ضعف بيئة أداء الأعمال.. التحدي الأصعب في اليمن

التراجع الكبير منذ أكثر من ثلاثة أعوام في أداء الأعمال يعتبر مؤشرا واضحا لتراجع مختلف الأنشطة التجارية والاقتصادية والاستثمارية وعدم قيام الجهات المختصة بأي إجراء تشريعي أو قانوني لتسهيل الأعمال وخلق بيئة محفزة وآمنة لرؤوس الأموال وممارسة مختلف الأعمال والأنشطة الاقتصادية بالإضافة إلى ذلك ما تمر به اليمن من ظروف صعبة على المستوى السياسي والأمني وتأثيرهما على الأوضاع الاقتصادية وأنشطة الأعمال المختلفة.
وأهم تحدي تواجهه اليمن إلى جانب مشاكلها الاقتصادية والعجز المالي ضعف بيئة الأعمال حيث تعاني من انخفاض تسع مراتب في مؤشر حماية المستثمرين وأربع في النشاط والتجارة عبر الحدود بحسب مؤشرات أحدث نسخة من التقرير العالمي لبيئة أداء الأعمال.

يضع خبراء رؤية متكاملة لإصلاح وتطوير بيئة أداء أنشطة الأعمال في اليمن من خلال إيجاد منظومة شاملة من التشريعات والقوانين وتنفيذها على أرض الواقع لتحفيز الأعمال وتنميتها
مؤكدين أهمية بذل جهود كبيرة في مجال الإصلاحات التشريعية والقانونية الهادفة لتبسيط الأعمال وتحسين المناخ الاستثماري في البلاد.
ويؤكد عماد الأهدل مدير المركز التكنولوجي لتقنية الأعمال على ضرورة مواصلة الإصلاحات والعمل على تحسين التشريعات الضريبية وتبسيط الإجراءات الخاصة بالإدارة الضريبية وتقديم المزيد من الحوافز للمستثمرين وإيجاد نظام جديد للارتقاء بالعمل الجمركي وإيجاد آلية صحيحة وفعالة بين الجهات العاملة في مجال الأراضي.
ويلفت إلى ضرورة تبسيط الإجراءات وتقصير زمن المعاملات بواسطة اقتناء نظام إلكتروني جديد المتمثل بالنظام الآلي للأسكودا والذي يدعم تقديم المستندات الكترونيا وضرورة إعادة النظر في منهجية تقييم البنك الدولي الخاص بمؤشرات التجارة من جانب فترة التخليص الجمركي.

عوامل

تتطلب عملية تطوير بيئة إدارة الأعمال في اليمن التركيز على جودة إدارة الاقتصاد المحلي في تنمية القطاع الخاص وتحسين العلاقة بين منشآت الأعمال في كافة المحافظات وبين منظمات القطاع الخاص والسلطات المحلية بهدف تحسين إدارة الاقتصاد المحلي.
كما أن هناك مجموعة من العوامل “كما يقول عماد” التي تؤثر في رغبة والتزام المستثمرين على القيام بأعمال في محافظة ما مثل حجم اقتصاد المحافظة والبنية التحتية والموارد البشرية والموقع الجغرافي.
وتمثل هذه العوامل في مجملها بحسب الأهدل ” مزايا للمناطق التي ليس للسلطات المحلية القدرة على التأثير عليها أو تغييرها على المدى القصير والمتوسط بالإضافة إلى إنشاء أساس متين يمكن استخدامه لرصد الإنجاز والتقدم المحرز في جهود الإصلاح الخاصة بتحسين بيئة ممارسة الأعمال.
ويرى أهمية تكييف مبادرات الإصلاح التي تستهدف تطوير وتسهيل عمل القطاع الخاص على المستوى المحلي وضرورة استخدام نتائج مؤشر بيئة الأعمال المحلية كنموذج لتحديد نقاط القوة وفرص التحسين في أداء القطاع الخاص.

استقرار

يؤكد أستاذ إدارة الإعمال الدكتور ياسين السلامي أن الحفاظ على بيئة أعمال جاذبة ومنتجة ومؤثرة بشكل إيجابي في مكافحة البطالة وتطوير الأداء الاقتصادي يتطلب استقراراٍ سياسياٍ ووضع حد للاختلالات الأمنية وتعاون تام لإنجاح مهام الحكومة الجديدة.
وبحسب الدكتور ألسلامي فإن هناك أهمية لوضع برنامج عمل شامل لتسهيل أداء الأعمال وخلق بيئة مواتية لنمو المشروعات الصغيرة وسهولة إجراءات المشاريع الاستثمارية من مختلف الاتجاهات وإصلاح الجهات وأجهزة الأعمال ذات العلاقة.
ويشدد على ضرورة إصدار قانون مزاولة المهنة والعمل على إعادة المواءمة وإزالة التداخلات في القوانين وإصدار القوانين الجديدة مثل قانون السجل العقاري والأراضي إلى جانب إعادة النظر في تحديد استخدامات الأراضي وتحديث التشريعات القضائية.
تحديث

