70% من السكان لا يحصلون على مياه صالحة للشرب ..وهذا السبب الأول للوبائيات في اليمن


تعد الأمراض الوبائية أو المعدية في دول العالم الثالث والتي منها اليمن من أكبر المشاكل التي تؤرق المواطن من جهة والقطاع الصحي من جهة أخرى وبما أن اليمن تعاني من مشاكل بيئية واجتماعية متداخلة فقد انعكس الوضع على نسب المصابين بهذه الأمراض … وزارة الصحة كانت قد أنشأت في العام 2011م شبكة ترصد للأمراض الوبائية في اليمن بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ..
” الثورة” تسلط الضوء على واقع تلك الأمراض ومستوى نجاح أو إخفاق شبكة الترصد وذلك من خلال اللقاء التالي .. مع الدكتور عبدالحكيم الكحلاني مدير عام شبكة الترصد الوبائي بوزارة الصحة العامة والسكان .

بداية ..دكتورعبدالحكيم .. حدثنا عن واقع الأمراض الوبائية والمعدية في اليمن وأسباب وطرق انتشارها في مجتمعنا ¿
ـ في الحقيقة لا يختلف وضع الأمراض الوبائية والمعدية في اليمن عن غيرها من الدول النامية والتي تنتشر فيها هذه الأمراض بنسب كبيرة جدا مقارنة بالدول المتقدمة بل أن هناك بعض الأمراض الوبائية ما تزال متواجدة في الدول النامية في الوقت الذي تمكنت فيه الدول المتقدمة من القضاء عليها تماما أما أسباب تواجد الأمراض الوبائية في اليمن وانتشارها فهي كثيرة لكن سنذكر هنا أهمها وأبرزها وتتمثل في شيئين الأول أن غالبية اليمنيين لا يحصلون على مياه نقية صالحة للشرب وتصل نسبة هؤلاء إلى حوالي 70 % أما السبب الثاني فيكمن في تدني الوعي الصحي لدى المواطنين بأسباب الأمراض المعدية وطرق انتقالها ومن خلال هذين السببين نجد أن أغلب الأمراض الوبائية تتكون وتنتقل من خلالهما فعلى سبيل المثال هناك شريحة كبيرة من المواطنين خصوصا الريفيين يستخدمون مياه الآبار والخزانات المكشوفة والمياه الملوثة مع عدم علمهم بما سيسببه لهم ذلك من أمراض وبالتالي فهم يصابون بأمراض عدة كالكوليرا الذي يأتي بسبب المياه الملوثة والإسهالات والذي يعد من أكثر الأمراض الوبائية انتشارا كذلك يصابون بالملاريا كون مياه الآبار والخزانات المكشوفة تعد بيئة مستمرة لتواجد البعوض التي تضع بيضها فيه فتصبح خلال 9 أيام بعوضة بالغة تشكل خطرا كبيرا على المواطن كما أن تلك المياه تجعل الإنسان معرضا لخطر الأمراض المشتركة كأنفلونزا الطيور التي تبدأ بالحيوان وتنتقل إلى الإنسان فيما بعد أيضا هناك أمراض تنتقل عبر الرذاذ أو التنفس كالكورونا وأمراض تنتقل عبر الدم كالتهابات الكبد والإيدز .
شبكة ترصد
المسؤول الأول عن الصحة في اليمن هي وزارة الصحة والسكان … ما هو دور الوزارة في موضوع الحد من انتشار الأمراض الوبائية والتقليل من نسب تواجدها ¿
ــ بالتأكيد .. للوزارة دور كبير فقد أنشأت الوزارة في العام 2011م بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية شبكة ترصد وبائي تتواجد مواقعها على مستوى المحافظات والمديريات وتقوم هذه المواقع بمراقبة الأمراض الوبائية .
31مرضاٍ
ما هي الآلية التي تعمل من خلالها ..¿ وهل تترصد كل الأمراض الوبائية أم أمراض بعينها ..وماذا عن الأمراض العالمية التي تظهر فجأة .. وكم عدد مواقع الترصد ¿
ــ تعمل الشبكة وفق آلية محددة تقوم على أساس مراقبة الوضع الوبائي في اليمن عبر مواقع الترصد في الجمهورية والتي هي عبارة عن مستشفيات ومراكز صحية ووحدات رعاية صحة أولية وقد استطعنا ــ بحمد الله ــ خلال العام الماضي القفز بعدد هذه المواقع إلى حوالي ألفين ومائة موقع ترصد ويتواجد في كل مرفق من هذه المرافق شخص يسمى ضابط الترصد يقوم بالمرور على الأقسام والعيادات الطبية ويلاحظ الوضع فيما يتعلق بالأمراض الوبائية ويقوم برفع تقرير أسبوعي إلى مكتب الصحة بالمديرية والذي بدوره يرفع التقارير المسلمة إليه من المرافق الصحية إلى مكتب الصحة بالمحافظة قبل أن يرفعها هذا الأخير إلى مركز شبكة الترصد بوزارة الصحة والتي تقوم هي بدور بمراقبة الوضع الوبائي في عموم مناطق الجمهورية أما بالنسبة للأمراض المراقبة عبر الشبكة فقد تم الاتفاق مع منظمة الصحة العالمية على مراقبة أمراض محددة يصل عددها إلى 31 مرضا وبائيا وهي أهم وأبرز الأمراض الوبائية في اليمن.
