يرى متابعون لتداعيات المشهد السياسي الليبي بأن قرار المحكمة الدستورية العليا الصادر خلال اليومين الماضيين بحل البرلمان قد يضاعف الصراع الدائر في ليبيا ويزيد من مفاعيل الأزمة القائمة كون ذلك القرار يأتي في سياق الصراع وليس في سياق الحلول والمعالجات بالنظر لما شهده ذلك البلد العربي من فوضى عارمة منذ سقوط النظام السابق حيث افقدت تلك الفوضى الحكومة المركزية سيطرتها على مدن كاملة في البلاد.
وبرغم اعتراف الأسرة الدولية بالبرلمان الليبي المنبثق من الانتخابات التي جرت في شهر يونيو الماضي إلا أنه فشل في تطبيع الأوضاع السياسية والاقتصادية وبالذات الأمنية وقد عكس قرار تلك المحكمة حقيقة أن ليبيا حاضرا تشهد صراعا داخليا شديد التعقيد وفي منتهى الخطورة وأخذ ذلك الصراع الجاري في المشهد السياسي الليبي يتداخل بين أطراف داخلية وقوى خارجية.
حيث أكد مراقبون أن قرار المحكمة الدستورية تقف وراءه محاور خارجية لديها حسابات سياسية تسعى إلى تحقيقها مما اظهر حقيقة أن ذلك البرلمان والمحكمة أيضا ليسا إلا صدى للصراع الدائر بطابعه الإقليمي والدولي.
الأمر الذي يعيد إنتاج الأزمة الحالية بشكل أوسع وأشمل من خلال تأطير النزاع واكسابه أبعاد الاستمرار بهدف المباعدة بين الحلول والمعالجات وهو ما يؤكد بحسب مطلعين أن البرلمان بكل أطيافه السياسية ومكوناته المختلفة جزء من إرشادات وتعاليم دفعت بها السياسة الدولية المتصارعة داخل ذلك البلد .
بدليل أن المؤتمر الوطني قد اخفق في اخراج ليبيا من أزمته الراهنة ويرجع سبب ذلك إلى أن الانتخابات جرت في ظروف وأوضاع سياسية مضطربة لأن أي انتخابات برلمانية كانت أو رئاسية يفترض لجهة الحد الأدنى أن تكون تلك الأوضاع مستقرة خصوصا السياسية والاقتصادية والأمنية وليست قائمة على أدوات العنف المتبادلة فضلا عن تعقيدات أخرى يبدو أبرزها تنامي التدخلات الخارجية وتزايد وتيرة الصراعات الداخلية ما أدى إلى استمرار الخلافات الجارية إزاء مشروعية الحكومة والبرلمان.
وهو ما يجعل من قرار تلك المحكمة كما أشرنا مشكلة وليس حلا لا سيما والقوى الدولية هي من سبق وأن طرحت فكرة المؤتمر الوطني واعتبرته إلى فترة قريبة بمثابة السلطة الوطنية أكان ذلك على مستوى التشريع أو التنفيذ إلا أن النزاعات القائمة والهيمنة الخارجية أحد الأسباب التي أدت إلى حل البرلمان لما من شأنه إطالة أمد الصراع في ظل استمرار أعمال العنف المتبادلة بين الجيش والمليشيات المسلحة.
ما يعني أن ليبيا تفتقد للمشروع الوطني الجامع حيال بناء الدولة القانونية الأمر الذي يجعل من الحالة السياسية القائمة مرشحة للتصعيد بالنظر لغياب السياسة المحلية الوطنية واحلال السياسة الدولية باعتبارها اللاعب الأساسي والمؤثر في رسم التطورات والمتحكمة بمجريات الاحداث.
مما يجعل من الصعوبة بمكان اخراج ذلك البلد من الأزمة الراهنة خاصة ومن متطلبات السياسة الدولية تعميق الصراعات الداخلية لضمان التقاسم على ثروات وإمكانيات ومقدرات الشعب الليبي لكي لا تبرز في الافق قوى وطنية ترفض الهيمنة والتبعية للقوى الغربية.
Prev Post
قد يعجبك ايضا