تحقيق / رجاء عاطف –
● مع تزايد عمالة الأطفال في اليمن وحسب إحصائية لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل كشفت عن وجود(1614000) طفل على مستوى الجمهورية في سوق العمل ولشحة الإمكانات المادية لم يتم عمل مسوحات متخصصة بحسب المهنة .. إلا أننا وجدنا الكثير من هؤلاء الأطفال يعملون في مراكز خدمات السيارات والورش لم يبلغوا السن التي تجعلهم مؤهلين إلى جانب عدم الالتزام بمعايير السلامة في العمل مما قد يترتب على ذلك مخاطر تؤثر على سلامتهم وسلامة صاحب العمل ويعتبر البعض أن عدم قدرة الأطفال لإتقان العمل هو أحد الأسباب المؤدية للحوادث جراء عدم التركيز في الخلل الحاصل للمركبات ..
وبعد التحري فهل هناك قانون يحمي هؤلاء الأطفال وسلامة الآخرين من الأخطاء التي قد تقع جراء الإهمال وعدم المتابعة فإلى الحصيلة:
خلال النزول الميداني أكد الكثير من المواطنين على وجود عمالة للأطفال في الورش ومراكز البنشر وتغيير الإطارات والزيوت إلا أن هناك رداٍ من قبل أصحاب هذه المراكز بأنهم لا يشغلون إلا عمالة قادرة على تحمل العمل ولهم خبرات وكفاءة حرصاٍ على إتقان العمل حيث أكد رؤوف أحمد– صاحب أحد مراكز خدمات السيارات في صنعاء أن عمل أبنائه البالغين من العمر 13 و15 عاماٍ معه في المركز ما هو إلا لأخذ الخبرة والمساعدة بدلاٍ من أن يأتي بعمال آخرين وأنه حريص على سلامتهم من مشقة العمل.
جهة تتبنى تعليم المهنة
ويقول مازن الخامري– بمحلات الخامري : نحن نعلم بأهمية ما نقوم به وخطورته وما قد يسببه أي خطأ من العمال سواء صغيرا أو كبيراٍ ولدينا أكثر من عامل وأصغرهم عمره ?? عاماٍ – نقوم بتدريبهم وتعليمهم هذه المهنة حتى يتقنوها لأنه لا يوجد جهة معينه حكومية أو خاصة تتبنى تعليم هذه المهنة كمعهد أو غيره وبذلك نكتسب الخبرة من بعضنا وأضاف نحن نحرص على كل العاملين وكذلك التشييك بعد العمال حديثي الخبرة عند العمل والذين لا نعتمد عليهم إلا بعد احتراف المهنة.
نحرص على السلامة
ويوافقه الرأي محمد الحناني- بمركز الحناني للبنشر وتغيير الإطارات والزيوت وأضاف: إن مهنتهم تتطلب جهداٍ حتى وإن كان مردودها بسيطاٍ حيث يمتلكون الخبرة الكافية في هذا المجال وقال : إن أي خطأ قد يحدث فإن مسئوليته تقع على العامل نفسه وكما نحرص على سلامة الزبون وسياراته فمثلا بعد تركيب الإطار وإن كان هناك إطار متهالك نخبره بأنه يجب تغييره حفاظاٍ على سلامته من أعطاب القديم أثناء القيادة والذي قد يسبب له أي مكروه ولكن لا نستطيع أن نجبر أحداٍ على ذلك وإنما نقدم النصيحة حسب خبرتنا وحرصاٍ على سلامة سائقي السيارات ..
الركون على الأطفال
لا يخلو أي عمل في الورش أو المراكز من الأخطاء التي قد تؤدي إلى حوادث وهنا يحكي منصور القدسي ما حدث معه عندما ذهب لمركز خدمات السيارات ليضبط إطارات السيارة فيقول: في الطريق فوجئت بالسيارة تهتز وجئت للتأكد من الخلل وأنه الإطار الذي للتو تم ضبطه إلا أن من قام بالعمل هو طفل لم تكن لديه القدرة والقوة الكافية لضبطه تماماٍ حيث لم يتأكدوا بعد عمله من سلامتها ولولا رحمة من الله لانتهى كل من في السيارة نتيجة الاستهتار من أصحاب الورش والركون على الأطفال للقيام بأعمال ليس لهم خبرة فيها .
