
تشهدْ المفاوضات النووية الماراثونية حالات من الشد والجذب بين طهران والقوى الكبرى تتعلقْ بالسقف الزمني للتوصل الى اتفاق يرضي كافة الاطراف بعد ان طالت فترة سياسة العصا والجزرة بين الجانبين تعرضت خلاله الجمهورية الاسلامية للعديد من الضغوط السياسية والعقوبات الاقتصادية لاثبات ان برنامجها النووي معدْ للأغراض السلمية, كما تقول طهران فيما تشتبه الدول الغربية عكس ذلك لاسيما وان الدولة العبرية وعبر رئيس وزرائها” نتن ياهو” مافتئت تؤلب العالم ضد البرنامج النووي الايراني لاجهاض أي اتفاق محتمل مع الجمهورية الاسلامية يلوح في الافق وبدأ سقفه الزمني يقترب من العد التنازلي .
وتحت الضغط في فيينا الأسبوع الجاري تستأنف ايران والقوى العظمى مفاوضات صعبة للغاية قد تؤدي الى ابرام اتفاق تاريخي بشأن برنامجها النووي .
فبعد سنة من محادثات شملت كل الجوانب تأتي ساعة الحقيقة حيث التقى الدبلوماسيين من الجانبين في فينا أمس في بداية الجولة الأخيرة من مفاوضات البرنامج النووي الايراني .
وتشتبه الدول الكبرى الست المعروفة بمجموعة “5+1” (المانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا) منذ 2002م بأن الجمهورية الاسلامية تسعى لامتلاك القنبلة الذرية تحت غطاء برنامج نووي مدني. إلا ان طهران تنفي ذلك بشدة.
والخلاف الذي يثيره البرنامج النووي الايراني تسبب بتوتر وصل الى حد توجيه تهديدات بالحرب يغذيها خصوصا خوف تثيره ايران النووية لإسرائيل والدول المحيطة .
وعلى اثر اجراء اتصالات سرية بين الولايات المتحدة وايران اتفقت طهران ومجموعة خمسة+واحد اواخر 2013م على التفاوض بشأن اتفاق يكفل في نهاية المطاف الطبيعة السلمية للبرنامج الايراني مقابل رفع العقوبات.
والمحادثات التي تدخل مباشرة في مرحلتها الاخيرة هي كما يؤكد الاميركيون افضل فرصة متوفرة على الاطلاق لحل هذه المشكلة سلميا .. فيما تحذر طهران من ان فشل المفاوضات “سيشكل خطرا على كافة الاطراف .
وقد جرت المفاوضات طوال العام 2014م في فيينا وأماكن اخرى. وستبلغ في الرابع والعشرين من نوفمبر الحالي المهلة المحددة لها.
أعضاء نافذون في الكونغرس الأميركي يلوحون بالتهديد بفرض عقوبات جديدة على ايران ان لم تفض المفاوضات في فيينا الى نتيجة والتوصل الى اتفاق محتمل سيفتح الطريق امام تطبيع العلاقات بين ايران والغرب وأمام امكانيات التعاون خاصة مع واشنطن لمواجهة في شكل خاص الازمات في العراق وسوريا.
كما أن من شأنه أن يخفف من خطر الانتشار النووي في منطقة الشرق الاوسط. وسيسمح ايضا لإيران بإعادة اطلاق اقتصادها واستعادة مكانتها الكاملة في مصاف ابرز المنتجين للنفط في العالم.
ويبدو الرهان مهما للغاية لتطرح واشنطن وموسكو خلافهما الحالي بشأن اوكرانيا جانبا فقد دعا جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف معا الاربعاء في 13 نوفمبر الى “ايجاد اتفاق شامل بأسرع وقت ممكن” حول البرنامج النووي الايراني. لكن ابرامه بحلول الموعد الاقصى في 24 نوفمبر الجاري سيتطلب جهودا كبيرة في حين تبقى “مسائل مهمة” عالقة تحتاج للتسوية.
وسيتعين على المفاوضين المجتمعين تحت اشراف وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي السابقة كاثرين اشتون بالدرجة الاولى بت مسألة قدرات تخصيب اليورانيوم التي قد تحتفظ بها ايران بعد التوصل الى اتفاق بهذا الخصوص .
وأجهزة الطرد المركزي المشغلة في المنشآت الايرانية هي في صلب هذا الجدال لان عدد ونوع هذه الآلات هما اللذان يسمحان بشكل افضل تحديد الوقت اللازم لإيران لاقتناء القنبلة الذرية.
ويتوجب البت في مسألة قدرات تخصيب اليورانيوم ومفاعل المياه الثقيلة في اراك الذي يمكن أن ينتج البلوتونيوم – وهي طريقة اخرى تمكن من التوصل الى امتلاك السلاح النووي الى جانب اليورانيوم العالي التخصيب- يعد من المسائل الاساسية المطروحة على بساط البحث على غرار نظام عمليات التفتيش للأمم المتحدة الذي قد تخضع له ايران بعد التوصل الى اتفاق وكذا وتيرة رفع العقوبات المفروضة على طهران.
وفيما يتعلقْ بالنقطة الاخيرة يأخذ مصدر غربي على ايران انها “تريد كل شيء وعلى الفور وهو امر غير واقعي قطعا”.
وقد ألمح الاطراف المعنيون منذ الربيع الى انه تم التوصل الى تسوية بخصوص موقع اراك. لكن المفاوضات اشبه “بأحجية مكعب روبيك” كما خلص مفاوض اميركي الى القول: “لا اتفاق على اي شيء ان لم يتم الاتفاق على كل شيء”.
ونظرا الى هذه الصعوبات اعتبر مارك فيتزباتريك الخبير في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية انه “في حال (التوصل) الى اتفاق فإن تباعد المواقف لن يردم إلا في اللحظة الاخيرة”.
لكن لم يعد عدد كبير من المحللين بينهم فيتزباتريك يتوقعون التوصل الى اتفاق نهائي في 24 نوفمبر. وهم يرون ان ايران ومجموعة الدول الست امامهم فرصا اكبر لإبرام “اتفاق مرحلي” يسمح بتمديد المحادثات تماما كما حصل في يوليو الماضي.
ويرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بدوره امكانية التوصل الى اتفاق “بديل” في اللحظة الاخيرة “مساء 23 نوفمبر” لتجنب اي فشل كلي.
لكن هذه الصيغة ستكون محفوفة بمخاطر جمة. فقد لوح اعضاء نافذون في الكونغرس الاميركي بالتهديد بفرض عقوبات جديدة على ايران ان لم تفض المفاوضات في فيينا الى نتيجة. وفي طهران حذر مائتا نائب يمثلون الجناح المتشدد في النظام من ابرام اتفاق لا يدافع “بقوة” عن مصالح ايران.
والسؤال الذي يطرح نفسه كيف وبأية وسيلة سيتم تحجيم نقاط الخلاف بين طهران والدول الكبرى خمسة + واحد لاسيما وأن السقف الزمني للمفاوضات بداء الاقتراب من نهاية المطاف .. وهل سيضطر المفاوضات الى التمديد لتأخذ مجددا شد وجذب لا يعرف اين سينتهي مطافه ¿¿
Ssalala99@gmail.com