تجاهلوا ذكر بريطانيا وجرائمها في الجنوب

احتفاء المرتزقة بالذكرى الـ58 لثورة 14 أكتوبر وانكشاف العمالة التاريخية للغزاة

 

 

قراءة مضمون: كلمة الفار هادي المزعومة بالاحتفاء بأكتوبر بمضامينها التي تذكر لفظ بريطانيا لم تكن مستغربة
هادي جرم في كلمته كل تضحيات القوى الوطنية المناوئة للغزاة الجدد ليؤكد صلته التاريخية كربيب لبريطانيا
محللون:
انعقاد مجلس الأمن بشأن اليمن في 14 أكتوبر الجاري ولأول مرة منذ بدء الحرب يكشف بصمات بريطانيا
سياسيون:
ثورة 14 أكتوبر لا تحتاج إلى أصوات العملاء المقيمين في الخارج كونهم أدوات ومرتزقة بريطانيا قبل دول الخليج

بدت الذكرى الثامنة والخمسين لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة في هذا العام بالذات بمثابة المعيار الأكثر وضوحا في الفرز التاريخي لمن يقفون على قيم الانتصار لسيادة اليمن واستقلاله ووحدته، عزة وسؤدد بنيها، ومن يقف موقف الخزي والمهانة بمحاولة طمس التضحيات اليمنية الجسيمة حتى توجت ثورة الرابع عشر من أكتوبر بالاستقلال في الـ30 من نوفمبر 1967م بعد أربع سنوات من الكفاح المسلح.. وقد تجلت تلك المفارقات في الاحتفاء بالذكرى الثامنة والخمسين لثورة 14 أكتوبر هذا العام.. فكيف كان ذلك التجلي؟ إلى التفاصيل:

