مواقف الإباء والصمود لم ولن ينساها الزمن، لن يُنسى نورها الذي يطمس الظلام، ولن يُنسى ثباتها الذي هو من عمق جوهر الإسلام، مواقف لها في كل الأيام بصماتٌ جهاد في سبيل السلام ضد كل أهل الإجرام.
أولئك الكرام لهم في كل القلوب المؤمنة مقام؛ لوقوفهم ضد الظلم والطغيان المتمثل في الشيطان الأكبر والغدة السرطان.
أولئك هم رجال اليمن وإيران، من يرعبون الصهاينة في الواقع والمنام.
فدماء أهالي غزة واليمن، وقادة لبنان وإيران، ستجرف الظالمين إلى قعر النيران.
إنَّا في يمن الحكمة والإيمان سنكون سندًا لإيران شعبًا وقيادةً، دعمًا لضرباتها الحيدرية،
هذه هي إيران يا عالم، هذه هي القوية بقوة الله، السائرة على نهج الله ونهج الآل الكرام.
من كان أعمى عن إيران فليبصر، ومن كان أصمّ فليسمع، ومن كان أبكم فليتكلم.
بوركت سواعد مجاهدي إيران وسدد الله رميهم، وأخزى عدونا وعدوهم، ورفع رايتنا ورايتهم، ونصرنا ونصرهم على كيان الاحتلال.
فليعلم الكيان أنه سيتجرع الويل والنكال، ولا محالة – نهائيًا – سيُزال من غزة وفلسطين، ومن كل أرضي الإسلام، وعدًا من الله بمحكم القرآن: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}.
شكرًا طهران، شكرًا يا أسود الزمان، شكرًا يا أولي الكرامة والإيمان، يا المتوكلون على الرحمن، يا من لقنتم الصهيوني الجبان من الصواريخ ألوان.
رسائلكم تتوالى يوميًا إلى اليهود، ليست رسائل ورقية بل نارية، حبرها بارود وبريدها صاروخ…
الحق منتصر، والباطل زاهق، والنصر آتٍ آتٍ، قال تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، فمشاهد الضربات الصاروخية على الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة أشفت صدورنا، وأبهجت قلوبنا.
فالقبة الحديدية لدى الكيان ما هي إلا علبة بلاستيكية تنصهر ذعرًا عند اقتراب الصواريخ، وتنكمش فرحًا عند غياب الصواريخ.
نقول لليهود المحتلين: الصواريخ المُرسلة إليكم ما هي إلا إعلان لصواريخ قادمة متعددة، وستصبحون عما قريب لا شيء، سنجرعكم الويل إلى أن تمحوا – بعون الله – من وجه الأرض، وإن غدًا لناظره قريب.
حين تصبح الصواريخ الإيرانية أداة لتفكيك الكيان الصهيوني
محمد علي صنوبري
لم تعد الهجمات الإيرانية على كيان الاحتلال مجرد عمليات عسكرية منفصلة، بل باتت تعبيرًا عن تحوّل استراتيجي أوسع، يعكس تغيراً في موازين القوة ومفاهيم الردع في المنطقة. في كل مرة تُطلق فيها إيران صواريخها أو تُسيّر مسيّراتها، يتبين أن ما يجري يتجاوز الضربات العسكرية إلى زلزلة في العمق البنيوي للنظام الإسرائيلي.
الضربات الإيرانية، التي جرى تنفيذها بمنظومات أسلحة متقدمة تشمل صواريخ بالستية وفرط صوتية من طرازات كـ”عماد” و”خيبر شكن” و”فتاح”، إلى جانب أسراب من المسيّرات الذكية، لم تكن عشوائية في تخطيطها. لقد بُنيت على هندسة معقدة تُربك أنظمة الدفاع الإسرائيلية والأمريكية، بدءاً من “القبة الحديدية”، إلى “مقلاع داوود” و”آرو-3″ ومنظومة “ثاد” الأمريكية.
هذه الأنظمة، التي لطالما تغنّى بها الكيان الصهيوني، بدت عاجزة أمام الهجمات المركبة والدقيقة التي نجحت مرارًا في اختراق العمق الإسرائيلي.
الصواريخ فرط الصوتية، التي تتجاوز سرعتها 12 ماخ، لا يمكن اعتراضها بسهولة، بل إنّ رصدها ومسارها يظلان غامضين حتى لحظة الاصطدام. ومع استخدامها بالتوازي مع مسيّرات هجومية موجّهة بالذكاء الاصطناعي، تم استهداف بنى تحتية حيوية ونقاط تحكّم استراتيجية، ما أحدث شللاً تاماً في منظومات
القيادة والسيطرة الإسرائيلية.
لكن التأثير الأعمق لهذه الهجمات لم يكن عسكريًا فقط، بل سياسيًا واجتماعيًا ومؤسساتيًا. لقد كشفت هذه الضربات عن تصدعات داخلية خطيرة في بنية النظام الإسرائيلي، حيث اهتزّت صورة الردع والهيبة العسكرية، وظهرت الانقسامات على السطح بشكل غير مسبوق.
