صدرت العديد من المقالات التي تقارن بين روما وأمريكا وأسباب السقوط المتشابهة. لكن هذه قراءة من زاوية أخرى. بالفعل ما أشبه أمريكا اليوم بروما الأمس قبيل سقوطها!
من الواضح أنه تتضافر عوامل عديدة لسقوط أمريكا كما سقطت روما، أهمها: الهجرات السكانية والانهيار الاقتصادي الداخلي، والتوسع في الحروب الخارجية.
سقطت روما بسبب هجرات القبائل الجرمانية، إضافة إلى الأسباب الأخرى. كانت الغزوات الجرمانية بدأت بهجرات فردية وجماعية، يعملون لدى الرومان عمّالًا ومزارعين وجنودًا مرتزقة، يبحثون عن لقمة العيش. ثم تكثّفت وازدادت هذه الهجرات حتى سقطت روما على يد قائد عسكري جرماني صغير.
وهذه من دروس التاريخ: أن الهجرات الكبرى سبب في سقوط الإمبراطوريات. ولهذا يعد العامل السكاني من أهم العوامل الصانعة للتاريخ.
هجرات الشعوب المحتاجة اقتصاديًا إلى الدول والمناطق الأكثر ثراءً ليس لها حل، لا عسكري ولا سياسي. هو من الحتمية التاريخية، طالما هناك شعوب غنية وشعوب فقيرة فإن الهجرات سوف تستمر.
اليوم، المكسيكيون والشعوب اللاتينية الفقيرة والجائعة تزحف على الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك أيضًا الشعوب الأخرى، الإفريقية وغيرها، تزحف نحو أوروبا. مشكلة المهاجرين اليوم أمام الغرب ليس لها حل سوى إنهاء المركزية الغربية في الاقتصاد والرخاء الاقتصادي العالمي. ما لم يحدث ذلك، فإن هذه الشعوب سوف تواصل زحفها على أمريكا والغرب حتى تُسقطه سكانيًا أولًا، ثم سياسيًا بعد ذلك.
كثير من عقلاء الغرب وفلاسفته يعرفون حتمية سقوط هذه الحضارة. لأن النظام الرأسمالي يسير في طريق مسدود ولا يقوم على أسس متوازنة بسبب خلل الدورة المالية في المجتمع.
يقول جونسون، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق:” إن الحضارة العالمية يمكن أن تنهار بنفس سرعة انهيار الإمبراطورية الرومانية القديمة”.
الهيمنة الغربية على اقتصاد العالم، ونهب موارده وفرض ثقافته السطحية واستخدام هذه الهيمنة في فرض عقوبات اقتصادية مؤلمة على دول وشعوب العالم الفقير التي تخالف أو ترفض سياسات الهيمنة الغربية والخضوع لها، لا يمكن أن يستمر إلى الأبد. وأحد أبرز عوامل سقوط هذه الهيمنة هي الهجرات الكبيرة إلى الغرب، أوروبا وأمريكا، إضافة إلى شن الحروب وعوامل السقوط الداخلي، التي سوف تتضافر مع بعضها لطي صفحة الاستعلاء الغربي على بقية دول العالم.
جامعة صنعاء