قراءة ومتابعة:/محمد إبراهيم

لم يسمع كلمة الفار هادي في الرياض عندما بدأ فخامة المشير الركن مهدي المشاط – رئيس المجلس السياسي الأعلى قراءة خطابه التاريخي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى- بمناسبة العيد الـ 58 لثورة 14 أكتوبر المجيدة، لكنه كان محقا بكل تفاصيل ما يقول إزاء مناسبة تمثل نقطة مضيئة في تاريخ اليمن الحر المستقل، وكما تمثل المقياس الحقيقي والاستثنائي في مسألة الفرز الصارم، بين مثابة التضحية بالنفس والمال من أجل حرية اليمن أرضا وإنسانا، وبين مهانة العمالة وخزي الارتزاق ببيع الوطن أرضا وعرضا، حيث أكد المشاط أن المرتزقة يتحاشون الاحتفاء بثورة الرابع عشر من أكتوبر، أو على الأقل يتجنبون الإكثار من الحديث حولها، ويمرون من عليها مرور اللصوص والأدعياء كما هو ملاحظ أنهم يفعلون ذلك لأنهم يدركون بأنهم يقفون على النقيض من جوهرها ومبادئها وكل سماتها السلوكية ومقتضياتها العملية، ويعرفون أنهم كلما تحدثوا عن هذه الثورة بالذات كلما فضحوا أنفسهم أكثر، وأظهروا ظلاميتهم – على نحو أبرز – كامتداد صارخ لسلفهم من أولئك الخونة والمرتزقة الغابرين الذين عملوا في بلاط المستعمر القديم.
وأضاف المشاط: «وفي المقابل فان من دواعي اعتزازنا اليوم أنه يمكن لأي من أبناء شعبنا المناهض للعدوان أن يحتفل مرفوع الرأس بهذه الثورة، وأن يشاهد مبادئ وبنادق الرابع عشر من أكتوبر في أيادي أبطال الجيش واللجان الشعبية وثورة الحادي والعشرين من سبتمبر بوصفهم اليوم الوارث الشرعي والامتداد الطبيعي لكل ما هو مضيء ومشرف من مواقف ونضالات شعبنا العزيز عبر كل تاريخه القديم والحديث».. مؤكدا أن ثورة الرابع عشر من أكتوبر تنتصب اليوم كأحد المعايير المهمة والدقيقة في مسألة رفع اللبس، وكشف الحقائق وتعرية الخصوم، وانضاج الوعي الوطني العام، وأيضا هي مقياس مهم في مسألة الفرز الصارم بين ورثة التاريخ المشرف، وبين ورثة المواقف المخزية في التاريخ.
غياب بريطانيا
من سمع أو قرأ كلمة الفار بعقلية المواطن اليمني الحر وحتى بعقلية التعصب الأعمى باسم شعارات مزيفة، سيكتشف الخزي الكبير الذي يقف هادي ومن يتبعه في دوائره النتنة، حيث انشغل الفار هادي في خطاب أسماه زيفا بمناسبة الذكرى الـ 58 لثورة 14 أكتوبر بإسطوانته المشروخة حول الحديث عن المؤامرة الإيرانية التي تحاك ضد اليمن، متناسيا أن المفاوضات الإيرانية السعودية تواصل مسارها، مع طهران على أرضية المصالح المشتركة، أن أساس لادعاءاته بوجود إيران في اليمن، وأن إيران لم تحتل اليمن بل احتلته بريطانيا، وأن ثورة 14 أكتوبر اقتلعت القوات العسكرية الضخمة للاحتلال البريطاني بعد تضحيات جسام سطرها التاريخ بأحرف من نور، ولم تقم ضد إيران، وأن من قام بها هي القوى الوطنية التي سجلت ولم تزل تجترح انتصارات الميدان والصمود الاسطوريين، أمام اعتى تحالف عدواني تحركه بريطانيا وأمريكا وإسرائيل التي تقتل اليمنيين أطفالا ونساء وكهولا، ولم تقل أي من أنظمة الخزي والتبعية كلمة حق لا لقتل اليمنيين، سوى ايران.
الأكثر مهانة وخزيا أن هادي لم يورد اسم بريطانيا نهائيا في كلمته، وهذه مفارقة تاريخية تؤكد أن هادي أسوأ رئيس في التاريخ بالنسبة لكل معايير الحياة السياسية والوطنية، بل دعا ظنا منه أن أحدا سيعجب بدعوته أو يعيرها أي اهتمام غير صب اللعنات، إلى رص الصفوف وجمع الشتات وتوحيد الكلمة للتصدي……..» هل لمحاولات الاستعمار البريطاني العودة الى اليمن ..؟!!! لا.. بل إلى مواصلة بيع الأرض واشعال الحروب الداخلية بين أبناء الوطن الواحد لخدمة المستعمر البريطاني الذي وصلت أولى قواته الى مطار الغيضة بمحافظة المهرة بنفس الذرائع التاريخية التي بدأتها لاحتلال اليمن، حيث أعلنت القوات السعودية المسيطرة على المطار، عن وصول أعداد من القوات البريطانية نهاية يوليو الماضي، على خلفية حادث سفينة «ميرسر ستريت»، قبالة سواحل عُمان، معيدة إلى أذهان اليمنيين أطول فترة استعمارية سجلتها بريطانيا على موانئ عدن في يناير 1839م بذريعة جنوح السفينة المتهالكة (داريا دولت) قرابة سواحل عدن، لتبسط سيطرتها على الثروات والموارد والتجارة المتعلقة بالمحافظات اليمنية الجنوبية لأكثر من 124 عاماً.
الانتقالي ومشروع بريطانيا
ومثلما ذهب الفار هادي المقيم جبرا في الرياض بعيداً مهابة المناسبة باستعراض جرائم بريطانيا على مدى 124 عاماً من احتلالها وقمعها لكل الحركات الوطنية وقتلها الآلف، محاولاً طمس معاني النصر التاريخي لثورة 14 أكتوبر، وكما لو أن الشعب اليمني الحر الذي دحر بريطانيا وقام العدوان بكل آلاته الأحدث في العالم، يستمع له وهو يلقي كلمته المرتعشة من داخل فنادق الرياض، بدا من يتزعم الانتقالي المدعوم اماراتيا، عيدروس الزبيدي محتفيا بمشروع بريطاني يتمثل في الجنوب العربي الذي نسجته حبايل بريطانيا، ورفضه الشعب اليمني بأسره، وضحى من أجل وحدته واستقلال كامل أراضيه بخيرة أبنائه من رموز النضال التحرري اليمني..