متطوعون
ذكرت أن مواقع الترصد الوبائي هي عبارة عن مرافق صحية والمعروف أن المرافق الصحية في اليمن لا تغطي سوى 60% من السكان .. فهل هذا يعني أن هناك 40% من السكان لا تصل إليهم الشبكة ¿
ــ مع الأسف .. كانت هذه المشكلة هي نقطة ضعف الشبكة لكننا قمنا بحل المشكلة عن طريق ما يسمى بالترصد المجتمعي حيث يتم اختيار متطوع من كل منطقة لا يتواجد فيها مرفق صحي ويكون هذا المتطوع على درجة لا بأس بها من الثقافة ونسلمه قائمة بالأمراض سهلة التعرف عليها ومن ثم يقوم هو بنفس الدور الذي يقوم به ضابط الترصد في المرافق الصحية .
مقاطعا..لكن .. هناك أمراض وبائية يصعب على أي شخص عادي “غير متخصص في الطب ” أن يتعرف عليها فكيف سيتعرف عليها الأشخاص المتطوعون ¿
ــ نحن نحمل فكرة خاطئة إذ نعتقد أن الأخصائي هو الوحيد الذي يمكن أن يشخص أمراضنا والحقيقة أن أغلب الأمراض يمكن أن نتعرف عليها بسهولة فغالبا ما تظهر أعراض المرض على الإنسان ويستطيع من خلالها تشخيص المرض وكذلك هو الحال مع الأشخاص المتطوعين يعرفون الأعراض فقط ويرفعون تقرير بذلك وعلاوة على ذلك نحن ليس لدينا أي حل آخر فيجب علينا أن نتكيف مع وضعنا وقد اتخذت نفس الخطوة دول كثيرة تعاني من نفس وضعنا .
تقارير خلال24ساعة
إذن .. ما هي الإجراءات التي تتخذها الشبكة في حال تم رصد حالة وبائية ..وماذا لو كانت الحالة مصابة بمرض وبائي خطير لا يحتمل التأجيل .. هل يتم تأخيرها حتى يرفع التقرير الأسبوعي أم أن هناك إجراءات أخرى ¿
ــ في حال رصد حالة مصابة بمرض وبائي نقوم بأخذ عينة من الحالة للفحص وتتم هذه الفحوصات في المختبر المركزي وإذا لم يتواجد الفحص فيه نرسل العينة إلى الخارج ونقوم بمعالجة الحالة بناء على نتيجة الفحص أما بالنسبة للحالات الحرجة او الخطيرة فيقوم ضابط الترصد برفع تقرير فوري أو خلال مدة أقصاها 24 ساعة .
البلهارسيا
ماهو رصيد الشبكة من الانجاز منذ تأسيسها وحتى اليوم ¿
ــ بالتأكيد .. تعمل الشبكة على مكافحة 31 مرضا وبائيا وحققت نتائج متميزة فعلى سبيل المثال مرض البلهارسيا استطعنا أن نخفض نسبة المرض من 20 % إلى حوالي 3 % فقط وسيتم القضاء على باقي النسبة خلال الثلاث السنوات القادمة على اعتبار أن خطة القضاء على هذا المرض تستمر 7 سنوات وكنا قد حصلنا على منحة “هبة” من البنك الدولي لمساعدة اليمن على القضاء على مرض البلهارسيا كما تمكنت الشبكة من تخفيض نسب تواجد الكثير من الأمراض الوبائية والتي تعمل على مراقبتها عبر مواقع الترصد التابعة لها .
الوعي هو المحك
برأيك .. ما هي أنجع الحلول لوقف زحف الأمراض الوبائية في اليمن والقضاء عليها ¿
ــ أنا على يقين أن الثقافة المجتمعية في الجانب الصحي هي أنجع الحلول لوقف انتشار الأمراض الوبائية والمساعدة على القضاء عليها وكما ذكرت لك في البداية أن أغلب الأمراض جاءت بسبب تدني ثقافة الناس في المجال الصحي وسأذكر مثالا: لو أن الشخص يعلم أن المياه الغير نقية تسبب له مرض كورونا أو الملاريا أو حمى الضنك وأمراض أخرى وامتنع عن هذه المياه لمنع عن نفسه كل هذه الأمراض وبهذا نكون قد قضينا على هذه الأمراض أيضا لو أن الشخص الذي يريد أن ينقل دم لنفسه قام بفحص الشخص الأخر الذي سوف يسحب منه وتأكد من خلوه من الأمراض كالتهابات الكبد أو الإيدز أو غير ذلك وامتنع في حال كان مصابا لمنع عن نفسه هذه الأمراض وبالتالي سنتمكن على الأقل من خفض معدل هذه الأمراض وبنسب كبيرة لذلك يجب على الحكومة أن تعمل جاهدة على خلق وتعميق الثقافة الصحية في أوساط المجتمع ويتطلب لتحقيق هذا الأمر أن تقوم وزارتا التربية والتعليم العالي بإدراج الثقافة الصحية ضمن المنهج الدراسي وأن تخصص لها وزارة الإعلام مساحة مناسبة سواء في إعلامها المرئي أو المقروء أو المسموع.
كلمة أخيرة تود أن تقولها ¿
ــ أريد أن أقول أنه كلما زاد وعي الناس الصحي كلما خفت الأمراض ولتحقيق ذلك أتمنى على الجميع أن يشاركونا جهودهم لتجفيف منابع الأمراض في اليمن .

قد يعجبك ايضا