مما لا يختلف عليه اثنان أن جميع من في هذا الوطن يبحرون على سفينة واحدة وأنه لا بديل لهم سوى الحفاظ على هذه السفينة وحمايتها من كل الأنواء والأعاصير والأمواج المتلاطمة وضمان سلامتها ووصولها إلى بر الأمان..
وتدلنا هذه الحقيقة على أن من مصلحتنا جميعا◌ٍ في هذا الوطن بمختلف انتماءاتنا السياسية والحزبية والفكرية والثقافية ومواقعنا في السلطة أو المعارضة¡ حكاما◌ٍ ومحكومين¡ وجاهات ومواطنين¡ أفرادا◌ٍ أو جماعات..
أن نتضامن ونتكاتف وأن تتضافر جهودنا وقدراتنا وطاقاتنا من أجل صيانة سفينة الوطن والذود عنها حتى تواصل إبحارها في أجواء ومناخات آمنة تكفل لها بلوغ غاياتها وهدفها المنشود. ومهمة كهذه لاشك أنها تتطلب منا التسامي فوق الصغائر والترفع عن المصالح الضيقة والأنانيات الذاتية والمفاهيم القاصرة وأهواء ونزعات النفس الأمارة بالسوء إلى جانب عدم السماح لأي تباين سياسي أو حزبي أو اختلاف في وجهات النظر بأن يقودنا إلى التباعد والتنافر وإغفال واجباتنا نحو هذا الوطن الذي يشكل القاسم المشترك لجميع أبنائه.
وإذا ما سلمنا بكل هذه الحقائق¡ سنجد أنفسنا مطالبين بتجسيد مبدأ الولاء للوطن تجسيدا◌ٍ عمليا◌ٍ وتحويله إلى سلوك ملموس في الأقوال والأفعال والتوجهات والممارسات¡ باعتبار ذلك هو المدخل الحقيقي لتعميق قيم الوحدة الوطنية وإشاعة ثقافة التلاحم والتسامح والمحبة بين أبناء الوطن الواحد.
والواجب أن يدرك الجميع أن تمثل مثل هذا السلوك الوطني يبدأ باحترام الدستور والنظام والقانون والالتزام بمحدداتها وقواعدها التي تشكل العقد الاجتماعي الناظم للعلاقات بين جميع مكونات المجتمع.
ولا نبالغ إذا ما قلنا أن تطور الشعوب يقاس بمدى احترامها والتزامها بهذه الأسس التي إذا ما انفرطت أو تركت تنهشها أيادي العابثين والمستهترين والموتورين والحاقدين ومرضى النفوس¡ حل البلاء واستشرت الفوضى وشريعة الغاب التي يصبح فيها الجميع تحت رحمة البلاطجة وقطاع الطرق والقتلة واللصوص الذين لا يحلو لهم العيش إلا في ظل اشتعال الحرائق والخراب والدمار.
ولعل هذا ما يدعونا إلى التحذير من كل طرح يحاول الخلط بين حق ممارسة العمل السياسي والحزبي السلمي المكفول في الدستور والقوانين النافذة وبين الأفعال التي تندرج ضمن الأنشطة الهدامة وأعمال الإجرام التي يحظرها الدستور ويجرمها القانون ويعاقب عليها.
ولما كانت أحكام الدستور والقوانين النافذة واضحة في تبيين الحدود الفاصلة بين الجائز وغير الجائز والمباح والمحظور¡ فإن الواجب إذن ألاø◌ِ يسمح أحد بتجاوز هذه الحدود أو الخلط بين أدوات البناء ومعاول الهدم¡ لفداحة العواقب المترتبة على هذا الخطأ الجسيم الذي يوفر الغطاء للعناصر المنحرفة والخارجة على النظام والقانون للاستمرار في سلوكياتها المنحرفة والتمادي في غيها وعدوانها على الوطن والمجتمع.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بإلحاح:لماذا يصمت البعض ويغمضون أعينهم عن تلك الممارسات التخريبية التي تقترفها عناصر خارجة على النظام والقانون¿ وهل كان من الممكن أن تعمد تلك العناصر لإفراغ أحقادها وأمراضها الخبيثة عبر تلك الجرائم التي اقترفتها بحق الوطن والمواطنين الأبرياء الذين س◌ْفكت دماؤهم غدرا◌ٍ وظلما◌ٍ وعدوانا◌ٍ وأحرقت متاجرهم على ذلك النحو الهمجي لولا المواقف السلبية وحالة الصمت التي لازمت عدد من الناس الذين لم يحركوا ساكنا◌ٍ¡ وكأن ما حدث ويحدث هو أمر لا يهمهم أو لا يثير فيهم الغيرة على وطنهم وأنفسهم¡ وهو ما وجدت فيه العناصر التخريبية الغطاء للتمادي في جرمها وعبثها واستهتارها بالانظمة والقوانين.. وفي كل حال يبقى الأهم أن يستفيد الجميع من دروس الماضي والتعلم من الأخطاء ولما من شأنه
فتح صفحة جديدة تقوم على الشراكة الصادقة والمخلصة في بناء الوطن والنهوض به في مختلف المجالات والص◌ْعد¡ وذلك لن يتأتى إلا برص الصفوف وتكاتف الجهود وتكامل الأدوار والابتعاد عن الظنون والشكوك وسوء النوايا¡ وتغليب مصلحة الوطن العليا على كل المصالح¡ ليكون اليمن أولا◌ٍ¡ وأبدا◌ٍ..
فهل من متعظ¿.
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا