دخلت تونس عقب إجراء الانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد الماضي مرحلة جديدة تجاوزت من خلالها إنهاء المرحلة الانتقالية والتي يتوقف عليها تطبيع الأوضاع السياسية والاقتصادية وإنهاء كافة الاضطرابات على أساس استكمال بناء الدولة الوطنية حيث تشكل تلك العملية الدستورية أحد أهم الأسس القانونية لما من شأنه تأسيس حالة وفاق تضم كل الفرقاء السياسيين في الساحة التونسية بما يلبي آمال وتطلعات الشعب التونسي.
يأتي ذلك وسط ما تشهده البلاد من استنفارات مضادة وأعمال عنف متبادلة لا سيما المواجهات التي اندلعت مؤخرا في جنوب تونس عقب إعلان النتيجة الرسمية للانتخابات الرئاسية التي فاز فيها مرشح حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي.
وبحسب مراقبين فإن المشهد السياسي لتونس لا يزال في لحظته الراهنة يكتنفه الكثير من الغموض بالنظر لما تشهده البلاد من اضطرابات شملت مركز وهامش العملية السياسية وهو ما يجعل الكثير من المراقبين يتساءلون هل بمقدور القيادة الجديدة إخراج تونس إلى آفاق رحبة بالنظر للأخطار المحدقة بها سياسيا واقتصاديا وأمنيا حيث تعهد الرئيس التونسي بأنه سيكون رئيسا لكل التونسيين وأن البلاد قد دخلت مرحلة ديمقراطية وحضارية تستوجب مشاركة كافة القوى السياسية في بناء مستقبل ينعم فيه الجميع بالحرية والتنمية بعيدا عن أشكال الهيمنة والاقصاء داعيا إلى طي صفحة الماضي.
والحقيقة والواقع برأي متابعين فإن مشكلة تونس ليست في من يحكم ولكن المهم والأهم في آن واحد هو في كيفية حكم تونس وإخراجها من أزمتها الراهنة كون المرحلة الحالية تتطلب إيجاد حلول عاجلة لكافة المشاكل العالقة التي يعاني منها ذلك البلد وبالذات فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي خصوصا وأن الأسباب التي أدت إلى قيام ثورة الياسمين اقتصادية بدرجة أساسية.
حيث ظل النظام السابق يطبق إرشادات البنك والصندوق الدوليين على مدى سنوات حكمه لتونس مما أدى إلى اخفاقات الهيكلة الاقتصادية نتج عنها كما أشرنا اندلاع الاحتجاجات الشعبية والتي أدت في نهاية المطاف إلى إسقاط نظام زين العابدين بن علي لذلك فالمسألة لم تعد محصورة في نطاق الفائز بتولي منصب رئاسة الجمهورية فحسب وإنما التداعيات الجارية تجعل ذلك البلد في مواجهة تحديات في منتهى الشدة والخطورة الأمر الذي يجعل القيادة السياسية الجديدة قبالة ملفات صعبة وشائكة مثل الملف الاقتصادي وظاهرة الإرهاب التي أصبحت تتواجد بقوة وتشكل تلك الظاهرة تهديدا حقيقيا للمسار الديمقراطي ما يجعل المهمة الأمنية في معترك التحديات التي تواجه الرئيس التونسي المنتخب.
وهو ما يتطلب من الرئاسة التونسية والقوى السياسية الفاعلة تقييم مرحلة الثورة الشعبية وإيجاد رؤية سياسية وطنية وبناء علاقة تكامل بين سلطات الرئيس ورئيس الحكومة المرتقبة وفقا لصلاحيات الدستور الجديد والعمل على تنفيذ برامج اقتصادية تنموية واجتماعية وأمنية تنهي كافة الإشكاليات القائمة وإنهاء الاحتقانات السائدة حتى يكون التغيير الذي حدث ترجمة فعلية لتحقيق آمال وتطلعات الشعب التونسي الشقيق.
Prev Post
Next Post
