الدرس

قدمت الانتخابات البرلمانية التونسية دروسا عديدة هي في الإجمال تدل على أن تونس تمضي في تحولات تاريخية.
* أولى هذه الدروس المفاجأة السارة التي أيقضت الأطراف الديمقراطية عن غفوة تشتتها بعد أن فاقت متأخرة عن الناخبين الذين شكلوا بخياراتهم كتلة برلمانية كبيرة من القوام النيابي تنتمي إلى مشروع بناء تونس الجديدة, وهذه الكتلة كان بالإمكان زيادتها لو أن هذه الأطراف توافقت بما يعني ذلك من تأثيرات إيجابية لحشد الناخبين في المشاركة إذ أن أغلب الذين لم يصوتوا ينتمون بآمالهم وطموحاتهم ومطالبهم إلى هذه القوى الجديدة.
* إلى ذلك كانت صدمة سقوط حركة النهضة الإخوانية جراء تصاعد الرفض الشعبي لهذه الجماعة حصيلة اخوانية لا صنيعة غيرهم وإذا ما بدأنا من الأسباب الأخيرة كانت النهضة شأنها شأن هذه الجماعة في غير بلد استرخصت الأصوات الانتخابية بالمال الانتخابي والرشوة كشفت زيف الادعاء بالاستقامة والنزاهة تضاف إلى لعبة الشعارات الخادعة سرقة الانتفاضات الشعبية العربية للإنعتاق من الظلم والقهر والاستبداد وأتت النهضة في ظل حكمها بما هو أسوأ والأفدح التفريغ السريع للجماعات الإرهابية بجرائمها الوحشية وضد تطلعات الأجيال الشابة التي تصدرت انتفاضة التغيير إلى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والمساواة والغرق في شراهة الفساد الذي تضاعف في عهد النهضة عما كان عليه بمستويات كبيرة.
وإذا كان المشترك بين هذين الطرفين هي الأزمة فإن الاختلاف هو في طبيعتها .. هي بالنسبة للقوى الديمقراطية ضعف إرادة التقاط حلقة الانزلاق الديمقراطي على قاعدة تونس الجديدة والجديرة بالحياة الكريمة والسعيدة للإنسان لكنها بالنسبة لنهضة الإخوان أزمة مركبة (أزمة بين الشعوب وتنظيم الإخوان) وهذا ما تبرهن عليه الزلزال الجماهيري المصري وصناديق الانتخابات التونسية التي أسقطت الإخوان.. والأزمة الجوهرية لهذه الجماعة في المنطقة العربية هي ولاؤها الأعمى لقياداتها ومن بين هذه القيادات ليست أفرادا بل وبلدانا غير عربية.

قد يعجبك ايضا