اليمنيون في ذكرى الصمود.. الشعب والقائد والمنهج ركائز الصمود والانتصار(1-2)

استطلاع لـ “الثورة ” في الذكرى السادسة للصمود في وجه العدوان الكوني على اليمن

 

مفتاح: وجود قائد مؤمن حكيم في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد هي رحمة عظيمة من الله
المرتضى: استطاع قائد الثورة بحكمته إدارة المعركة من خلال المنهجية القرآنية فيحول العدوان إلى كابوس يؤرق قادته
صبري: لو حدث العدوان مع وجود النظام السابق لما أمكن استنهاض طاقة البأس الشديد الكامنة في جذور المجتمع اليمني
المؤيد: من خلال القيادة تنطلق مفاعيل قيادة المجتمع والتي تتمثل في ترسيخ الهوية الإيمانية التي هي خلفية الشعب وذخيرته التي يستند إليها
راشد: المنهجية القرآنية التي رسمها الشهيد القائد أنتجت الهوية الإيمانية كأهم جانب في الصمود اليمني
قحيم: وضحت المسيرة للناس الخطورة المترتبة على استهداف الأعداء لها وقادت اليمنيين نحو الانتصار
المتوكل: أتت القيادة واعية بكل تفاصيل الشعب والأرض والتاريخ متسلحة بسلاح الحق ومنطلقة من مظلومية هذا التراب

لم يكن في حسبان أحد أن يتعافى اليمن بعد جراحه.. المعتدون والمراقبون وغيرهم الكثير، أجمعوا على استحالة وقوف اليمن لمدة أسبوعين أمام الهجمة السعودية الأمريكية التي ضمت 17 دولة من أقوى جيوش واقتصاديات العالم. وحده اليمني راهن على قوة الله وحكمة القيادة ومظلومية الشعب ففاز، وخسر الأولون وبات اليمن يتعافى يوما بعد يوم، حتى قبل أن يضمد جراحه.
ففي الوقت الذي أعلنت فيه السعودية والإمارات وعدد من الدول تحالفاً عسكرياً بقيادة البيت الأبيض لغزو اليمن، حمل اليمنيون بنادقهم للذود عن حمى أرضهم بأرواحهم وهم يرددون أهازيج الزامل اليمني: “من هي.. من هي أمريكا؟ من اسرائيل وآل سعود؟/ سوى قشة أمام الله.. جمع إبليس ما فاده”.
كان هذا الموقف مثيراً للسخرية لدى المعتدين، الذين رأوا أن سلاح الكلاشنكوف الذي يحمله اليمنيون لن يجدي نفعاً أمام أحدث وأفتك الأسلحة التي تتدفق عليهم بشكل مستمر من مصانع الأسلحة العملاقة في مختلف أنحاء العالم، غير أن المعادلة بدأت تتغير تدريجياً مع مرور الوقت حتى بات اليمنيون يمتلكون أسلحة متطورة، من صنع أيديهم، أحدثت تأثيراً ملموساً في مجريات الحرب، الأمر الذي يرى قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، أنه ما كان ليحصل لولا تمسك اليمنيين بربهم واعتمادهم عليه وثقتهم به والتجائهم إليه.
في كلمته الأخيرة بمناسبة يوم الصمود الوطني، قال قائد الثورة إن اليمنيين يمتلكون المشروعية القرآنية الإيمانية في موقفهم، “فالتصدي للعدوان واجب ديني وإيماني وأخلاقي”، لافتاً إلى أن السنوات أثبتت ألا أفق لتحالف العدوان إلا المزيد من الفشل والإجرام، ومن جانب آخر أثبتت أن اليمن يسير في طريقه نحو الانتصار، ومؤكداً: “قادمون في العام السابع من موقع متقدم على مستوى التصنيع العسكري والتقدم الميداني والوعي الشعبي والزخم العسكري والإنجاز الأمني والصمود الاقتصادي والثبات السياسي والالتزام بالموقف الإيماني”.
اليمنيون على مختلف الأصعدة يرجعون عوامل الصمود والانتصارات إلى جملة من الركائز التي يفتقر لوجودها الطرف الآخر. ترصد “الثورة” في هذا الاستطلاع جزءاً من آراء نخبة من أبناء اليمن الذين يقفون إلى جانب الشعب في معركة الدفاع عن الأرض والهوية والعقيدة، فيما ينشر في العدد المقبل الجزء الآخر من الاستطلاع:

