زيارة بايدن.. الأسباب المعلنة والأسباب غير المعلنة

خالد لطف عبيد

 

أتت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للأراضي الفلسطينية المحتلة والسعودية في ظل انحدار شعبيته داخل أمريكا جراء فشله في إدارة الكثير من الملفات الداخلية والخارجية وفي مقدمتها معاناة الشعب الأمريكي من ارتفاع أسعار الوقود والغذاء وعدم قدرة بايدن على الحد من التضخم المتصاعد الذي يعاني منه الاقتصاد الأمريكي جراء الحرب الروسية الأوكرانية ويتضح ذلك من قيام بايدن أثناء زيارته أن بعث برسالة يخاطب من خلالها الشعب الأمريكي فحواها (أنني أقوم بهذه الزيارة دفاعا عن مصالح الشعب الأمريكي) في إشارة إلى أن زيارته للسعودية تتعلق بتأمين الطاقة للشعب الأمريكي ما دفع الشارع الأمريكي لتعليق آمالا عريضة على هذه الزيارة ومتابعة مجرياتها إلا أن البيان الختامي لقمة جده جاء مخيبا لآمال الشارع الأمريكي. وكون إدارة بايدن هي التي فرضت العقوبات على صادرات النفط والغاز والغذاء الروسي بقصد الضغط على روسيا وضرب اقتصادها إلا أن هذه العقوبات أصابت الاقتصاد الأمريكي في مقتل وترتب عليها تضخم وغلاء في أسعار الوقود والغذاء في أمريكا وأوروبا خصوصا وفي العالم عموما فإن الشارع الأمريكي يحمل بايدن نتائج الحظر على صادرات الطاقة والغذاء الروسي وغلاء أسعارها وهذا ما يؤكد أن تلك العقوبات لم تؤتي أكلها بل على العكس فقد نتج عنها نتائج عكسية على المواطن والاقتصاد الأمريكي وهذا ما يؤكد أن العقوبات لم تكن مدروسة ولا مجدية لذلك أتت بنتائج عكسيه تماما. وبالعودة إلى أسباب الزيارة فهناك أسباب معلنة وأسباب غير معلنة. ومن أسباب زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة مناقشة الملف النووي الإيراني للوصول إلى حلول تمنع إيران من مواصلة برنامجها النووي وبالتالي امتلاك السلاح النووي خاصة بعد أن طلبت إسرائيل من أمريكا قبل عدة أشهر تزويدها بقنابل أمريكية وزن الواحدة منها أحد عشر طنا قادرة على تدمير المواقع النووية الإيرانية بالإضافة إلى تزويدها بطائرات حربية أمريكية قادرة على حمل تلك القنابل وطائرات للتزود بالوقود في الجو إلا أن أمريكا رفضت هذا الطلب في حينه. بالإضافة إلى مناقشة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وبحث قيام دولتين فلسطينية وإسرائيلية على حدود ١٩٦٧م. علما أن بايدن قد تعهد بقيام الدولتين أثناء حملته الإنتخابية رغم يقينه وعلمه المسبق منذ أن كان نائبا للرئيس الأمريكي الأسبق أوباما استحالة قيام الدولتين في ظل تعنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي واستمرارها بالتوسع في بناء المستعمرات على أراضي فلسطينية محتلة بعد ١٩٦٧م.
وفيما يتعلق بزيارة بايدن للسعودية فهناك أسباب معلنة وأسباب غير معلنة. ومن الأسباب المعلنة مناقشة أمن الطاقة العالمية في ظل النقص الحاد الناجم عن العقوبات الأمريكية على النفط والغاز الروسي الذي ترتب عليه أزمة عالمية حادة أدت إلى ارتفاع أسعار الوقود عالميا خاصة في أمريكا وأوروبا. ورغم تصريح بايدن قبيل زيارته أنه لن يقوم بالضغط على السعودية لزيادة إنتاج النفط لتغطية النقص في السوق الأمريكية. ومن أسباب عدم ضغط بايدن على السعودية لزيادة إنتاج النفط السعودي أن زيارته أتت في ظل فتور شديد يشوب العلاقات الأمريكية السعودية نتيجة قيام أمريكا بسحب بطاريات ومنصات صواريخ باتريوت الأمريكية من السعودية دون تنسيق مع السعودية ويظهر الفتور جليا من طريقة استقبال بايدن استقبالا خاليا من الحفاوة والبهرجة والبذخ التي استقبل بها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وقد أكد ذلك الفتور طريقة المصافحة بين بايدن وولي العهد السعودي حيث تصافحا على الطريقة الأمريكية (ضرب قبضة يديهما ببعض بدلا عن المصافحة). أما الأسباب غير المعلنة فكان أهمها طلب بايدن من ولي العهد السعودي زيادة إنتاج النفط السعودي وضخه للسوق الأمريكية وحث ولي العهد السعودية على سرعة التطبيع من الكيان الصهيوني. ما دفع محمد بن سلمان إلى استغلال تلك الطلبات وقام بطرح شروط مقابل تلك الطلبات يتعهد بايدن بموجبها بمنع استكمال البرنامج النووي الإيراني والحيلولة دون امتلاك إيران للسلاح النووي (ذات الطلب الذي قدمته إسرائيل) بالإضافة إلى مساعدة السعودية عسكريا ولوجستيا لصد هجمات انصار الله بالطائرات المسيرة والصواريخ. وتأتي شروط بن سلمان لبايدن سابقة في العلاقات السعودية الأمريكية فقد أتت بعيدا عن الإملاءات الأمريكية المعتادة تجاه السعودية بعد أن كانت العلاقات بينهما تتسم بفرض الرغبات والطلبات الأمريكية دون شروط. أما فيما يتعلق بالملف اليمني فلم يحض الملف اليمني باهتمام بايدن الذي تعهد في برنامجه الانتخابي بإيقاف الحرب على اليمن لكنه بدلا من ذلك اكتفى بالإشادة بالهدنة آملا إطالة مدة الهدنة والمضي في تفاهمات تفضي إلى إنهاء العدوان على اليمن وقد تجلى عدم الاهتمام من خلال البيان الختامي الذي أشار على استحياء إلى الإشادة بالهدنة. كما تم مناقشة الملف اليمني على مستوى وزير الخارجية الأمريكي ولم يسجل أي حضور للعليمي جلسات الرؤساء والملوك المشاركين في قمة جدة رغم استدعائه للمشاركة. ومن هنا أبعث رسالة للذين يعلقون آمالهم على أمريكا للضغط على دول التحالف لإيقاف الحرب على اليمن كونها الراعي والداعم لهذه الحرب العبثية. فأمريكا لها أجندتها ولها مصالحها الخاصة ومنها استمرار العدوان على اليمن.

قد يعجبك ايضا