استعمال خاطئ للمعدات
بعض الجهات شاركتنا رأيها في الموضوع حيث أوضح الدكتور عادل هزاع – أستاذ الصيانة بكلية الهندسة جامعة صنعاء أن نقص الخبرة بين الأطفال وعدم الاهتمام بالتعليم والتدريب المهني وعلى مبادئ السلامة المهنية قد يؤدى إلى الاستعمال الخاطئ للمعدات حيث إن تكرار العمل في بعض الصناعات يؤدي إلى الملل وعدم التركيز عند الأطفال وأيضا تقل درجة التركيز لديهم أثناء العمل مقارنة بالبالغين إلى جانب تكليفهم بالعمل على ماكينات لا تناسب قدراتهم الجسمانية أو الذهنية ويضيف: إن هناك آثاراٍ صحية مترتبة على عمالة الأطفال وتعرضهم للمخاطر أثناء تواجدهم بالعمل مما قد تسبب بإعاقة في نموهم وتؤثر على اختلال الوظائف الحيوية وتوازن الأجهزة المختلفة في الجسم وأنهم أقل تحملا لمصاعب العمل وما يصاحبه من الضغوط النفسية وعبر عن أن الكثير من أصحاب الورش لا يلتزمون بالنظافة أو يستخدمون وسائل الوقاية الشخصية لما فيه من خطورة على صحة الأطفال والعاملين في هذا المجال .
اختلالات لعدم التركيز
وقال عادل هزاع: إن للسيارة معايير معينة في كثير من الأشياء وهناك من يعمل دون النظر إليها أو حتى تقديرها تقديراٍ نظرياٍ بل حسب الخبرة وإن الطفل قد يؤدي عملاٍ فقط ولا ينظر للمعايير سواء الخاصة بالبترول أو غيره ولا يركز فيها ولكن لكي يريح صاحب العمل وكما أن قوته لا تعطيه القدرة على ربط الإطارات وضبطها بقوة إلى جانب أن الأثقال التي يتحملها قد تكون فوق طاقته فلذلك نرى الكثير من الاختلالات لعدم التركيز .
وعن مدى ثقة أصحاب السيارات بعمل الورش والصيانة قال: نحن في اليمن لا نهتم بذلك وليس لدينا نظرة لأن يكون العمل جيداٍ وإنما نريد أن نْشغل كل شيء بأرخص الثمن ولا ينظر المواطن للثقة لأي ورشة وشدد: أن على صاحب العمل تدريب العاملين وتعليمهم كيف يحافظون على الأشياء الأخرى أثناء إصلاح الخلل تفادياٍ لما قد يحدث من مخاطر كبيرة سواء على الطفل أو على صاحب السيارة.. وأخيرا أرجع المسئولية على الدولة لتحافظ على الجميع بسن القوانين وإلزام تنفيذها .
أعمال خطيرة
ومن جانبه قال فضل مقبل منصور – رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك : إن اليمن موقعة على اتفاقية العمل الدولية وهناك قانون عمل يمني وأن تطبيقهما فيما يتعلق بعمالة الأطفال وغيرها منعدمة إن دور وزارة العمل قطاع السلامة المهنية غائب ولا وجود له إلا بوسائل الإعلام ولا يوجد في الواقع تفتيش على الورش إطلاقا بل ومعظمها تْشغل الأطفال الذين لا يتجاوز سنهم الخامسة عشرة وتوكل إليهم أعمال خطرة قد تؤدي بسلامتهم وصحتهم وكذلك سلامة وصحة صاحب العمل (مالك السيارة) وأضاف : إن أعمال ورش السيارات أو محلات تغيير الزيوت وخلافه خطيرة وفي حالة الإهمال أو التقصير أو الركون إلى الأطفال بالقيام بها مثلاٍ قد تودي بسلامة مستخدم المركبة .
أجورهم زهيدة
ويضيف رئيس الجمعية : إن هناك أماكن عمل محظورة على مستوى العالم لتشغيل أطفال تقل أعمارهم عن 16 سنة إلا أنه يهدف صاحب العمل إلى أن أجور هؤلاء الأطفال زهيدة وبالتالي يلجأ أصحاب الورش إلى استخدام الأطفال الذين يجب أن يتحمل آباؤهم أيضا المسئولية مطالباٍ الجهات المختصة بالتفتيش والرقابة على ورش العمل وإلزامها بمنع استخدام أو استغلال الأطفال للعمل لديهم حرصا على سلامتهم وكذلك سلامة المركبة ومن عليها التي يقوم الأطفال بإصلاحها وأن تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بوضع برامج تفتيش ورقابة دورية على الورش والأماكن التي يعمل بها الأطفال واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه كل من يقوم بتشغيلهم خاصة في الأماكن الخطرة ومنها ورش عمل السيارات وتغير الزيوت والتنظيف وغيرها .
لا تطبيق لعقوبات
فيما تحدث محمد صالح هادي – مدير إدارة العلاقات بالإدارة العامة لشرطة السير عن شروط السلامة في المركبات وضرورة التقيد بآداب وقواعد المرور التي تجسد مختلف شروط وأدوات السلامة المرعية في الحركة والسير الذي يفضي إلى الحرص أولاٍ على كفاءة المركبة لتستحق قانونية الاستخدام ويضيف: إنه في المادة (40) الفقرة (3) من قانون المرور رقم (46) لعام 91م تنص على أنه لا يجوز استعمال مركبة آلية على الطريق مالم تكن أجزاؤها صالحة ولائقة للغرض الذي يراد منها إلا أنه ورغم وجود ضعف في هذا النص مقارنة بالفعل المرتكب فإنه لا يجري تطبيق العقوبات كما هي بل يكتفى بإجراءات وعقوبات تجعل من عملية تكرار هذه الأفعال أمرا عاديا .
تقصير في الرقابة
وعن مدى الإخلال بالشروط وقيام الأطفال بالعمل في ورش الصيانة أشار هادي: إلى أنه في إطار القانون الدولي المصادق عليه من قبل بلادنا فإن مثل هذه الأفعال المتعلقة بعمالة الأطفال يجرى تجريمها على أي مستوى وذلك للاعتبارات الذهنية والفيزيائية للأطفال والقصر من الجهد مع هكذا عمل عضلي يتطلب قوة فائقة في التعامل وزاد بالقول :إن بعض مالكي الورش يستخدمون أولادهم وأقاربهم للعمل معهم ظنا منهم أنهم يوفرون قيمة العمالة من غيرهم وهناك تقصير من الجهات المسئولة في الرقابة على هذه الأماكن ومتابعة تنفيذ القوانين حتى يجري ضبطهم ليستشعروا المسئولية ونوه بـأن هناك جهات تنفيذية ضبطية في الدولة مرتبطة بهذه القوانين ولكنها تغفل أو تتغافل حقيقة مسئوليتها في هذا الشأن حتى وأن بعض الأطفال العاملين في هذه الورش قد اكتسبوا بمرور الوقت خبرة مهمة نعترف بجودة بعضها فضلا عن رأينا القانوني فيهم وهو ما لا يعني تشجيعهم للسير في هذا الدرب الخاطئ والمحفوف بالمخاطر ونتمنى عدم وجودهم في هذه المواقع وهم في سن مبكرة من حياتهم .
وختم حديثه بأن المادة (70 مكرر 2 الفقرة ن) من ذات الفصل نصت بصورة غير مباشرة على ماهية نشاط ورش السمكرة بأن المسئولية تقع على صاحب العمل الذي ينبغي أن يحوز على ترخيص مزاولة العمل وفقا للشروط والضوابط التي تؤمن تنفيذ هذا النص القانوني.
توفير وسائل الحماية
وعن ما تم القيام به لإبعاد الأطفال من الأعمال الخطرة قالت منى سالم – مديرة وحدة عمالة الأطفال بوزارة الشئون الاجتماعية والعمل : تم النزول الميداني بالتعاون مع مفتشي عمل الأطفال والسلامة المهنية للضغط على أصحاب الورش للتوعية وإبعاد الأطفال من العمل الخطر وأنه يجب توفير وسائل السلامة والحماية لهم فكان هناك نسبة 70% ممن تجاوب وآخرون رفضوا ويريدون بديلاٍ لهم وأضافت أنه يتم توزيع كتيب للقرار رقم (11) للأعمال المحظورة وهي (76) مهنة للأطفال الأقل من 18 سنة ويتفاوت العمل إلى 12 عاماٍ بالنسبة للأعمال الخطرة حيث نوفر لهم وسائل السلامة أحيانا بمساعدة بعض المنظمات المانحة .
قصور من الجهات
فيما أشارت سالم : إن الأطفال في الورش يعملون بشكل كبير ولا يوجدون بديلاٍ خاصة وأنهم يأتون من المحافظات الأخرى ويعملون مساعدين فيها وإن من البدائل التي قاموا بها ضم بعض الأسر إلى الضمان الاجتماعي والبعض عبر الصندوق الاجتماعي للتنمية في المشاريع الصغيرة وشددت على أنه يجب التعاون من المؤسسات الحكومية والمجتمعية للقضاء على هذه الظاهرة فهناك قصور من الجهات المعنية وكما أنه بسبب الأوضاع المتردية والإشكالات الحاصلة كثير من المنظمات المانحة الداعمة أوقفت كل دعم للمشاريع والتي منها نرفع مستوى الوعي في تدريب الأطفال وكيف نجد بدائل لمكافحة عمالة الأطفال في اليمن ولذلك لسنا المسئولين فقط كجهة وإنما تشترك بدرجة رئيسية وزارة التربية والتعليم في ذلك لأن البيئة التعليمية أصبحت بيئة منفرة للطفل مما قد يجعل سوق العمل هو أقرب طريق للقضاء على وقت الفراغ .
تصوير/ فاروق الشعراني