6.9 مليار دولار خسائر القطاع السمكي جراء العدوان والحصار منذ العام 2015م

 

الصيادون هم أكثر المتضررين بسبب المضايقة والتهديد واستهداف قوارب الصيد
“الزراعية العليا” و”الثروة السمكية” تبدآن تنفيذ استراتيجية وطنية للنهوض بالقطاع السمكي
القطاع السمكي يشغل ما يقارب من 500 ألف يمني وفق وزارة الثروة السمكية

الثورة / يحيى الربيعي
تزداد معاناة الصيادين اليمنيين، حيث انخفضت أنشطة صيد الأسماك بنسبة 40 %، وتأثرت بشدة فرص العمل فيه، بسبب استمرار المضايقات التي تمارس على الصيادين اليمنيين.
ولاقى المئات من الصيادين حتفهم، جراء الحرب في اليمن، حيث شن تحالف العدوان على اليمن غارات جوية استهدفت قوارب الصيد والأسواق، وزرعت الألغام في عرض البحر مما جعل المياه الإقليمية اليمنية خطرة أمام الصيادين.
وبنيران العدوان قتل وأصيب ما لا يقل عن 334 صياداً منذ العام 2015م. كما تم تدمير 2 مستودعات للصيد، وحوالي 35 قارب صيد تضررت أو دمرت بسبب الغارات الجوية والقصف والألغام البحرية في عام 2018م.
في حين رصدت تقارير عدة خلال السنوات الماضية، تعرض قوارب الصيادين للاحتجاز بشكل مستمر، وكثيراً ما يتم منعها من مزاولة الصيد من قبل قوات عسكرية تسيطر على السواحل والمياه الإقليمية اليمنية.
قبل الحرب
وعلى الرغم من أن المخزون السمكي لليمن يقدر بحوالي 850 ألف طن، وفقاً للتقرير الوطني الخامس للتنوع البيولوجي للعام 2014م، لكن الإنتاج الفعلي يقدر بنحو 290 ألف طن متري. إلا أن المياه الإقليمية اليمنية والموارد البحرية لديها القدرة على إنتاج 400 ألف طن متري من الأسماك في السنة.
تتكون صناعة صيد الأسماك إلى حد كبير من الصيد الحرفي (صيادون أفراد في قوارب صغيرة) ولا يزال الصيد التجاري غير متطور إلى حد كبير، وقبل أكثر من 10 سنوات.
قبل بدء الحرب، شكلت الثروة السمكية في اليمن، مصدراً هاماً للدخل وفرص العمل، وتحقيق الأمن الغذائي للتجمعات السكانية الساحلية، إذ يساهم القطاع السمكي بنسبة 3 % من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
ومثل القطاع السمكي، ثاني أكبر الصادرات في البلاد بعد النفط والغاز. ويشغل هذا القطاع- بشكل مباشر وغير مباشر- قرابة نصف مليون يمني بحسب وزارة الثروة السمكية.
ووفقاً لنتائج الحصر الميداني لمراكز الإنزال السمكي في المناطق الساحلية في البلاد للعام 2014م، بلغ عدد الصيادين اليمنيين العاملين بقطاع الصيد التقليدي حوالي 126.624 صياداً، ينتشرون في 10 محافظات يمنية ساحلية، في 3 قطاعات بحرية. وهم يشكلون حوالي 75 % من قطاع الثروة السمكية. في حين تحتل أنشطة الصيد الصناعي 25 %.
وبحسب تقرير الجهاز المركزي للإحصاء، بلغت كمية الإنتاج السمكي من الأسماك (اسماك السطح، أسماك الأعماق، والأحياء البحرية الأخرى) قرابة 217.896 ألف طن في نهاية العام 2014م.
تبلغ عدد الجمعيات السمكية التعاونية 146 جمعية تتوزع في عشر محافظات ساحلية، أكبرها محافظة الحديدة، في حين أن تبلغ عدد قوارب الصيد التقليدي في كل المناطق قرابة 32.120 قارب صيد.
كما توجد في اليمن 3 مصانع محلية للإنتاج السمكي، (مصنع المكلا الغويزي، مصنع تونا لتغليف الأسماك، ومصنع سبأ لتعليب الأسماك) يبلغ إنتاج المصانع الثلاثة حوالي 30,682 ألف طن من الأسماك المعلبة وفق بيانات العام 2014م.
ضحايا الحرب
يعاني القطاع السمكي من تحديات كبيرة نتيجة تفاقم الصراع القائم منذ 7 سنوات. ووفقاً لبيانات برنامج معلومات الأمن الغذائي والإنذار المبكر 2020م، ازدادت معاناة مجتمعات الصيادين المحليين، وانخفضت مؤشرات استهلاك الفرد في اليمن من الأسماك من 14 كجم في السنة، إلى 2.5 كجم/السنة بنسبة 85 %.
تسببت الحرب بخسارة الآلاف من الصيادين لمصدر دخلهم الوحيد، وبرزت المعاناة بوضوح داخل المجتمعات الساحلية في محافظة الحديدة الواقعة على ساحل البحر الأحمر، والتي اشتدت فيها حدة المعارك خلال الأعوام الأخيرة وأصبحت مناطق الصيد عرضة للخطر.
تعد الحديدة أكبر مجتمعات الصيد التقليدي في اليمن، ووفقاً لبيانات جهاز الإحصاء للعام 2014م، يبلغ عدد الصيادين في كافة مناطق ومديريات الحديدة حوالي 67.310 صيادين.
ويوجد منهم قرابة 10 آلاف صياد يتواجدون في مدينة الحديدة (عاصمة ومركز المحافظة)، في حين تتوزع الفئة الكبرى منهم في 7 مديريات ريفية بالمحافظة.
قبل اندلاع الحرب، كانت كمية الإنتاج من الأسماك في الحديدة تبلغ قرابة 29.962 ألف طن، من خلال 7 مناطق للصيد البحري بالمحافظة، وبسبب الحرب تراجع الإنتاج السمكي في الحديدة إلى حوالي 12.492 طناً في العام 2015م.
ومع الحرب، تعرضَ صيادو الحديدة لهجمات مستمرة أثناء ممارستهم مهنة الصيد داخل المياه اليمنية، وفي أغسطس 2019م، قال تقرير بثته (هيومن رايتس ووتش) أن (قوات بحرية تابعة للتحالف بقيادة السعودية نفذت على الأقل 5 هجمات قاتلة على قوارب صيد يمنية منذ 2018م، أسفرت عن مقتل 47 صياداً يمنياً على الأقل، منهم 7 أطفال، واحتجاز أكثر من 100 آخرين، بعضهم تعرض للتعذيب أثناء الاحتجاز في السعودية).
تراجع الصيد
ونتيجة للتهديدات والمضايقات التي يتعرض لها الصيادين في مياه اليمن الإقليمية منذ بدء الحرب، تراجعت كمية الإنتاج السمكي في البلاد وانخفضت من 217 ألف طن في 2014، إلى حوالي 61 ألف طن في العام 2015م. وفقاً لبيانات الهيئة العامة لمصائد البحر الأحمر.
واستناداً لإحصاءات هيئة المصائد السمكية، أفاد أحد التقارير، إلى أن تكلفة الخسائر التي تكبدها قطاع الثروة السمكية في اليمن، نتيجة الأضرار التي لحقت بالموانئ ومراكز الإنزال السمكي وقوارب الصيادين بلغت قرابة 6.9 مليار دولار أمريكي، منذ العام 2015م.
وبحسب بيانات الوحدة الفنية للأمن الغذائي، فإن استمرار حدة التهديدات التي يتعرض لها الصيادين اليمنيين، تسببت بتدني أنشطة الصيد، وقلصت من نشاط الاصطياد، وشكل طول سلسلة قنوات التوزيع ووعورة الطرق تحدياً إضافياً، إلى جانب عدم استخدام وسائل نقل مجمدة، مما يسبب تدني الجودة وانخفاض كمية الإنتاج السمكي المعروض.
وتعاني المحافظات الساحلية الغربية من المزيد من القيود والرقابة والإغلاق، وتؤكد تقارير الوحدة التنسيقية للسكرتارية الفنية للأمن الغذائي بمحافظة حجة على استمرار إغلاق منافذها البرية والبحرية تماماً.
اهتمام القيادة
وفي إطار الاهتمام الذي يوليه المجلس السياسي الأعلى وضمن “الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالقطاع السمكي” اشهرت بمحافظة الحديدة الشهر الماضي جمعية ساحل تهامة التعاونية السمكية بالإضافة إلى الشروع في إنشاء شركات تسويق وتجارة وصناعة الأسماك وكذلك تجهيز الأسواق المركزية النموذجية ونقاط البيع بالتجزئة على مستوى الجمهورية.
المؤمل من تشكيل الجمعية حسب تأكيدات رئيس اللجنة الزراعية السمكية العليا إبراهيم المداني، هو الإسهام في تطوير القطاع السمكي على طول السواحل اليمنية.
حيث ستتولى الجمعية العمل على تسويق المنتجات السمكية للصيادين من خلال توفير أسواق ونقاط بيع الأسماك والأحياء البحرية في مختلف المحافظات.
كما تكمن أهمية دور الجمعية في خدمة مجتمع الصيادين على امتداد ساحل تهامة وما يمكن أن تقدمه من دعم للقطاع السمكي والاستفادة من المنتجات السمكية التي ينعم بها اليمن على طول سواحله لتحقيق الأمن الغذائي من هذا المنتج.
وكما يتوقع من الجمعية أن تسهم في حماية المنشآت السمكية وتطوير مهارات وحرف الاصطياد التقليدي وتسويق ونقل الأسماك.
بالإضافة إلى ما ترتكز عليه أهمية الجمعية في الاهتمام بالصيادين وتوفير احتياجاتهم وتسويق منتجاتهم السمكية وتحسين أوضاعهم المعيشية والصحية من خلال الاستغلال الأمثل لما تمتلكه اليمن من الأسماك والأحياء البحرية ذات الجودة والقيمة الغذائية العالية.

قد يعجبك ايضا