لا غرابة في حديث الانتقالي عن مشروع الجنوب العربي ضمنا، والانفصالي علنا، في مقام ذكرى ثورة أكتوبر الثامنة والخمسين، فتلك مغالطة من صناعة بريطانيا، ففصل الجنوب عن الشمال سيمهد لها الطريق لمشروع الجنوب العربي وتفتيت الجنوب الى ما كان عليه في زمن السلطنات والمحميات، حيث يرى المحللون، أن الحراك الجنوبي الانفصالي يعمل على تشويه ثورة أكتوبر، وتشويه أهدافها العظيمة والتلاعب بها، وحرفها عن مسارها، وهذا يعد أكبر خيانة للثورة وللثوار الذين ضحوا بدمائهم وأموالهم من أجلها، والمؤسف أن هذا التشويه المتعمد يتم عبر مؤلفات يتم توزيعها في المكتبات، وعبر مواقع الانترنت، ويستهدف التشويه الأهداف المتعلقة بالنضال من أجل الوحدة الوطنية، والقضاء على مخلفات الاحتلال البريطاني، مثل اتحاد الجنوب العربي، والسلطنات والمشيخات المتحالفة معه.
ومن أمثلة هذا التشويه، حذف الهدف الذي ينص على «ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ»، واستبداله بهدف آخر، هو «إﻋﺎﺩﺓ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻜﻴﺎﻧﺎﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺳﻴﺮﺍً ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺲ ﺷﻌﺒﻴﺔ ﻭﺳﻠﻤﻴﺔ»، وذلك من أجل التبرير لمطالب الانفصال، وإنكار وحدوية ثوار أكتوبر، الذين جعلوا هذا الهدف نصب أعينهم فور جلاء آخر جندي بريطاني من الجنوب في 30 نوفمبر 1967، لكن الانفصاليين اليوم يحتفلون بذكرى ثورة أكتوبر كمناسبة انفصالية، رغم أن من أهم أهدافها تحقيق الوحدة الوطنية، ويحتفلون بها كثورة خاصة باسم دولة اتحاد الجنوب العربي، رغم أن الثوار ألغوا هذا الكيان فور نجاح الثورة، خاصة أن من أطلقه على إمارات وسلطنات الجنوب هو الاحتلال البريطاني.
14 أكتوبر غنية عن العملاء
حقيقة الأمر وواقع الأحداث المرتبطة بحرب المرتزقة على كل ما هو يمني ذي نزعة استقلالية، أن ثورة 14 أكتوبر لا تحتاج من مرتزق يقود الخارج إلى حرب على بلده، أي موقف وطني وليس بمستغرب هذا التهميش ومحاولات الطمس لمعاني انتصار ثورة أكتوبر من قبل أدوات التحالف سواء في الداخل الجنوبي أو في الخارج، هذا ما ألمح إليه محافظ محافظة عدن طارق سلام، لافتا إلى أن ثورة الـ14من أكتوبر 1963م، تعد أقوى الثورات الشعبية في الجزيرة العربية من حيث تلاحمها بالجماهير ووضوح أهدافها وقوتها.
وأكد سلام أن “أبطال أكتوبر واجهوا أعتى مستعمر حينذاك وصمدوا أمام قوة المستعمر وبطشة وجبروته وتمكنوا من إسقاط كافة مشاريع الاحتلال البريطاني وأدواته في الجنوب “.. مضيفا: رسالتنا للمحتل الجديد أن مدينة عدن كانت وما تزال قبلة الأحرار وإن ما يحدث اليوم من انتهاكات جسيمة واغتيالات وقمع وإرهاب للمواطنين في الجنوب عامة وعدن خاصة، يؤكد أن أيام المحتل الجديد قصيرة”.. إن هزيمة المحتل ستكون مؤلمة على أيدي الشعب اليمني الصامد الذي وقف منذ ست سنوات إلى جانب قيادته الثورية والسياسية – الجيش واللجان الشعبية- في مواجهة تحالف كوني وقاوم بكل الوسائل والإمكانات الحصار الظالم، فلم يستسلم أمام تحالف يمتلك أحدث الأسلحة الفتاكة ولم يستكن.
مجلس الأمن وذكرى 14 أكتوبر
ما استغرب منه المراقبون في الأحداث الدولية والمرتبطة باليمن هو تقديم الإحاطة الأممية لمجلس الأمن الدولي بتاريخ 14 أكتوبر هذا العام وبالتزامن مع الذكرى الثامنة والخمسين، مؤكدين أن اختيار مجلس الأمن الدولي تاريخ الرابع عشر من أكتوبر لعقد جلسته بشأن اليمن، ليس عفوياً أو من باب المصادفة، فهناك دلالة واضحة تكشف غايات، يدركها مَن يربط عدداً من خيوط اللعبة الإقليمية والدولية التي أوصلت اليمن إلى الوضع الذي يعيشه حالياً، خصوصاً في الجانب الاقتصادي، مع خيوط تاريخية موصولة بمحطات اليمن التحررية ضد الاحتلال والهيمنة والوصاية على مدى التاريخ قديمه وحديثه، وتاريخ الـ 14 من أكتوبر الذي عقد فيه مجلس الأمن جلسته بشأن اليمن هذا العام ولم تنعقد في التاريخ نفسه طيلة الأعوام السبعة الماضية من عمر العدوان والحرب على اليمن، هو أحد أهم الخيوط التاريخية التي تتكشف عنها رسائل القوى الإقليمية والدولية بشأن ما أحدثته وما تنوي فعله في اليمن، في وقت تضلل العالم كله بأنها تبذل الجهود الكبيرة من أجل استقراره أمنياً واقتصادياً وفي شتى مناحي الحياة، رغم أن ذلك كله عبارة عن غطاء يخفي ضلوعها بشكل مباشر وغير مباشر فيما آلت إليه الأوضاع في هذا البلد الذي يواجه حرباً إقليمية ودولية منذ أكثر من ستة أعوام.
يعقد مجلس الأمن جلسته بشأن اليمن، ليأخذ اليمنيين بعيداً عن الاحتفاء بمأثرتهم التاريخية التي أنجزوها في الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م، والتي أزاحوا بها عبء أكثر من 120 عاماً من الاحتلال البريطاني الذي سلبهم سيادتهم وحريتهم وثرواتهم في الجزء الجنوبي من الوطن اليمني الكبير، فانعقاد المجلس في هذا التاريخ ليناقش ما يسميها الحلول المفترضة للوصول إلى السلام ووقف الحرب في اليمن، يثبت أن التدخل في شؤونه أصبح مفتوحاً ومباحاً لكل القوى الدولية والإقليمية التي تسببت بحالة الحرب القائمة بشقيها العسكري والاقتصاددي، والمجلس كما هو معروف عنه الذراع الأقوى والأداة الأبرز لتكريس هيمنة القوى العظمى، وفرض إرادتها على الدول والشعوب، تحت شعارات وعناوين الحفاظ على السلم الدولي، وحل النزاعات.

قد يعجبك ايضا