عيدروس عبدالرحمن
مات الفارس ..مات الحارس ..مات الجالس على عتبة سيرة ومسيرة الكرة اليمنية ..مات الرجل الأقوى في تاريخها ..والرجل الذي أعطى للكرة هيبتها وسطوتها وزمام أمورها وأبعدها من سيطرة ومظلة الآخرين ..مات الأستاذ محمد عبداللاه القاضي ..رئيس الاتحاد اليمني لكرة القدم الأسبق ..والذي كان سباقا ومقداما في إخراج الكرة اليمنية من شرنقة وبوتقة المحلية وبطريقة القفز بالزانة إلى العالمية دون المرور أو الوقوف على عتبات القارية أو العربية ..من خلال منتخب الناشئين ومنتخب الأمل الذي بالفعل كان هو الأمل ..ولم يحدث له القليل من العمل والجهد لاستمراره أو الاحتفاظ به ..بل عمل الكثيرون على إجهاضه ووأده وهو لم يخرج بعد إلى الآفاق والتخوم المتوقعة منه .. مات مهندس الإنجاز الذي تغنى به الجميع وراسمه مع قائد عملياته الناجح العميد /أمين السنيني / اللذان كتبا لنا أشعارا وأهازيج الف ليلة وليلة تحت فضاءات فنلندا ..وقبلها في بلوغ نهائي ناشئة آسيا.
مات أحد وأهم الرجال المحترمين الذي منذ أن غادر الاتحاد الكروي وهو يردد {سلام عليكم قوم مؤمنين} ولم يسمع عنه أو نعرف عنه أية أنشطة أو مناكفات كروية أو رياضية مؤمنا بدوره الذي رسمه ووسمه باسمه وتاركا للآخرين تجريب أو تخريب ما كنا نظن أن البداية من هنا.
والفقيد الراحل يحسب له انه أول من دشن دورات الخليج اليمنية الأولى في الكويت عندما كان رئيسا لاتحاد الكرة آنذاك ..ومن هناك تعرفت عليه وقربنا من بعض ..وعلى الرغم من الخلاف والاختلاف الطبيعي والوارد بين الإعلام الرياضي والقيادات الرياضية إلا انه /يرحمه الله / كان مترفعا ونزيها وقاضيا بما تحمله الكلمة من معاني ومباني كان يؤثر مصلحة الوطن والمصلحة العليا فوق كل النقائص والنقائض وعوملنا كأننا في خندق واحد تحت مسئوليته وقيادته كأول خروج يمني كروي في عرس الأعراس الخليجية.
ما يميز الفقيد يرحمه الله انه كان رأسا وفأسا ..رأسا بفهم وخبرة تمكنه من القيادة والتوجيه ..وفأسا قادرا على كسر وزحزحة الصخور والأحجار العالقة والعائقة طريق اتحاده الكروي .. وهو القادر عليها ..ولكن عندما تختلط السياسة بالرياضة دون فواصل أو ستائر فالرياضة هي الخاسر دوما والمنسحب من الساحة ليس ضعفا أو قلة حيلة وإنما الكثرة تغلب الشجاعة.
رحم الله أخي وصديقي محمد الذي منذ أن تعارفنا لم أجد منه أي فواصل أو حجب وكان كالريح المرسلة كرما وأدبا وعزة وعفة نفس وحفظ لسان ..وحينما غادرنا احتفظ لنفسه بالسلام والسلامة الأبدية ..نعزي أنفسنا أولا وأسرته وذويه ..وإنا لله وإنا إليه راجعون.