التيوس المستعارة!!

أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي

 

اتفق فقهاء الشرع على تسمية الأشخاص الذين يوافق الواحد منهم على أن يقوم بوظيفة المحلل بـ”التيس المستعار” باعتباره يقوم بعمل مُحرم، استناداً إلى حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي جاء فيه ( لعن الله المُحلل والمحلل له) لأنه بعمله هذا يعتدي على مُحرم في الدين ويخالف إرادة الخالق سبحانه وتعالى الذي جعل العقاب مدخلاً لتهذيب سلوك المسلمين وعدم توظيف مبدأ الطلاق بصورة مُخلة، هذا الوصف الوحيد الذي وجدته ينطبق على من يُطلون صباحاً ومساء من شاشات التلفزيون باعتبارهم مُحللين، ووجه الانطباق أن ذلك الشخص الذي يقوم بمهمة المحلل يتقاضى أجراً على ما يقوم به، وهؤلاء تماماً وإن كانت أعمالهم قد تجاوزت بكثير الحرمة الدينية وأصبحت مُجرمة إنسانياً ووطنياً وبكل المقاييس والمعايير الوطنية، أي أنهم فعلاً مجرد تيوس تتحدث بما يُملى عليها وتأخذ مقابل ذلك أجراً، هذا الكلام لمن يُريد التأكد عليه متابعة قنوات الحدث الأكبر والعربية وقنوات الدفع المسبق التي تعتبر نفسها يمنية وتنطق باسم قوى تقول أنها سياسية، طالما شغلت الناس بالحديث عن فلسطين ومهمة التحرير والدعوة إلى الجهاد واليوم ها هي تعتبر البطولات التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية أعمالاً غير مبررة وشيطانية، كما قال أحدهم – وهو الذي كتب أكثر من مقال عن مظلومية الشعب الفلسطيني وضرورة استخدام منفذ باب المندب كأداة للضغط على الصهاينة لإقرار بحق الشعب الفلسطيني للعودة إلى أرضه .
بالأمس تخلى عن كل ذلك الكلام واعتبر أن استهداف السفن عملاً موجهاً ضد الشعب اليمني، وأنه سيجلب الدمار والخراب على الشعب والمواطن وأن هذه رغبة الحوثة بحسب وصفه، هؤلاء الناس لا أدري ماذا يريدون؟ وما هي هويتهم؟ وإلى ماذا يتطلعون؟ للأسف كل من يعتبرون أنفسهم مُحللين أو تيوساً مستعارة يحاولون دائماً استدعاء أمريكا والصهاينة لضرب بلادهم، لأنهم في الأساس عاجزين عن فعل أي شيء، ولا ينسى أحدهم وهو يحلل أن يناشد أمريكا أو الصهاينة بضرورة دعم ما يُسمى بالشرعية، لا أدري عن أي شرعية يتحدث هؤلاء؟ وما هي صفة هذه الشرعية!! هل هي شرعية الخيانة والدجل والتآمر على كل ما هو يمني وفلسطيني للآسف، بعد أن ملأوا الجُعب والأكياس بالمال وذهب النساء على مدى أربعة عقود من الزمن، وكما قال أحد المسؤولين الفلسطينيين لم يصلنا أي شيء من هذه المبالغ .
هذه صورة من صور النصب والاحتيال التي كانت تتم باسم فلسطين وتارة باسم أفغانستان وأخرى باسم الشيشان، ناهيك عن الأموال التي نُهبت باسم البوسنة والهرسك، أي أنهم ظلوا على مدى هذه العقود يستغلون أي حادث ويعملون على تأجيجه من أجل أن تطول المواجهة للحصول على مزيد من الاستغلال والنهب والسلب، واليوم حينما جاءت الإرادة اليمنية القوية المعززة بقوة الإيمان وصدق المبادئ والقيم والأخلاق، تنكروا لكل ذلك بعد أن وصلت الصواريخ إلى الأرض المحتلة واستهدفت أهم مرتكزات العدو الصهيوني، أصبحوا يتباكون على هذا الكيان وكأنهم جزءاً منه أو مكملين لدوره الإجرامي، سيكون الأمر أخف على هؤلاء لو أنهم بالفعل عندما يتحدثون عن هذه الأشياء يكون الواحد منهم مجرد ناقل لفكرة أُمليت عليه.
الكارثة أن يكون الحديث منطلقه الاعتقاد الذاتي والإيمان بما يقول، لأنه وفق القاعدة الفقهية “ناقل الكفر ليس كحامله” وهُنا لا بد أن نخاطب هؤلاء ونأمل أن يعودوا إلى رشدهم لقد تكشفت الحقائق وأصبح كل شيء واضحاً للعيان، وهاهم الصهاينة يفضحون كل شيء بما في ذلك قنوات الزيف والبهتان التي تم استنساخها من قنوات في الأساس صهيونية، لكنها فاقت تلك القنوات الأصلية وأصبحت ناطقة باسم هذا الكيان المؤقت البغيض، والهدف واضح وهو محاولة زعزعة إيمان الشعب اليمني والتأثير على قوة دعمه ومساندته للشعب الفلسطيني المظلوم، غير مُدركين أن هذا الأمر بالنسبة للقيادة ينطلق من قوة الإيمان والالتزام بالفريضة الغائبة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” التي أصبحت بالفعل غاية وهدفاً لشعب بأكمله ولم تظل في نطاق القيادة فقط .
وفي الأخير نقول لهؤلاء ارحموا أنفسكم، إذا قد انتزع الحياء من وجوهكم فلتخشوا العقاب في الآخرة من الله سبحانه وتعالى، نسأل الله لكم الهداية وأن تعودوا إلى الصواب، والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا