في العيد الحادي والثلاثين لوحدة اليمن ..عدن تتشظى وتمزقها صراعات العملاء وأجندات المحتلين

الـ 22 من مايو صوت من الأعماق يناهض المزيدِ من التفكيك والتمزيق ويشد إلى طريق النجاة والاستقرار

 

 

خطايا دعاة التمزيق في ظل الارتهان والعمالة لا تقل وزرا عن خطايا الوحدويون تحت إمرة الأجانب

تطلُّ علينا الذكرى الـ31 لقيام الوحدة اليمنية المباركة في ظل عدوان مستمر للعام السابع على شعبنا وبلدنا، وفي ظل أمواج متلاطمة من التحديات والمتغيرات المتسارعة على كل مستوى وعلى كل صعيد محلياً وإقليمياً ودولياً وفي هذا الخضم المكتظ بالأحداث والمناسبات يتأكد لنا جميعا أن الليالي والأيام ما زالت تثبت وبما لا يدع مجالا للشك سلامة الموقف الوطني المناهض للعدوان وحصافة مكوناته الشريفة وصوابية ما يتكئون عليه من رؤى سديدة واختيارات وخيارات صحيحة أنتجت كل هذه الموافق المشرفة والراسخة والمبدئية، فقط لأنها ارتكزت في جوهرها منذ اللحظة الأولى على الانحياز للحق وعلى التمسك بالقرار السياسي الحر والمستقل وحماية الشعب والأرض.
وهنا يتأكد أيضا اختيار القيادة الثورية والسياسية لهذا الطريق باعتباره الخيار الوحيد والمتاح لحفظ ما يمكن حفظه من احترام الذات وصون ما يمكن صونه من حقوق ومصالح الشعب في أمنه وعزته وكرامته وسيادته واستقلاله.

الثورة / ..

