الفتاة بأي ذنب نحرمها من التعليم¿!!

جاء الإسلام هادياٍ للبشرية في وقت كان فيه الناس يدفنون بناتهم وهن على قيد الحياة خوفاٍ من العار الذي سيلحق بأبيها لمجرد أنها تحمل صفات الأنوثة وهرموناتها .. ولأنه دين الفطرة السليمة فقد أعاد الإسلام للمرأة كرامتها وآدميتها وليس حقوقها فقط فكان من أوائل الآيات المحكمات المنزلة على نبي الرحمة المهداة قوله تعالى: (وإذا المؤودة سئلت. بأي ذنب قتلت) .. وهذا تكريم من الخالق سبحانه للأنثى حيث وجه السؤال لها ولم يتنازل لسؤال وأدها كما يقول المفسرون.
وفي عصرنا الحاضر عادت للواجهة أشكال أخرى من وأد الإناث في مقدمتها ولاشك حرمان الفتيات من التعليم وهو ما يتنافى مع الشريعة ودين الله القويم فضلاٍ عما يترتب عليه من آثار اجتماعية سلبية خطيرة تتمثل في بقاء أكثر من نصف المجتمع جاهلاٍ بشئون دينه ودنياه.
حول هذه القضية وكيف حث الإسلام على التعليم وما هو الإثم المترتب على من يكون سبباٍ في حرمان بناته من التعليم يحدثنا الشيخ محمد عبد الغني مصطفى إمام وخطيب مسجد الحسن فيقول:
– من المعلوم أن المرأة المتعلمة تلعب دوراٍ هاماٍ في تربية الجيل والأم بعد أن تتعلم القراءة والكتابة وتْحاط بالفهم الصحيحُ بالحلال والحرام تتعرف على أصول التربية وتنمي معلوماتها باستمرار لأنها قد تخلصت من الأمية.. التي تمثل الإعاقة الكاملة أمام القراءة وقد قال الله عز وجل مرغباٍ لطلب العلم: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) والخطاب هو خطاب للأمة ذكوراٍ وإناثاٍ وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة).
واستطرد بقوله: إن المتأمل لسيرة النبي عليه الصلاة والسلام يجد أن أزواجه أمهات المؤمنين لم يكن متعلمات فحسب بل كن رضي الله عنهن عالمات ومعلمات وهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تفتي كبار الصحابة من وراء حجاب وهي القائلة: (رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في أمور الدين) وهذا الحديث يدل دلالة واضحة أن نساء الرعيل الأول كن حريصات على طلب العلم.
فضل العلم
وأضاف أن ديننا دين يدعو إلى العلم فقد قال تعالى: (وِقْل رِب زدúني علúماٍ) .. فلماذا نحمل الإسلام قصور تفكيرنا وتخلفنا عن تعليم بناتنا ليقال إن الإسلام لا يريد تعليم المرأة… وإن الإسلام يكرس جهل المرأة¿!
بينما تـاريـخـنــا الإسلامي يزخر بالعالمات من مفسرات ومحدثات وفقيهات وشاعرات وأديبات ومثال ذلك رابعة العدوية وسكينة بنت الحسين وغيرهن الكثير والكثير.
* ويقول مصطفى عن أهمية العلم للفتيان أو الفتيات:
– العلم حصانة من الـتـردي والانحراف وراء تيارات قد تبهر أضواؤها من لا يعرف السبيل الحق.
وأشار أن على الآباء أن يكونوا عوناٍ في التحصيل العلمي لأبنائهم وبناتهم فبالعلم تعرف الفتاة أمور دينها ودنياها وتكون سنداٍ قوياٍ في تربية أولادها وتعليمهم وتكون عوناٍ لهم في المذاكرة لأن الأب كما يعلم الجميع يكون منشغلاٍ أكثر الأوقات في طلب الرزق ومكابدة الحياة.
ويورد مصطفى من الحكم المأثورة عن السلف في فضل العلم ما أخرجه ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم و ضله من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: “تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية وطلبه عبادة ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربةº وهو الأنس في الوحشة والصاحب في الغربة والمحدث في الخلوة والدليل على السراء والضراء والسلاح على الأعداء والزين عند الأخلاء ومنار سبيل أهل الجنة يرفع الله به أقواماٍ فيجعلهم في الخير قادة وأئمة يقتص آثارهم ويحتذى بأفعالهم وينتهى إلى رأيهم ترغب الملائكة في ظلهم وبأجنحتها تمسحهم يستغفر لهم كل رطب ويابس وحيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه لأن العلم حياة القلوب من الجهل ومصابيح الأبصار من الظلم يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار والدرجات العلى في الدنيا والآخرة والتفكر فيه يعدل الصيام ومداومته تعدل القيام به توصل الأرحام وبه يعرف الحلال من الحرام هو إمام العمل والعمل تابعه يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء ” فلماذا الآباء يعلمون الذكور ويحرمون الإناث والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم).
ظلم أزاله الإسلام
وأكد مصطفى أن الله -عز وجل- أنعم على الإنسانية بنقلها من ظلمة العدم إلى نور الوجود كذلك أنعم عليها بنعمة العلم الذي يْخرج  الناس به من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة ومن شرف العلم وفضله أن الإسلام أمرنا الاستزادة منه قال قتادة: لو كان أحد يكتفي من العلم بشيء لاكتفى موسى عليه السلام ولكنه قال للخضر عليه السلام: (هل أتبعْكِ على أن تعلمِني مما عْلمتِ رْشداٍ) وفي السنة أحاديث كثيرة في فضل العلم ومكانة نذكر منها ما رواه البخاري ومسلم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يْرد اللهْ به خيراٍ يفقهه في الدين).
واختتم مصطفى حديثه بقوله: إن من يمنع ابنته ويكون حجر عثرة أمام تعليمها آثم ويزداد الإثم ويعظم إذا كانت الفتاة حريصة على التعليم وهذا من عدم الشعور بالمسؤولية التي تحملها على عاتقه ورسول الله قد حذرنا وقال: (كلكم راعُ وكلكم مسئول عن رعيته) .. والله تعالى يقول: (وقفوهم إنهم مسؤولون) .. فكل إنسان سيسأل عن أهل بيته حفظ أم ضيع وإن من أعظم الضياع هو أن تكون سبباٍ في تجهيل أبنائك.

قد يعجبك ايضا