يشير الدكتور ياسين إلى أن تحسين بيئة أداء الأعمال يتطلب كذلك إعادة النظر في قصور بعض الجوانب الفنية وتفعيل الموجود منها لتحسين إجراءات التنفيذ وأيضا إعادة النظر في تحديد استخدامات الأراضي وتحديث المخططات والإجراءات القضائية المتبعة في عملية الضبط وإيجاد آلية فعالة بين الجهات العاملة في مجال الأراضي من وقف وإحلال وخاص وإزالة الضرر عن تداخلات القوانين المتعلقة بذلك وأهمية العمل على تقديم المزيد من التسهيلات في المجال الجمركي والتزام المتعاملين بتقديم المستندات الصحيحة وإيجاد ضوابط للمخلصين الجمركيين.
ويؤكد أهمية دعم مصلحة الجمارك في إيجاد المختبرات الجمركية بهدف التسريع بإنجاز الأعمال عن طريق خلق نافذة واحدة للعمل الجمركي وأيضا الارتقاء في عملية التدريب والتأهيل وإدارة المخاطر بالمصلحة .
ويشدد الدكتور ياسين على أهمية مواصلة العمل في إصلاح وتطوير الإدارة الضريبية وتنفيذ مشروع مكننة العمل الضريبي و أهمية استخدام الضرائب بما يخدم السياسة المالية والنقدية وبما يؤدي إلى الحد من التضخم وأيضا تشجيع الأنشطة الصغيرة ووضع نظام لهذه الفئة واعتماد نظام النافذة الواحدة في الإدارة الضريبية وإيجاد هيكل مرن يساعد في تبسيط الإجراءات في هذا الجانب.

الخدمات اللوجستية

الأهم في هذه القضية يتمثل كذلك في السير على خط الانخفاض حيث تراجعت اليمن في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية للتجارة لتنضم إلى قائمة آخر 15 دولة في تقرير البنك الدولي لعام 2014م الذي يعتمد على تقييم أداء الدول من خلال عمليات التوريد والأداء الجمركي وجودة البنية التحتية.
واحتلت ألمانيا بحسب التقرير قائمة الدول الأفضل أداء في مجال الخدمات اللوجستية الشاملة في العالم بينما حصلت الصومال على أدنى مرتبة وكما هو الحال في الإصدارات السابقة يرى تقرير عام 2014 أن البلدان مرتفعة الدخل تستحوذ على المراكز العشرة الأولى لأصحاب أفضل أداء في العالم ومن بين البلدان منخفضة الدخل حققت ملاوي وكينيا ورواندا أعلى مستوى من الأداء.
ويوضح البنك الدولي أن البلدان تتحسن وخصوصا ذات الأداء المنخفض والتي تعمل على تحسين نتائجها الإجمالية بوتيرة أسرع من البلدان ذات الأداء المرتفع.

إشكاليات

تعاني اليمن العديد من الإشكاليات المرتبطة بالبنى التحتية وخاصة الكهرباء والإجراءات على المنافذ الجمركية وسلسلة التوريدات في العملية التجارية .
ويؤكد مختصون في هذا الجانب أن مجمل هذه الإشكاليات تؤثر على الواردات الأمر الذي يدعو إلى أهمية الاتجاه إلى رفع الإيرادات من خلال التعامل بحزم مع الفواتير المزورة والتركيز على التحول إلى النظام الآلي والنظام المنسق وهو نظام دولي يفند كل الأشياء التي تدخل وتخرج من اليمن بأرقام معينة ولها تعرفة معينة .
وتعمل بلادنا على إعداد مشروع بالتعاون مع البنك الدولي في ظل إطار منظمة التجارة العالمية لإعادة هيكلة جهات إيرادية مثل مصلحة الجمارك تزامنا مع التوجهات والتغيرات التي تشهدها بلادنا نتيجة للانضمام لمنظمة التجارة العالمية.
ويطالب خبراء في هذا السياق الحكومة بإصلاح المنظومة الاقتصادية ومن ضمنها الخدمات اللوجستية للتجارة خصوصا مع انضمام اليمن للتجارة العالمية لكي يتقبل الاقتصاد اليمني ويستوعب متطلبات التهيئة اللازمة لما بعد الانضمام لمنظمة التجارة لأن ذلك سيترتب عليه تقديم الكثير من الالتزامات الدولية التي يصعب الخروج عنها مؤكدين أن القطاع الخاص سيكون أمام منافسة شديدة من قبل كافة القطاعات الخاصة الإقليمية والعالمية والمجال سيفتح بدون أي قيود وهنا ستكون المهمة شاقة جدا للصمود لمن سيكون له قدرة خاصة على توسيع نشاطه على زيادة الإنتاج والبحث عن مصادر لتنمية كافة القطاعات الواعدة .

قد يعجبك ايضا