لقاء/ محمــد محمـد إبراهيم –
> بنك المغتربين سيكون تنموياٍ وليس ربحياِ
> مؤتمرات المغتربين عززت الانتماء الوطني لكن معظم توصياتها لم تنفذ
> تداخل الاختصاصات بين الخارجية والمغتربين القت بظلالها السلبية على المغترب وضاعفت من خسائره
> نطالب الدولة بعدم تعيين أي رئيس جالية فهذا ينقل الصراع السياسي إلى أوساط المغتربين ولا حل إلا بالانتخابات
قضايا المغترب اليمني ومعاناته ومشاريعه الرابطة له بوطنه الأم وحضوره على الصعيد الخارجي وجهود الدولة وحصاد مؤتمرات ثلاثة عقدتها الحكومة بحثاٍ في التحديات والمشاكل التي يعاني منها المغترب وتذليلاٍ للصعاب أمامه هذه هي مرتكزات حوارنا في هذا المقام.. هذه المرة لن نبحث عن الإجابات من المسؤولين في وزارة المغتربين.. بل سنبحث عن الاجابات من أصل الجمهور المستهدف من خدمات هذا الكيان الوطني المنوط به مد جسور الانتماء والاخاء والعطاء بين اليمنيين في الداخل والخارج.. ومن مغترب يمني قدِم وطرح الكثير من الافكار والمشاريع الكبيرة التي تحتاج إلى صدق رسمي من الجهات المسؤولة وشعبي من أوساط المغتربين حتى تنجز وستؤتي ثمارها بعد حين ومن أهم الافكار التي طرحها فكرة بنك المغتربين منذ 1997م وظل يلاحقها حتى اللحظة وهو إلى جانب هذه شاهداٍ حياٍ على سلسلة من المؤتمرات والورش والندوات التي عقدت وتم الحشد لها بقوة واهتمام من قبل الدولة ممثلة بوزارة المغتربين كما قدم العديد من الدراسات حول تطوير منظومة العمل المؤسسي بالجاليات اليمنية محاولاٍ ربطها فيما بينها ثم ربطها بالوطن الأم حيث أسس مع ثلة من المغتربين مؤخراٍ جمعية أمان التعاونية السكنية للمغتربين اليمنيين ويشغل الآن رئيسها.. إنه الأديب والمثقف المغترب محمد أحمد المحضار مدير فرع بنك أهلي بعسير طيلة (25عاماٍ) في السعودية………….. إلى تفاصيل اللقاء:
● بداية استاذ محمد .. وأنت رئيس جمعية أمان التعاونية السكنية للمغتربين هل لديك معلومات معينة عن قوام المغتربين اليمنيين في الخارج.¿ وما حجم استثمارات المغترب اليمني في الخارج والداخل.. ¿ وما وما هي أهداف هذه الجمعية .. ¿
– في البدء أرحب بجــريدة الثورة شاكراٍ لكم الاهتمام بقضايا المغتربين اليمنيين… وبالنسبة لتعداد المغتربين اليمنيين في العالم فيصل إلى 12 مليارات نسمة تقريباٍ واستثماراتهم في الخارج تقترب من (200) مليار دولار وفي الداخل تصل استثماراتهم نحو(5) مليارات و(400) مليون دولار سنوياٍ وحسب تقرير البنك المركزي في العام 2010م وليست أصولاٍ ثابتة.. وفي أيام الاحداث ارتفع المبلغ إلى (8) مليارات دولار استشعاراٍ من المغترب بمسؤولية دعم الوطن ولك أن تراجع تقارير البنك المركزي كما أن هناك مبالغ خارج الإطار الرسمي والاحصائي..
أما أهداف جمعية أمان التعاونية السكنية للمغتربين اليمنيين فتسعى إلى إنشاء المدن والقرى الصناعية في الممرات والمنافذ والاسواق الحرة وخاصة فتح سوق مشتركة بين القارة الافريقية ودول مجلس التعاون واليمن .واقامة وتطوير الاراضي وتخطيطها وتزويدها بالخدمات العامة الإنارة- الماء – الهاتف – الصرف الصحي.. وكذا إقامة الاسواق المركزية للمنتجات الزراعية وتسويقها وتغليفها وتصديرها عبر المغتربين في بلدان الاغتراب كنقاط بيع وتسويق .. وجلب البنوك والصناديق والمنظمات المحلية والعالمية والاممية العاملة في مجال التنمية والاستثمار وخاصة في الانسان وتنميته وتطوير مهاراته والمشاريع والاعمال لخدمة المجتمع .
