والأنظمة الخليجية يتغاضون عن جرائم هذه الأنظمة، التي يهتز لها عرش الرحمن، لان النظام السعودي يشتري صمت رعاة الحقوق والحريات بالأموال والصفقات، وهذا يبرز حقيقة النفاق الوقح، الذي تمارسه أمريكا والغرب، فيما يتعلق بقضية حقوق الإنسان، الذي وظفته أمريكا والغرب، ضد الأنظمة العربية المناوئة للعدو الصهيوني، فيما أنظمة قمعية وديكتاتورية واستبدادية مثل النظام السعودي وأنظمة الخليج والكيان الصهيوني، الذي يمارس ابشع وأحقر أشكال الانتهاكات بحق شعب محتل، غير أن أحدا في هذا الكون لا يجرؤ عن الحديث والسبب ان الكيان هو قاعدة متقدمة لأمريكا والغرب وذراعهم في الوطن العربي، فيما النظام السعودي هو حارس أمين لكيانهم، إضافة لكونه” بقرتهم الحلوب” التي تمدهم بالطاقة والمال وفاتحة أسواقها منتجاتهم.

إن المال السعودي غطى على عيون كبار المسؤولين الأمريكيين والغربيين، الذين يتلقون أموالا طائلة من” بن سلمان” الذي قتل الصحفي ” خاشقجي” وداخل سفارة بلاده بتركيا وقطعه بالمنشار، وبعد الفضيحة اغدق بن سلمان الأموال لكبار المسئولين في أمريكا والغرب وتركيا، وابرم مع هذه الجهات صفقات تجارية وتمكن من شراء صمتهم، لدرجة ان الرجل أنفق ” أربعة مليارات دولار” لشراء صحفيين وصحف أمريكية وغربية، فقط لتمتنع عن تناول قضية “خاشقجي”، قبل أن يخطوا ويلغي “هيئة الأمر بالمعروف” ويستبدلها ” بهيئة الترفيه” ويطلق العنان للنساء لقيادة السيارات، وتبدأ رحلة المهرجانات الترفيهية والإغراءات السياحية، ودفع المليارات من الدولارات لمشاهير الفن والغناء ونجوم السينما والمسرح من كافة بلدان العالم، لدرجة السماح بافتتاح الملاهي الليلية وتعاطي المشروبات الكحولية والسماح بها داخل المملكة تحت شعار “البيع للأجانب” فيما الحقيقة ان المشروبات تباع اليوم في كل مدن المملكة ولا يزال “القات اليمني” هو المادة الوحيدة المحرمة في البلاد..!

جرائم بن سلمان، جرائم مخجلة بحقه، لكنها وصمة عار بحق أنظمة دولية، تزعم كذبا رعايتها للحقوق والحريات الديمقراطية، كما توظف هذه الدول هذه الورقة بحق إيران، وفنزويلا، والصين، وروسيا، وجنوب أفريقيا، وكولومبيا، وكل دولة ونظام لا يقبل الارتهان لأمريكا والغرب ولا يقبل التعامل مع الكيان الصهيوني..!

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا