
قال الخبير الاقتصادي الدكتور سعيد عبدالمؤمن رئيس مركز الأمل للشفافية وقضايا العمل إن اليمن تمتلك احتياطيات جيدة من الغاز بنوعيه المنزلي والمسال.. مشيرا إلى أن الأزمة في الغاز التي تشهدها السوق المحلية ليست وليدة اليوم وأن المواطن اليمني أصبح يعاني من استمراريتها وطولها في الوقت الحاضر في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة والانقطاع المستمر للكهرباء.
وأضاف في حديث لـ”الثورة الاقتصادي ” انه يجب وضع خطة لمخزون استراتيجي للغاز يكفي لفترة لا تقل عن الشهرين وتوفير اسطوانات غاز كافية وعمل صيانة للموجود في السوق منها لأن الكثير منها مضى عليه فترة طويلة وضعف الصيانة يحوله إلى متفجرات خطيرة.
.بداية.. تقييمكم لأسعار الغاز المحلي مقارنة بأسعار الغاز إقليميا وعالميا¿
أسعار الغاز المحلية في حدود السعر العالمي حاليا بسبب انخفاض أسعار النفط ولكن المشكلة بالنسبة لليمنيين تتمثل في انخفاض القدرة الشرائية لغالبية أفراد المجتمع والأوزان غير المضبوطة وانعدام المادة في كثير من الأحيان وما يشعر المواطن بالأسى هو المقارنة بين سعر الغاز المسال المصدر وسعر اسطوانة الغاز المحلي رغم أن هناك اختلاف في المادتين إذ إن مليون وحدة حرارية من الغاز المسال كانت تباع لشركة توتال بأقل من دولارين وحتى رفع السعر الأخير ليس بالكثير والسعر للشركة الكورية كان يتراوح بين الدولارين والثلاثة دولارات للمليون وحدة حرارية وهو ما يعني أن اليمني يدفع أكثر من ثلاثة أضعاف السعر في الوقت الذي تحتاج فيه اليمن للغاز المسال لتوليد الكهرباء.
* هل اليمن قادرة على توفير الغاز في ظل تراجع أسعار المشتقات النفطية عالميا¿
تمتلك اليمن احتياطيات جيدة من الغاز بنوعيه المنزلي والمسال فبحسب الإحصائيات الصادرة عن وزارة النفط والمعادن أن اليمن يمتلك ما يقارب من 18 تريليون قدم مْكعب من الغاز المسال في مارب وحضرموت وشبوة وكانت المؤشرات جيدة في هذا المجال في محافظة الجوف ويفترض توجيهها للصناعات المختلفة ومنها توليد الكهرباء.. والغاز المنزلي يظهر مصاحبا للنفط الخام ومن الطريف ذكر ما ورد في رسالة مدير عام شركة صافر السابق محمد الحاج الموجهة الى وزير النفط والمعادن حينها رشيد بارباع إلى فقدان كمية 20 مليون برميل من الغاز المنزلي والتي ستضخ في خط أنبوب الغاز المسال إلى بلحاف للحفاظ على القيمة الحرارية. “لأن القيمة الحرارية التي وضعتها الشركة اليمنية للغاز المسال (بالاسم فقط فالفائدة من المشروع للشركاء وصاحب اكبر نصيب الشركات الأجنبية وبالذات شركة توتال) تتطلب أن يحقن مليون برميل غاز منزلي يخلط مع الغاز الطبيعي كي يحافظ على الصفات الحرارية للغاز أي يحصل الخارج في فرنسا وكوريا ويشبع الفاسدين ويجوع شعب اليمن.
تأثيرات
* ما مدى تأثير أزمة الغاز التي يشهدها السوق المحلية على المستوى المعيشي للمواطنين¿
الأزمة في الغاز ليست وليدة اليوم ولكن المواطن اليمني أصبح يعاني من استمراريتها وطولها هذه الفترة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة والانقطاع المستمر للكهرباء وارتفاع أسعار النفط حيث تم تحويل الكثير من السيارات من استهلاك البنزين إلى الغاز وبالتالي جعل الكثير وخاصة الأسر الفقيرة في حالة حرجة بسبب سعر السوق السوداء المرتفع وأحيانا انعدام مادة الغاز فتضطر الأسر إلى شراء الطعام من السوق وهو ما يعني كلفة إضافية يصعب أحيانا تحملها أو القبول بالحد الأدنى من المعيشة.
المحطات
* ماذا عن محطات الغاز الخاصة بالسيارات والمنتشرة في شوارع العاصمة والمدن الأخرى.. ومدى مشروعيتها وهل هي شريكة في الأزمة الخاصة¿
محطات الغاز المنتشرة حاليا جزء من نشاط اقتصادي كان يمكن أن يؤدي إلى توفير الغاز بسهولة للناس لو كانت الحكومة ووزارة النفط وشركة الغاز لديهم الخطط المدروسة الجيدة لتوفير الغاز وتأمين الاحتياجات من خلال مخزون استراتيجي كاف وناقلات غاز وإنتاج منتظم وإشراف على الأسواق وعلى تدفق المواد بشكل طبيعي.. ولكن ذلك لم يحدث ولذا تحولت إلى عبء ليس بسببها ولكن لأن الكميات المخصصة من الغاز للاستهلاك المنزلي تحول إلى استخدام للسيارات والمفترض بوزارة النفط ووزارة الصناعة والتجارة وشركة الغاز تنظيم عمل هذه المحطات وتوفير غاز للسيارات وللاستهلاك المنزلي بكميات كافية أو عدم السماح بقيام هذه المحطات حتى يتم وضع الخطط الكفيلة بتوفير احتياجات السوق من الغاز.
القطاع الخاص
* هل يمكن للقطاع الخاص أن يكون جزءاٍ من الحلول التي يمكن أن تستفيد منها الحكومة لتلبية طلب السوق المحلي من الغاز¿
بالفعل يمكن إدماج القطاع الخاص المحلي بالذات في الأنشطة الإنتاجية بالنفط والغاز وإيجاد معامل جديدة في حقول النفط لإنتاج الغاز وتعبئته وتوجيهه للسوق المحلي وللتصدير للخارج بدلا من إحراقه في الجو وكذا المشاركة في إيجاد منشآت تخزينية بالمدن تكفي لتغطية الاحتياجات لفترة لا تقل عن الشهرين إضافة إلى إنشاء مصانع لاسطوانات الغاز بمواصفات عالمية وتوفير ناقلات للغاز وهو نشاط مربح بشرط أن ينظم ويمكن تكوين شركات مختلطة حكومية وخاصة وهو ما سيرفد الاقتصاد الوطني بموارد جديدة ويوجد فرص عمل ويحقق للاستقرار للمواطن.
تلمس الهموم
* ما يجب على الحكومة عمله ضد مستغلي الأزمة واحتياجات الناس للغاز والذين يعملون على رفع أسعار الغاز على المواطنين¿
على حكومة الكفاءات أن تتلمس هموم المواطنين يجدهم الناس في كل منعطف وعند كل أزمة حكومة تقر بأنها خادمة للشعب.. وأن يكون لدى الحكومة برنامج واضح للتنمية والتطوير ومكافحة الفساد.. وأن تلزم الحكومة نفسها بمعايير الشفافية والنزاهة والعمل الجاد وإحالة المفسدين مهما كانت مناصبهم إلى القضاء والعمل على سرعة محاكمتهم وانتزاع ما تحصلوا عليه من مصالح غير مشروعة.. عندها سيكون لدى المجتمع قناعة بالتعاون مع الحكومة وأجهزتها عندها ستضع قوى الفساد ألف حساب قبل تفكيرها بإخفاء الغاز أو التلاعب بأسعاره.. ولك أن تتخيل أن قوى الفساد منذ سنوات طويلة لم تعد تخاف من الإجراءات الحكومية الرادعة بل ربما أصبح هناك تعايش وتلاقي مصالح مع الفاسدين في الأجهزة الحكومية لأنه ليس من المعقول أن يكافح فاسد فاسداٍ.
حلول
* ما هي الحلول من وجهة نظرك لحل هذه الأزمة¿
يجب أن تقوم الحكومة بعمل يتسم بالكفاءة والنزاهة والقدرة على انتشال اليمن من أزماتها المتعددة فما يجب أن يعلمه الجميع أن الأزمات مستمرة ومتلاحقة ومترابطة.. ووضع خطة لمخزون استراتيجي من المشتقات النفط وبالذات الغاز يكفي لفترة لا بأس بها لا تقل عن الشهرين وتوفير اسطوانات غاز كافية وعمل صيانة للموجود في السوق منها لأن الكثير من الاسطوانات مضى عليه فترة طويلة وضعف الصيانة يحوله إلى متفجرات خطيرة وفي هذا المجال يمكن العودة إلى تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وتقارير اللجان البرلمانية.. كما يجب على فرق التفتيش النزول الميداني والتي يجب أن تشكل من وزارتي النفط والتجارة وشركة الغاز والأجهزة الأمنية لضبط المخالفين وما أود الإشارة اليه أنه من القضايا الإستراتجية أن حماية حقوق المواطن الاقتصادية وحماية احتياجاته المعيشية ونجاح الحكومة والأحزاب والأجهزة الأمنية مرتبط بهذا وهو ما يدفع إلى القول بأنه يمكن توجيه جهازي الأمن القومي والأمن السياسي للمشاركة الفاعلة في حماية هذا الحق وبالتالي الكشف عمن يتلاعب باحتياجات الناس وضبطهم وإلا فلا داعي لوجود مثل هذه الأجهزة وحتى الحكومة.