مؤتمرات
● حتى الآن عقدت ثلاثة مؤتمرات للمغتربين.. هلا لخصتم لنا ماذا هذه المؤتمرات للمغترب في المهجر.. ¿
– بالنسبة لمؤتمرات المغتربين الثلاثة هي كانت محطات مهمة جداٍ منحت المغترب روح الانتماء الوطني وشكلت نقاط تحول على صعيد ربط المغترب بالوطن لكن يجب أن أشير إلى أن المعضلة التي تؤرق اليمنيين سواءٍ في المهجر أو في الوطن هي تحويل المشكلات إلى ظواهر بالتغاضي عن الحلول الصحية في البدايات الأولى لأي مشكلة واصدار القوانين لكن دون تنفيذها وتحويل الهم العام إلى مؤتمرات يردد الاعلام توصياتها وقراراتها وتفضي في النهاية إلى الأدراج.. وبهذا نفرغ النصوص من القيم فتكون نصوصاٍ جوفاء لا أكثر.. مؤتمرات المغتربين الثلاثة أصلت المشاكل وحددت جذورها لكنها لم تحل كل تلك المشاكل.. فمؤتمر المغتربين الأول المنعقد في صنعاء والذي كان لفتة رائعة وكريمة فتحت ابواب الأمل على تعزيز أواصر التواصل بين المغترب ووطنه لكن توصياته اصطدمت بواقع مليء بالمعضلات وبالتالي لم يحقق المؤتمر الاول شيئاٍ غير التعارف والمادة الاعلامية بل زاد المغترب مشاكل فوق مشاكله..
● ما هي المشاكل التي تعقدت بعد هذا المؤتمر … ¿
– أولاٍ كان المغترب في غنى عن نبش وطرح مشاكله العالقة في الخارج لأن ذلك لا يعني حلها بل يعني التذمر منها فيعكس صورة قاتمة لدى الجهات التي يعمل فيها.. فالدولة لم تستطع ان تحل مشاكل اليمنيين في الداخل فكيف تحلها في الخارج الاشكال الثاني أن المغترب شغل نفسه بأمل ومطامح من الصعب تحقيقها في ظل بلد بحاجة عمل وتنمية وليس إلى مؤتمرات وتوصيات لا تنفذ.. صحيح أن مؤتمرا دولياٍ يعقد ويناقش مشاكل المغترب اليمني أمر فيه الفائدة والالتفات إلى جهود المغترب واسهامه في التنمية كما أنه أمر يستحق التقدير فهو يفتح نوافذ كثيرة على معاناة المغتربين وهذا شيء مهم لكن الأهم هو هل نستطيع حل هذه المشاكل من خلال هذا المؤتمر..¿
● هل ناقش المغتربون مع الوزارة هذا الأمر في المؤتمر الثاني¿ وبماذا خرج المؤتمر..¿
– نعم طْرِحِت هذه المشكلة في المؤتمر الثاني للمغتربين وكان الأمل مْعلقاٍ عليه كثيرا في مراجعة ما خرج به المؤتمر الأول وتفعيل تلك التوصيات…. وللأمانة كان المؤتمر الثاني أكثر حضوراٍ وصار فيه تفاعلا إيجابياٍ ركز على لفت إنتباه المغترب إلى أهمية تعزيز التعاون وتوجيه رؤوس الأموال الاستثمارية المهاجرة إلى الوطن وطرح المغتربون القضايا والمعوقات التي تعيق الاستثمار في البلد..
أما ما خرج به المؤتمر الثاني فقد خرج بتوصيات قوية وخادمة للمغتربين اليمنيين للأمانة ومن أهمها انشاء بنك المغتربين حيث تترجم من توصية في المؤتمر الأولى إلى توجيه رئاسي في المؤتمر الثاني من قبل الرئيس السابق حيث قابلناه بعد المؤتمر.. لكنها هذه التوجيهات وأيضاٍ التوصيات لم تتحقق على أرض الواقع.. صحيح أن التعاون تزايد وبدأت الوزارة مسألة الالمام بقوام المغتربين عبر برامج مسحية شاملة لكن زال هناك الكثير من المشكلات.. أما المؤتمر الثالث فقد خرج بمصفوفة هامة وجريئة من التوصيات كان الأهم فيه هو التوجيه الرئاسي للحكومة بضرورة استكمال ترتيبات انشاء بنك المغتربين وهو ما أقرته الحكومة وشكلت لجنة متابعة له..
