الأسرة /خاص
الفعاليات التي شهدتها مختلف المحافظات اليمنية مؤخرا في إطار احياء اليوم العالمي للمرأة المسلمة، تسلط المزيد من الضوء على أهمية دور النساء في تحقيق نهضة تنموية مجتمعية شاملة وكذلك على دور نساء الريف في مجالات التنمية وخصوصا التنمية الزراعية.
معظم النساء الريفيات على مستوى العالم وليس على المستوى المحلي فقط، يعتمدن على الموارد الطبيعية والزراعة في معيشتهن ويشكلن أكثر من ربع إجمالي سكان العالم، كما تشير إلى ذلك أرقام وبيانات الأمم المتحدة، حيث تمثل هذه الشريحة حوالي 43 % من القوة العاملة الزراعية في معظم البلدان النامية وينتجن ويصنعن الكثير من المواد الغذائية المتاحة ومن هنا يلعبن دورا كبيرا في تحقيق الأمن الغذائي في تلك البلدان.
التمكين الاقتصادي
المرأة الريفية في اليمن.. وانطلاقا من حقيقة أن المجتمعات في الريف تعتمد على المرأة بدرجة أساسية في الزراعة وتربية المواشي، تتحمل في كثير من الأحيان والمناطق أعباء أكثر مما يتحمله الرجل.
وتؤكد الإخصائية الاجتماعية الهام العامري أن تمكين النساء اقتصاديا واجتماعيا يجعلهن قوة فاعلة للتغيير والبناء في المناطق الريفية، ناهيك عن دور المرأة الريفية في إدارة الأسرة وإسهاماتها الكبيرة في الإنتاج الزراعي وخاصة أن الدولة عملت في الآونة على الأخيرة على الاهتمام بالجانب الزراعي والاهتمام بدعم المرأة الريفية.
وتوضح العامري أن توفير فرص التدريب والتعليم للنساء الريفيات من شأنه أن يسهم في تجويد وتعزيز الدور النسوي في التنمية وفي تحسين الدخل ورفع مستوى حياة الأسرة والمجتمع وبالتالي الإسهام الفعلي في جهود مكافحة الفقر والجوع ومواجهة معضلة سوء التغذية التي تنتشر اكثر في المجتمعات الريفية.
أدوار متعددة
لا تتوقف وظيفة المرأة الريفية في اليمن ودورها في الحياة عند تحمل مشاق الحمل والولادة وتربية الأولاد وتدبير أمور المنزل فقط، بل يتعدى ذلك إلى مشاركتها الرجل في كل أعماله خارج البيت، ومساعدته في مواجهة مصاعب الحياة من خلال العمل في الزراعة وجلب الماء وقطع الأحطاب والأعلاف وتربية الأبقار والمواشي والاعتناء بها.
وبطبيعة الحال فإن منازل الريف اليمني لا تخلو من المواشي وامتلاك أربابها من الأراضي الزراعية وكل فتاة هناك تبدأ في مرحلة مبكرة من حياتها في المشاركة في كل أمور المنزل والعمل في المزرعة وتربية المواشي والأبقار.
وفي كثير من الأحيان عندما يُجبر الرجال على الهجرة والاغتراب بحثا عن الرزق، تجد المرأة نفسها مسئولة بمفردها عن البيت والأسرة والقيام بأعمال الزراعة والرعي.
ويقول الباحث الاجتماعي محمد علي أبو صلاح في حديثه لـ” الاسرة” إن المرأة الريفية في اليمن تكابد ظروفا معيشية قاسية وتحكمها عادات وأعراف المجتمع الريفي وتتحكم فيها التضاريس المناخية والمواسم الزراعية، فكل فصل وموسم يحمل معه للمرأة ألوان من المتاعب والأعمال الشاقة والأعباء المختلفة مع غياب الخدمات الأساسية وخدمات التعليم والصحة في كثير من تلك المناطق.
المعارض النسوية
من أبرز البرامج الخاصة بتشجيع النساء اليمنيات على الانخراط في سوق العمل وإبراز قدراتها ومهاراتها في مختلف المجالات الإنتاجية، إقامة المعارض النسوية بصورة دورية والتي تمثل فرصة مناسبة أمام المرأة من لعرض منتجاتها وبالتالي الإسهام في دعم المنتج المحلي والاقتصاد الوطني.
ويوضح مختصون أن إقامة المعارض الاقتصادية النسوية من شأنها دعم وتشجيع المشاريع الصغيرة والأسر المنتجة على طريق تحقيق الاكتفاء الذاتي الذي يحظى بأولوية خاصة من قبل الدولة والحكومة.
ان المرأة اليمنية سواء في الريف أو في المدن تبقى شريكة رئيسية في عملية البناء والتنمية وهو ما يجعل من تشجيعها وتنمية مهاراتها موضوعا مهما
وتلعب المرأة الريفية دوراً جوهرياً ومتعدد الأبعاد في دعم توجه الحكومة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي، إذ تشكل قوة عمل أساسية في الأرياف، وتشارك النساء بشكل مباشر في مختلف مراحل العملية الزراعية، بدءا من إعداد الأرض وزراعة المحاصيل الغذائية الأساسية، مرورا بعمليات الري التقليدي ومكافحة الآفات بوسائل محلية، وصولا إلى الحصاد والتجفيف والتخزين، كما تضطلع المرأة الريفية بدور محوري في حفظ وإكثار البذور المحلية المتوارثة التي تتميز بقدرتها على التكيف مع التغيرات المناخية وشح المياه ما يسهم في استدامة الإنتاج الزراعي وتقليل الاعتماد على المدخلات المستوردة، ولا يقتصر دور المرأة الريفية على الزراعة النباتية فحسب بل يمتد ليشمل تربية المواشي وإنتاج الألبان ومشتقاتها وهي أنشطة تمثل مصدرا مهمًا للغذاء والدخل الأسري وتدعم الاقتصاد الريفي المحلي، كما تساهم النساء الريفيات في الصناعات الغذائية المنزلية مثل تصنيع الحبوب وتجفيف الخضروات وحفظ الأغذية، بما يقلل الفاقد الزراعي ويعزز قدرة الأسر على الصمود في أوقات الأزمات، ويعد تمكين المرأة الريفية من خلال توفير التدريب الزراعي والدعم الإرشادي والتمويل الصغير وتحسين وصولها إلى الأراضي والموارد الزراعية عاملا حاسما لإنجاح سياسات الاكتفاء الذاتي الزراعي وتحقيق تنمية ريفية شاملة ومستدامة.
ويؤكد مختصون أن تمكين النساء اقتصاديا واجتماعيا يجعلهن قوة فاعلة للتغيير والبناء في المجتمع الحضري وكذلك في الريف حيث يتضاعف دور المرأة في إدارة الأسرة ورفع وتيرة الإنتاج وخصوصا الزراعي منه.
وعملت الحكومة اليمنية في الآونة الأخيرة على الاهتمام بالجانب الزراعي وقد وضعت حكومة التغيير والبناء تطوير الزراعة في رأس برنامجها، ولا شك أن هذا الاهتمام الرسمي سينعكس إيجابا على مستوى الحياة المعيشية في الريف والحضر على حد سواء.
