الرياضة اليمنية وتجميد الكفاءات

حسن الوريث

 

في كل بلدان العالم تُبتعث الكوادر والطلاب للدراسة والتدريب والتأهيل كي يعودوا لخدمة أوطانهم والاستفادة من خبراتهم المكتسبة، أما نحن في اليمن فنمضي عكس التيار، إذ يكون نصيب أغلب هذه الكفاءات هو الإهمال والتهميش، إلا من كانت له واسطة أو قرابة، حتى لو كان مستواه أقل من الآخرين، لذلك سنظل محلَّك سر بينما العالم يسير إلى الأمام بسرعة الصاروخ.

سأتحدث تحديدًا عن الكوادر الرياضية الذين ابتعثتهم الدولة للدراسة في الخارج وخسرت عليهم الملايين لكنهم عادوا ليجدوا المشهد الرياضي تحت سيطرة من هم أقل منهم تأهيلاً وخبرة، فهؤلاء المبتعثون وغيرهم من الكفاءات الرياضية المحلية لم تستفد منهم بلادنا مطلقاً والأدهى أنه تم تعيين كثير منهم في أماكن لا تتناسب مع مؤهلاتهم وقدراتهم والأمثلة على ذلك كثيرة جداً في الوزارة والاتحادات وحتى على مستوى الأندية الرياضية وذلك خوفاً من هذه الكوادر التي تمتلك التأهيل والكفاءة على عكس الكثير ممن يتصدرون المشهد.

لدينا كوادر رياضية يمنية كفؤة في الجوانب الإدارية والفنية يمتلكون القدرة والكفاءة سواء من أولئك الذين ابتعثناهم للدراسة في الخارج أو ممن تلقوا دراستهم وتأهيلهم في كليات التربية الرياضية داخل اليمن، يمكن أن يستفيد البلد منهم في تطوير العمل الرياضي والارتقاء به، لكننا نرفض الاستفادة منهم ونقدم لذلك أسباباً وحججاً واهية لا تقنع أحداً ولا يمكن أن يقبلها العقل، فما الذي يمنعنا من الاستفادة من هؤلاء وتعيين كل منهم في المكان المناسب لقدراته وما يمتلكه من كفاءة؟ لو حدث ذلك لَرأينا النتيجة تتحقق على أرض الواقع ولانطلقت رياضتنا نحو الأفضل بسرعة.

المؤلم حقاً أن بعض الكوادر الرياضية اليمنية المتميزة في الجوانب الإدارية والفنية استقطبتهم دول أخرى وتعاقدت معهم كي تستفيد منهم وهي فعلاً كذلك تستفيد، بينما نحن تركناهم وبعضهم حاربناهم وضايقناهم، لأنهم من وجهة نظر مسؤولينا يشكلون خطراً عليهم وعلى مناصبهم وبالتالي فهذه أحسن طريقة للتعامل معهم كي يبعدوا عنهم خطر الكفاءات هذه خشية منهم ولا يهم أن يذهبوا إلى أي مكان في العالم ليسهموا في تطويره ولا يهم أن نظل نحن متخلفين، المهم أن يحافظ هؤلاء المسؤولون على أماكنهم ومناصبهم مهما كانت النتيجة على الرياضة والوطن.

من هنا نوجه نداءً للمسؤولين في وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية وكل الجهات المسؤولة عن الرياضة بضرورة عمل حصر شامل للكوادر الرياضية الذين تم تأهيلهم سواء خارجياً أو داخلياً وأين يعملون الآن وما مصير كل منهم؟ وهل كل منهم يعمل في نفس تخصصه أم لا؟ وما هي احتياجات الوزارة والاتحادات والأندية وحتى كليات التربية الرياضية؟ وبناءً على هذه البيانات يتم وضع خطة لإعادة توزيعهم والاستفادة منهم كإداريين ومدربين وفنيين واستشاريين وغير ذلك، بما يجعلنا نستفيد منهم ومن قدراتهم وكفاءتهم في تطوير قطاع الرياضة والشباب.

مما لا شك فيه أن رياضتنا تسير في اتجاه معاكس تماماً، لأننا نتخلص من كل شيء يمكن الاستفادة منه و»نحيله إلى الثلاجة» ليظل فيها مجمداً، بل ونغلق عليه ونضع له حراساً أشداء حتى لا يتمكن من الخروج، وفي اعتقادي الراسخ لن نتقدم أي خطوة إلى الأمام إلا إذا استفدنا من كوادرنا ونضع كل شيء في مكانه الصحيح، حينها فقط يمكن أن نرى رياضتنا تتجاوز محلَّك سر وتنطلق نحو آفاق العالمية.

قد يعجبك ايضا