الخضوع الإسلامي
في عالم إسلامي” متحالف“ نظم الغرب أوراقه، وسعى لصياغته بأفكاره السياسية، حتى أحدث تغييراً جذرياً في أفكار وتصورات المسلمين، عالم إسلامي تجاوز المألوف والمتوقع، وخرج عن كل أنماط الإسلام التقليدية، حتى وصل إلى نتائج استثنائية، تجاوزت كل الطرق المعتادة للمسلمين، في الابتكار والتطور؟ قطعاً لا، بل في الخضوع والذل والانكسار، والاستجابة السريعة لكل مثيرات الغرب، وأوامر الحاخامات والخواجات، حتى أنحرف عن بنيته الطبيعية، وأصابه تشوه دائم.
الصمود اليمني
ومن بين كل هذه الهرطقة الإسلامية، وزندقة المسلمين، يبرز اليمن وأنصار الله بقيادة أبي جبريل ”السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي“ كحالة نادرة من الصمود الأسطوري لم يحدث لها مثيل، إلا في أزقة النجف الأشرف، وقم المقدسة، وضاحية بيروت الجنوبية، ليكون نمرا كنمر القطيف، وملهما كسيستاني وادي الرافدين، وصلبا كخامنئي بلاد فارس، وساطعا كنصر الله سيد الجنوب، وأباً روحياً فذا كقاسم البحرين، ليشكل ورفاقه علامة فارقة في العالم الإسلامي، في مواجهة أعتى الجيوش وأقوى التحالفات الغربية والعربية، بأدوات محلية بسيطة.
الثبات والمبادرة
تعرض اليمن عام 2015م، لأعنف وأشد هجوم في تاريخه الحديث، لإعادة تشكيل خارطة سياسية جديدة في صنعاء، بعد نظام علي عبدالله صالح، وفق أسس جديدة، وبالرغم من استخدام تحالف أجلاف الصحراء، فظاظي القلوب، وغليظي الطباع، وسيئي الأخلاق ”السعوديين والإماراتيين“ على يمن الإيمان والحكمة، أسلحة فتاكة ومتطورة، وبالرغم من استخدامهم الحروب المركبة وغير التقليدية، الإعلامية، والعسكرية، والفكرية، والنفسية، والحصار والتجويع، والعقوبات الاقتصادية، صمدت القيادة اليمنية السياسية والعسكرية، صمود أذهلوا فيه الأعداء قبل الأصدقاء، ولم يكتفوا بهذا القدر من الصمود، بل انتقلوا في أغلب حالاتهم إلى مراحل متقدمة من الهجوم والمبادرات العسكرية، على المستوى المحلي والإقليمي، ليكون اليمن لاعباً دولياً لا يمكن لأحد تجاهله، ويصبح أحد أهم محاور المقاومة الإسلامية في المنطقة.
الإرادة الجماعية لدعم القضية الفلسطينية
وبعد الحرب على غزة، ووسط المشاهد الدموية، والغطرسة الصهيونية، والتوحش الإسرائيلي، التي استخدمها جيش الكيان المحتل المدعوم كلياً من الغرب، على كل شيء يتحرك في قطاع غزة، من خلال الحرب التي اطلقتها حكومة ”النتن ياهو“ على القطاع، رفع اليمنيون رغم جراحاتهم وصراعاتهم الداخلية، والجبهات الأخرى المفتوحة ضدهم من السعودية والإمارات، وتشظي خارطة بلادهم السياسية، والحصار المفروض عليهم، رفعوا سقف التضامن مع الفلسطينيين إلى أبعد حد، ولم يكتفوا بالخروج الجماهيري الكبير الداعم للقضية الفلسطينية، ليشددوا الخناق على البحر الأحمر وخليج عدن، ولتصبح كل السفن والبواخر القادمة لموانئ اسرائيل هدفا مشروعا للجيش اليمني، وها هم اليوم صاغوا ملحمة الصواريخ الباليستية والطائرات المسيَّرة التي استهدفوا بها أعماق الكيان الصهيوني بكل جسارة وجأش واستبسال.
حجم التضحيات اليمنية
لا يمكن اختزال تجربة الصمود اليمني بورقة بحثية واحدة، وبمداد قلم عاجز أن يعطي تلك الملحمة التي تفيض فيها العناوين والمضامين، وبنيت عليها استراتيجيات مختلفة، في الرجولة والشجاعة والصبر والتخطيط والحكمة، حقها كما يجب، ولم تكن كذلك لولا حجم التضحيات التي قدمها اليمنيون في سبيل اليمن وسيادة اليمن وعلى طريق القدس، في الأرواح، والبنى التحتية، والموارد الاقتصادية، إنها كثيرة جداً ومؤلمة حقا، وكان آخرها استشهاد رئيس الحكومة اليمنية وثلة محترمة من الوزراء، فلله درك يا يمن الإيمان والشجاعة والبطولة والحكمة.
خالص تعازينا للسيد الهمام عبدالملك بدر الدين الحوثي ”حفظه الله“ وللشعب اليمني الحر، والحكومة اليمنية الجبارة.
*كاتب وباحث عراقي