● ما هي أبرز المشاكل التي ظلت عالقة في طريق المغترب اليمني.. ¿
– هناك مشاكل مختلفة ومن أبرز المشاكل التي ظلت عالقة بل جاءت رغم أن الحكومة عمدت بجدية في متابعة قضايا المغتربين وكان من أهم نشاطها بعد المؤتمر العام الثالث إنشاء الدرعان للمحاماة وكانت معنية بالدفاع القانوني عن حقوق المغتربين لكنها وصلت إلى طريق مسدود وفرضت علينا مشاكل أخرى حيث ارتفعت رسوم تجديد الاقامة وارتفعت تكلفة تجديد الجوازات .. وفوق ذلك كان هناك خلاف بين وزارتي المغتربين والخارجية حول عمل ممثل للمغتربين في السفارات لمتابعة شؤون المغتربين ونتج عن هذا التداخل امتناع مندوب السفارات – مثلا- في المملكة من زيارة المناطق النائية لأخذ معاملة المغتربين وتجديدها وإعادتها الآن صار على المغترب اليمني في أي مكان في السعودية أن يسافر للرياض أو إلى جدة لمتابعة معاملته ليتحمل خسائر كبيرة.. الأخطر من هذا أن وزارة المغتربين اليمنيين في مباحثاتها الأخيرة مع وزارة العمل بالسعودية تطرقت إلى اتفاق يقضي باعتماد المستوى العلمي والمهني للمغترب اليمني في تحسين أوضاعه وهذه الخطوة اعطتنا نتائج عكسية لأن %99 من المغتربين اليمنيين في السعودية والخليج هم بالخبرة ورغم هذا العمل إلاأن معالي الوزير أعطانا وعداٍ بإعادة النظر في مساواتنا بالعمالة الأخرى.. فإذا كان الأمر كذلك لعودة 99 % من العمل بالخبرة وأنا مدير بنك بخبرة وليس بشهادة.. وكان الأجدر أن نبحث جميعاٍ سبلاٍ من شأنها تدويل خبرات المغترب اليمني عبر برامج تطبيقية تدعمها وزارات المغتربين اليمنيين بالتعاون مع وزارة العمل السعودية..
واجب وطني
● المعول عليكم كمغتربين دعم الوطن كواجب غير مشروط.. فما هي مطالبكم من الدولة لمساعدتكم للقيام بهذا الدور الوطني والانساني.. ¿
– نحن ندرك مسؤوليتنا الوطنية والانسانية تجاه اليمن لكن لنا حقوق دستورية على الدولة تحقيقها عليها اعتبار المغترب اليمني مواطن له كل الرعاية في الخارج بإعطاء المغترب حقه في قيادة المؤسسات المتعلقة بالمغتربين لأن المغترب أقرب إلى المغترب لأني كمغترب – مثلاٍ- اقنع زملاء المهجر بحق الثقة وعلى أرض الواقع وأقرب إليه من أي جهة أخرى.. كما نطالب بأن يكون ممثلي الوزارة في بلدان الاغتراب في السفارات اليمنية من المغتربين.. وأن يتم اختيار مسؤولي الجاليات من المغتربين وفق انتخابات لا تعييـن.. لأن 90 % من رؤساء تم تعيينهم من الدولة السابقة واللاحقة… فعندما تلاحقنا السياسية والمحسوبيات إلى بلدان المهجر معنى هذا إننا نهاجر بعقدنا وعصبيتنا.. نحن نريد مسؤولاٍ في الجاليات ينتخب ويفوز بالأغلبية….