والواقع المعاش اليوم بعد أكثر من ست سنوات من العدوان يشهد بهذه الحقيقة الناصعة ويؤكد لكل ذي عينين أن من رهن نفسه أو يحاول أن يرهن نفسه للخارج إنما هو في الواقع يحكم على نفسه بالتيه والضياع ويبتعد كثيرا عن مصالح وقضايا شعبه ووطنه، بل ويتحول إلى معول هدم وإلى حالة خطرة على نفسه وعلى كل شيء جميل في ربوع هذا الوطن الواحد والموحد ولنا في نموذج قوى العمالة والارتزاق مثال حي وشاهد ناطق على صحة ومنطقية ما نقوله ونفعله منذ ستة أعوام ونيف، ولعل ما يجري اليوم في المناطق المحتلة هو إثبات جديد لهذه الحقيقة، وتأكيد إضافي على قبح مشاريع الارتهان والتبعية مثلما هو دليل أيضاً على عظمة مشروع التحرر والاستقلال.
لقد وصل كل المراقبين للمشهد اليمني منذ بدء العدوان إلى حقيقة مفادها أن مشروع التصدي للعدوان الخارجي والتحرر من كل صيغ الهيمنة والوصاية هو اليوم الملاذ الآمن والحاضن الوطني الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه في بناء المصالح العليا للشعب وفي حماية وصون القضايا الوطنية الكبرى وفي مقدمتها بناء الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار والسيادة والاستقلال وصون الجمهورية والحفاظ على وحدة وسلامة الأرض والشعب وهو المعوَّل عليه في تصحيح كل المسارات والعناوين التي انحرفت بها المشاريع الصغيرة، ومن يقول بغير ذلك فهو يكذب على نفسه، ويمارس حالة مزرية من حالات الغش والخداع لمن يسير معه أو يدور في فلكه.
وفي هذا السياق تعلمنا التجارب أنه لا بد وان يفهم أبناء اليمن أن الانحياز للشعب هو دائماً وأبدا طريق الإنجاز والانتصار مثلما أن الانحياز والتبعية للخارج هو دائما وأبدا طريق الدمار والانكسار، وهذه المرتكزات هي ما يجب أن نستحضرها في هذه المناسبة، وهي أيضا ما يجب أن نعتمد عليها في تشخيص ومعالجة كل ما يتصل بواقعنا اليوم.. ويكفي أن نتذكر أن الوحدة كمنجز تاريخي وما أصابها لاحقا من أضرار إنما كانت نتاجا طبيعيا لهذه المعادلة، ففي اللحظة التي أصغى فيها السياسيون لصوت الشعب وتحرروا من التبعية كانوا وقتها على موعد مع قيام وطنهم الواحد والموحد في عام 1990م ولكنهم عندما عادوا إلى ما دأبوا عليه من الارتهان والتبعية للخارج والتمحور حول ذواتهم وعوائلهم ومصالحهم الضيقة وجدناهم بعد أربعة أعوام فقط من قيام الوحدة اليمنية يستأنفون مشوار الضياع ويدمرون كل تلك المعاني السامية التي ارتبطت بمفهوم الوحدة ووجدناهم يبالغون في تكريس التبعية والارتهان للخارج ومراكمة عوامل الضعف والوهن حتى أنتجوا كل ما يعيشه شعبنا اليوم من معاناة، وحتى فتكوا بالقضايا العادلة للمظلومين في الشمال والجنوب وفي الشرق والغرب.
لذلك فإن ما نحتاجه لحماية الوحدة ولنصرة القضية الجنوبية العادلة معا يكمن اليوم في عزل كل هذه العناوين عن عبث الأشخاص والأحزاب وإعادتها باستمرار إلى صانعها ومالكها الحقيقي وهو الشعب والتحكيم المستمر لمعيار القرار المستقل والموقف السياسي الحر والمتحرر من كل صيغ الارتهان ، وبهذا فقط لن تكون الوحدة ولا القضية الجنوبية مادة للاستهلاك أو المزايدات والمكايدات كما هي عليه اليوم، ولن يكون بمقدور تلك القوى المرتهنة للخارج توظيف أي منها كذريعة لتصفية الحسابات الشخصية أو كمدخل لخدمة المصالح الضيقة ، وبهذا النوع من الفهم وهذا المستوى من التعاطي سوف يبقى وعي الشعب حارساً أميناً وسداً منيعاً أمام كل المنتفعين وتجار الدم، وسيتعين على كل من يدعونه إلى اللحاق بهم أن يسألهم أولا عن مدى امتلاكهم قرارهم واستقلالهم عن الخارج المعتدي ، لكي يتبين صدقهم من كذبهم .
الوحدة التي تحققت لليمن بإرادة أبنائها العظماء وسعيهم الدؤوب الذي استمر على مدى عقود من الزمن تكللت بتحقيقها في مثل هذا اليوم من عام 1990م.. هاهي اليوم تواجه مؤامرات الأعداء الذين يعملون على تدميرها بأيادي مرتزقتهم الذين لا يستحقون أن يكونوا يمنيين فضلا عن أن يكونوا بشرا فقد تسممت أفكارهم وأوغلت عقولهم في خيانة الوطن .. وتلوثت أسلحتهم بدماء اليمنيين .
في 26 أبريل الماضي أعلن الانفصاليون المدعومون من الإمارات الذين يسمون أنفسهم بالمجلس الانتقالي ما وصفوه بالإدارة الذاتية على مناطق الجنوب وحالة الطوارئ .. كان ذلك تتويجا للتوتر الذي بدأ منذ بدء العدوان وتصاعد على مدى سنوات العدوان بين أدوات العدوان من الانفصاليين وما تسمى بالحكومة الشرعية .