بدأ الانقسام داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها، حيث أصبحت التصدّعات في التحالفات الحاكمة واضحة، وازداد التوتر بين القيادة السياسية والعسكرية.
قادة بارزون في الجيش أعربوا عن استيائهم من غياب الرؤية السياسية، وعبّروا عن تحفّظهم إزاء أسلوب اتخاذ القرار في قضايا مصيرية قد تنهي مستقبل الكيان الصهيوني بشكل كامل. هذه الأصوات، التي كانت تُكتم في العادة، أصبحت علنية، ما يدل على وجود أزمة ثقة عميقة بين المستويات القيادية.
الانقسام امتدّ ليطال العلاقة بين الشعب والحكومة. شرائح واسعة من المجتمع الإسرائيلي بدأت تُظهر سخطها على القيادة، وخصوصاً رئيس الحكومة نتنياهو والذين بدأوا يعتبرونه متواطئاً ومتآمراً لتدمير الكيان ومجتمعه على حد سواء، كما يتهمه معارضوه بأنه يغامر بالأمن القومي من أجل أهداف سياسية ضيقة.
خرجت احتجاجات في عدة مدن، لا ضد إيران، بل ضد الحكومة نفسها، وسط اتهامات بأنها أصبحت عبئاً على النظام، وليست حامية له.
هذا الغضب الشعبي لم يقتصر على معسكر معين، بل تسرب إلى أوساط كانت تقليدياً داعمة للتيار اليميني. ولم تعد الانتقادات تصدر فقط من المعارضة، بل امتدت إلى إعلاميين ونخب سياسية لطالما كانت جزءاً من النظام.
هذا الانقسام الاجتماعي والسياسي يعكس أزمة أعمق في تعريف الدولة لنفسها، ولدورها، ولمستقبلها. الهجمات الإيرانية، بتكتيكها المركب وتأثيرها الواسع، نجحت في نقل المعركة من السماء إلى قلب البنية السياسية الإسرائيلية.
لم تعد الضربات تقتصر على أهداف ميدانية عسكرية، بل أصبحت أدوات لإعادة تشكيل الوعي الإسرائيلي،
والتشكيك في جدوى المنظومة الأمنية والسياسية القائمة.
حتى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، التي كانت تُعتبر عماد النظام، بدأت تتآكل من الداخل. تقارير مسرّبة تحدّثت عن توترات بين قيادة الجيش والقيادة السياسية، واتهامات بأن الحسابات الأمنية تم تهميشها لحسابات سياسية داخلية.
هناك إشارات إلى تجاهل تقديرات أمنية كانت تُحذر من ردود فعل إيرانية قوية، وسط حديث عن فشل في التنسيق داخل الأجهزة الأمنية، بما فيها الموساد والشاباك.
في قلب هذه الفوضى، يقف رئيس الوزراء، محاصراً بين اتهامات بالتقصير، وتململ من المؤسسة العسكرية، وغضب شعبي متصاعد. يراه البعض “متردداً وضعيفاً”، فيما يراه آخرون “مقامراً متهوراً وخائناً” فتح الباب لصراع خطير لتغطية أزماته السياسية. في الحالتين، لم يعد يمثّل الإجماع، بل أصبح جزءًا من المشكلة.
ولعل أخطر ما كشفت عنه الهجمات الإيرانية هو أن أسطورة “الوحدة الداخلية” الإسرائيلية التي كانت تُبنى على شعور دائم بالتهديد الخارجي، بدأت تتآكل.
فقد تحوّلت هذه الوحدة إلى حالة من الانقسام، وأصبح الخوف الداخلي أكثر تأثيراً من الخطر الخارجي. في ظل انهيار الثقة بين الحكومة والجيش، وبين القيادة والشعب، يُطرح سؤال وجودي: هل لا يزال الكيان الإسرائيلي قادرًا على البقاء كوحدة سياسية متماسكة؟
الهجمات الإيرانية لم تغيّر فقط طبيعة الردع في الشرق الأوسط، بل أدّت إلى إعادة تعريف العلاقة بين القوة والشرعية، وبين السلاح والدولة. إنّها ضربات لا تُقاس بعدد الصواريخ ولا بحجم الدمار، بل بمدى ما تُحدثه من خلل داخلي في منظومة كانت تبدو ثابتة. لقد أصبح واضحاً أن إيران، من خلال هذه العمليات، لا تسعى فقط إلى الرد، بل إلى إعادة رسم قواعد اللعبة، وكسر المعادلة الإسرائيلية التقليدية.
ليست هذه نهاية الحرب، لكنها بداية النهاية لمعادلة لطالما أرعبت المنطقة.
إيران لم تغيّر الجغرافيا، لكنها غيّرت شكل التاريخ.
كاتب إيراني