جمهور الانهزام النفسي!

محمد العزيزي

 

 

تعرض منتخبنا الاولمبي تحت سن 23 إلى انتقادات واسعة, رغم أن المنتخب قدم مستوى طيباً من وجهة نظري ونظر الكثيرين , وحري بنا أن نقول لهم كثَّر الله خيركم يا شباب أديتم ما عليكم، فقد واجهتم ونافستم فرقاً قوية مستعدة تعيش حالة نفسية ورياضية مستقرة وتلقت تدريبات ومعسكرات تدريب في أرقى الدول والملاعب وأجرت مباريات تجريبية مع عدة فرق ومنتخبات للوصول والوقوف على مستواها وإمكانيات هذه المنتخبات، فلا يتحرك الفريق إلا بصحبة طاقمه الطبي المتكامل على رأسهم الطبيب النفسي والبدني ولديهم ميزانيات مالية مهولة تضاهي ميزانية حكومة اليمن.. أيام ما كان معنا ميزانية .
بالمقابل ونحن نتحدث عن منتخبنا الوطني الشاب الذي سيتوجه إلى الدوحة في مهمته القادمة أو حتى المنتخبات الأخرى، فلا تلاقي هذه المنتخبات منا إلا الانتقاد والسخرية والشماتة حتى وإن قدمت هذه المنتخبات أفضل العرض ومستوى أكبر من المتوقع, رغم الظروف التي لا تخفى على أحد ويعلمها ويعاني منها الجميع ويلعب المنتخب بميزانية ” صرفة الطريق ” .. ونطالبهم بتحقيق المستحيل .ِ. عجبي !.ِ
ألا يعلم هؤلاء ” الناقدون و الناقدات أن منتخب الشباب يلعب وهو لم يقم معسكراً تدريبياً داخلياً محترماً ولم يقم مباراة واحدة في المعسكر الخارجي وتم تجميعهم على أساس “فزعة” لمدة أسبوع, وليس لديه طبيب نفسي ولا متخصص في اللياقة والتغذية ولا طبيب تدليك ومسؤول اجتماعي، فريق يفتقر لأبسط الإمكانيات ليس المالية وحسب بل حتى المادية الضرورية والمستلزمات الرياضية ويأتي البعض من ليطالب بالفوز والصدارة والمنافسة ونتائج قوية ..من أين يا هذا ؟! المنتخب لم يلق حتى التطمين والتشجيع ورفع المعنويات لا من الدولة ولا من الناس بل يحقق نتائج من لا شيء، لا اهتمام نفسي أو بدني ومادي ولا رضا وتشجيع نفسي من قبل الجمهور رغم أن النتائج ليست سيئة .
دائما منتخباتنا تدخل الملاعب وهي خائفة ومذعورة من عدم ثقة جمهورها بها أولا وثانيا من الخصوم فتهزم قبل المباراة لأنها تتلقى النقد والتوقعات السلبية والمثبطة، وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى الانهزام النفسي للاعب والمنتخب فإذا انهزمت نفسيا تهزم كرويا وبأهداف يحددها الخصم ..لماذا؟ لأن المنتخب اليمني معذب بكل حقوقه المادية والمالية والفنية والنفسية، فضلا عن كل ذلك يأتي الجلادون والناقدون والشامتون ليجلدوا عناصر المنتخب حتى قبل أن يطلق الحكم صفارة نهاية المباراة .. يا جماعة الخير كونوا منصفين ..واعرفوا من يجب أن تواجهوا انتقاداتكم إليه .
وحول هذا الموضوع نورد هنا رأى علماء النفس الرياضي الذين يقولون إن الرياضة علاج نفسي لكل إنسان، لكن اللاعبين الرياضيين يمتهنون الرياضة وانتقادهم يؤثر على الجوانب النفسية والرياضية ويؤدي إلى انهزام معنوي ونفسي ويؤثر ذلك على مستوى اللاعب فنيا وذهنيا وما يقدمه لمهنته الرياضية, ولذلك نصح هؤلاء العلماء بضرورة مرافقة طبيب نفسي واجتماعي للمنتخبات الرياضية والأندية قبل وبعد المباراة .. قبلها لرفع المعنويات لدى اللاعبين ليدخلوا جو المباراة بمعنويات تعانق السماء وبين الشوطين، وفي نهاية المباراة يزيد الطبيب النفسي من رفع مستوى المعنويات، إن كان المنتخب أو الفريق فائزا, وإن كان مهزوما يخفف من وطأة الهزيمة ويدفع في عناصر المنتخب الحماس والتعويض مجددا في المباراة القادمة ويضع برنامجا ترفيهيا لمنع حالة الاكتئاب وتأثيرات الهزيمة .
تخيلوا أن كل ذلك من الإمكانيات ليست موجودة ومتوفرة لمنتخباتنا ولا في أنديتنا المحلية، وأتحدى أي شخص يثبت عكس ما طرحته .. وفي نهاية المطاف يأتي شخص ربما هو نفسه لم يلعب يوما ما كرة القدم و لا يعرف أبجديات الرياضة، يتحول في غمضة عين محللا رياضيا وناقدا وساخرا وناقما والغرض السخرية ليس إلا .
وللتدليل على هذا السلوك اليمني الخالص وثقافة الإحباط والتثبيط والانهزام النفسي – وهي سمة يتميز بها بعض اليمنيين- بالأمس القريب قام جمهور المفسبكين والمحسوبين مشجعين- يوم الخميس الماضي- بالمطالبة بإقالة مدرب نادي الصقر وجلد اللاعبين وجهازهم الفني، والسبب أن الصقر تلقى أول هزيمة له في الدوري مرحلة الإياب، بعد أن حقق فوزاً في كل المباريات في مرحلة الذهاب دون أي هزيمة.
هذا الإنجاز لم يشفع له ولما قدمه النادي من مستوى, و هزيمة واحدة فقط قلبت المزاج عند جمهور المفسبكين رأسا على عقب.. الهزيمة من نادي شعب إب الذي لم يفز خلال مرحلة الذهاب مطلقا و فاز على الصقر في أول جولة من مرحلة الإياب قامت الدنيا و لم تقعد ..
جمهور المفسبكين هم مرضى نفسيون ولا يعبرون عن جمهور الرياضة، الجمهور الذي يؤمن بمبدأ الفوز و الخسارة والأداء واللعب النظيف والتكتيك والخطة التي يتعامل بها كل مدرب.

قد يعجبك ايضا