ولم يكن لدولتي العدوان السعودية والإمارات أي دور عملي لإيقاف ذلك التوتر غير البيانات التي لا تعدو عن كونها مجرد ذر للرماد على العيون وإسقاط لمسؤوليتهما أمام المجتمع الدولي والذي يثبت موافقته بل ودعمه لما يجري على الأرض .
وكان عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد البخيتي قد أكد في تصريحات صحفية أن خطوة المجلس الانتقالي الجنوبي تفتته، معتبرا أن التحالف السعودي لن يتمكن من بناء نموذج أو الاستقرار فيه .
وشدد البخيتي على أن دول العدوان لن تسمح للانتقالي بتجاوز مثلث الضالع – لحج- أبين ومنذ 11 مايو تدور اشتباكات متقطعة في مناطق متفرقة من محافظة أبين بين قوات المجلس الانتقالي التي تسعى إلى الانفصال وقوات ما تسمى بالحكومة الشرعية.
وفي المهرة تحاول السعودية إيجاد موطئ قدم لها وذلك بحكم التهديدات المتواصلة لقطع الطريق على إمدادات النفط السعودي عبر مضيق هرمز، فقد حاولت السعودية منذ عقود الحصول على منفذ على بحر العرب لمد أنبوب لنقل نفطها.. على الرغم من أن لديها أنبوباً طوله 1200 كلم ويمتد من حقل بقيق في المنطقة الشرقية إلى مدينة ينبع على البحر الأحمر إلا أن هذا الأنبوب لا يستطيع نقل أكثر من 5 إلى 6 ملايين برميل يوميا وبالتالي هناك حاجة لمد أنبوب عملاق لنقل كميات أخرى من النفط السعودي عبر بحر العرب.
ولهذا الغرض فإن السعودية بحاجة إلى أرض تكون غير خاضعة لسلطة أية دولة أخرى لمد هذا الأنبوب عبرها ويظهر ذلك جليا من خلال الاهتمام الخالص الذي توليه السعودية بمحافظة المهرة التي من الواضح أنها الأرض التي ترغب في الاستيلاء عليها.. وسبق أن حاولت السعودية دعم انفصال عام 94م مقابل وعود بإعطائها المهرة لتمد الأنبوب عبرها.
وفي سقطرى تعمل الإمارات على تأجيج الصراع من خلال إرسالها المتكرر للجنود والأسلحة ودعم المرتزقة التابعين لها هناك من أجل السيطرة على الجزيرة ونهب خيراتها وثرواتها وجعلها مستعمرة تابعة لها وسلخها عن الوطن الأم.
وفي هذا الإطار نقل موقع «الجزيرة نت» عن المستشار الإعلامي في حكومة المرتزقة إن الإمارات رصدت 30 مليون درهم إماراتي «8 ملايين دولار» دفعة جديدة لتمويل مساعي قوات ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي للسيطرة على الأرخبيل.
وأوضح المستشار في تغريدة عبر تويتر أن قائد كتيبة السواحل العقيد المنشق «محمد أحمد علي فعرهي» وصل إلى سقطرى قادما من الإمارات على متن سفينة شحن وبحوزته 30 مليون درهم.. مضيفا أن الأموال التي جلبها العقيد «فعرهي « مخصصة لتغطية نفقات التمرد في اللواء الأول مشاة بحري في سقطرى، والذي سيطر عليه المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا.
ولفت إلى أن عملية صرف وتوزيع هذه الأموال بدأت يوم الاثنين الماضي تزامنا مع بدء تحضيرات قوات المجلس الانتقالي للسيطرة على مدينة حديبو عاصمة محافظة سقطرى ، وذلك عقب انسحاب القوات السعودية من مواقعها في المدينة في عملية تبادل واضحة للأدوار.
وفي السواحل المطلة على بحر العرب والساحل الغربي عملت الإمارات على احتلال وإدارة عدد من أكبر وأهم الموانئ اليمنية .. وطموحاتها في الاستيلاء على هذه الموانئ ليس لاستثمارها وتنميتها، بل على العكس حرصت الإمارات على عدم بناء أو توفير البنية التحتية اللازمة لتشغيل ميناء عدن وعطلت الميناء لعقود حتى تجرأت الحكومة اليمنية في 2012م على إلغاء اتفاقية إدارة ميناء عدن مع شركة موانئ دبي العالمية.
ما يفسِّر هذه التصرفات هو حرص الإمارات على عدم نهوض أي ميناء في المنطقة لأن نهوض أي ميناء وخصوصاً ميناء عدن يعني بالضرورة فقدان ميناءي دبي وجبل علي جدواهما الاقتصادية، لذلك فمجريات الأحداث تظهر النية المبيتة لدى العدوان الصهيوأمريكي الذي تنفذه أياد سعودية إماراتية لتقسيم وإضعاف اليمن والقضاء على وحدته ليكون لقمة سهلة لتنفيذ المخطط الاستعماري لأطماعهم في اليمن.
فترة أليمة تمر بها الوحدة الغالية على قلوبنا جميعا كيمنيين من العدوان والتآمر عليها.. ولكن في النهاية سيخسر العدوان وفلوله ومرتزقته وستبقى الوحدة اليمنية شامخة شموخ الإنسان اليمني لأنها ملك لكل يمني من صعدة إلى المهرة ومن تعز إلى حضرموت.

قد يعجبك ايضا