شراكة حقيقية
● ما هي إمكانيات المغترب اليمني لإقامة شراكة حقيقية مع الوطن.. ¿ ولماذا تمانعون من الشراكة مع الدولة ..¿
– صحيح حاليا المغترب مستعد لإقامة شراكة مع الوطن لا مع الدولة وبرأس ماله الخاص ويشترط أن يدير هذا العمل هو.. ونريد من الدولة أن تكون هي المظلة القانونية والسيادية والراعية.. فقط تعطينا الاراضي إذا عندها امكانيات والمغترب يتولى الاستثمار وادارة مشاريعه وفق شراكة مع الشعب من خلال الاكتتاب توسيع الشراكة الجماهيرية فكلما اتسعت وتشابكت المصالح تغلبنا أكثر على المخاطر… وصدقني أن المغترب اليمني يريد أن يكون شريكاٍ مع الوطن من أجل بنائه وتنميته من خلال الاستثمار والبناء لا شريكاٍ مع جهات وقوى نفوذ تتصارع فتتعثر المشاريع وتصيب الخسارة الجميع.. أما موانع الشراكة مع الدولة فتكمن في ضعف الدولة وغيابها وعدم قدرتها على انفاذ القوانين والضمانات وهذا سر اخفاقها في الجانب التجاري.. الأمر الأهم أن المغترب اليمني لن يأتي ليستثمر في بلده في ظل اختلالات أمنية وصراع نفوذ قبلي أو سياسي.. وقد اثبتت التجارب أن الشراكة مع الحكومة لن تثمر إذا لم تكن وفق أطر مؤسسية وتأمينية تضمن الحقوق وتلزم الجميع بالواجبات حتى لا تتكرر تجارب الماضي في فشل مصانع في الجنوب وفي الشمال وفي الوسط.. فأين مصنع الغزل والنسيج الآن المؤسسة التنموية الريادية في اليمن.. وأين شركة الأدوية التي تأسست في الستينيات.. فهذه المؤسسات والشركات كانت تابعة للدولة وهي قلاع تنموية وبالتالي وكان الأفضل على الأقل أن يكون هناك اكتتاب 50 % من رأس المال للموظف وبالتالي سيحرص الكل على نجاحها.
بنك المغتربين
● كونك صاحب فكرة بنك المغتربين هلا وضعت القارئ أمام هذه الفكرة..¿ وأين وصلت الفكرة ..¿
– قبل الرد على هذا السؤال أود التأكيد على ضرورة أن يدرك الجميع أن لا مفر لليمنيين من مواجهة حقائق التنمية ومسؤولياتها بشكل ذاتي وأن يتكتلوا اقتصادياٍ ويوسعوا قاعدة المشاركة الشعبية خصوصا المغتربين ففي هذه الحالة سيجمعون رؤوس اموال طائلة تغنينا عن الانتظار للمساعدات الخارجية.. وبالتالي ففكرة بنك المغتربين جاءت من هذه المعادلة حيث تم عرضها الفكرة على وزارة المغتربين عام 1997م وهو بنك اسلامي تنموي تجاري هدفه ونشاط اموال المغتربين ومدخراتهم وتحريكها لخدمة التنمية من خلال اقامة المدن الصناعية والتجارية والسياحية والسكنية برأس مال يصل إلى(300) مليون دولار امريكي يتوزع على %15 للمؤسسين و10 % للدولة و75 % للاكتتاب العام..
وهذا البنك أقر من قبل المؤتمر العام الأول والثاني والثالث وكذلك من ورش العمل التي عقدها رجال المال والاعمال في صنعاء وفي جدة كما أْقر من قبل رئيس الجمهورية ورئاسة الوزراء رقم (375) وتم تشكيل اللجنة التحضيرية العليا 2011/2/1م.. وبالنسبة لنقطة لأين وصل مشروع البنك فهو قيد المتابعة والحكومة قد أقرت انشاء البنك في 2010م وأنا في اللجنة التحضيرية بعد أن تابعت ثلاثة أشهر متواصلة حتى اخراج الموافقة من الرئيس.. وبناء على ذلك اخرجوا لنا مصفوفة اجراءات تتصل بجمع رأس مال البنك من المغتربين وأقروا المصفوفة ووزعناه على بلدان الاغتراب في (9) دول.. ومن خلال عملي وجدت أن 75 % من رأس مال البنك سيوفره مغتربون في السعودية.. وكانت الأزمة قد عطلت جهودنا وأوقفتها ولكن بعدها قابلت الرئيس عبد ربه منصور هادي في منزله… وقدمت له مشروع الفرصة الأخيرة هي دراسة جدوى لأكثر من (15) فرصة تنموية واستثمارية في البلد.. ورغم مشاغله إلا أنه كان منصف ومهتم وقعد معنا نصف ساعة.. لكننا حتى الآن لم نصل بعد إلى نتائج نظراٍ لانشغال القيادة السياسية والوطن بالهم العام المتمثل في نجاح الحوار الوطني..