الثورة / عبد القادر عثمان

حنكة القائد
* يرى العلامة محمد أحمد مفتاح، وهو رئيس حزب الأمة ومستشار المجلس السياسي الأعلى، أن لحنكة القائد وحكمته الأثر العظيم في توجيه القدرات والطاقات نحو الأنفع والأفضل، فوجود قائد مؤمن حكيم في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد هي رحمة عظيمة من الله فحكمة القائد وشجاعته وثقته بربه انعكست على الشعب والمجاهدين ثباتاً وتماسكاً وصبراً وإقداماً وحباً للتضحية وبذلاً للأرواح والمهج، ويضيف في حديث إلى “الثورة”: “لقد أكرمنا الله وتفضل علينا عندما هيأ الله لنا قائداً مؤمناٍ صادقاٍ شجاعاٍ حكيماٍ وهذه نعمة عظمى فلله الحمد والمنة ونرجوه سبحانه أن يحفظه بحفظه ويتولاه برعايته”.
ومن جانبه يقول القائم بأعمال محافظ محافظة الحديدة، محمد عياش قحيم، إن “دور القيادة القرآنية في هذه المرحلة كان دوراً كبيراً، فوجود القيادة الحكيمة يشكل عائقاً أمام أطماع أعداء الأمة”، ويردف في حديث إلى “الثورة”: “لعل الحال الذي وصلت إليه بعض الدول العربية خاصة المشاركة في العدوان لدليل قاطع على أهمية القيادة في فالفرق بيننا وبينهم أننا نتولى قيادة فتيّة وشجاعة ومجاهدة ترى بنور الله ولا تخاف فيه لومة لائم بينما هم يتولون أعداء الأمة وينساقون وراء الصهاينة”.
خطابات ملهمة
* لقد كانت خطابات السيد عبد الملك الحوثي ملهمة لشعبنا في الثبات والتضحية واليقين بالنصر الإلهي، كما كان لإدارته الحكيمة لمختلف ملفات الحرب عسكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وإعلامياً أثرها البالغ في صلابة الجبهة الداخلية على قاعدة الصبر الاستراتيجي وصولاً إلى الردع والتنكيل الذي بات العدو يئن ويصرخ ويستنجد العالم مستغيثا ومتباكياً على نحو وقح ومخجل في آن”، حسبما يؤكد السفير اليمني لدى الجمهورية العربية السورية، عبد الله علي صبري، لافتًا خلال حديث مع “الثورة” إلى أن ذلك انعكس ست سنوات من الصمود والردع والانتقال إلى خيارات استراتيجية تقود إلى النصر الكبير، في ملحمة أسطورية برع شعبنا في تجسيدها واقعاً يعرفه ويعترف به الأعداء قبل الأصدقاء.
“فكلما كان القائد ملهما نتيجة سلوكه الحميد وأخلاقه الباهرة وسياساته الحكيمة وقراراته الصائبة وما يشع من تصرفاته من كرامة وعزة تنساب إلى الأقل منه مرتبة وصولاً إلى القاعدة الشعبية، انعكس ذلك إيجابا على نفسيات الشعب والمقاتلين والمؤيدين لذلك القائد وهذا ما نراه يتمثل بشكل واضح في قيادتنا الثورية التي سطع نجمها في سماء كانت النجوم فيها آفلة أو تبرق بريقاً مزيفاً”، كما يقول الكاتب والباحث السياسي اليمني أحمد المؤيد، ويضيف “للثورة”: “من خلال القيادة تنطلق مفاعيل قيادة المجتمع والتي تتمثل في ترسيخ الهوية الإيمانية التي هي خلفية الشعب وهي ذخيرته الفكرية التي يستند إليها في تحديد مكانه من شعوب العالم، وتحديد كيفية تعاطيه مع المشاكل الاجتماعية والسياسية، وحسن إدارة الأزمات وخصوصاً المظالم التي تُفرض على الشعب، لينتج عن ذلك صمود يليق بالبلد وبشعبه وبمكانته بين الشعوب”.
تعزيز الهوية
* رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمعتقلين، عبدالقادر المرتضى هو الآخر يرى أن “من أعظم نعم الله علينا كشعب يمني في ظل هذا العدوان الظالم هو وجود القيادة الحكيمة المتمثلة بقائد الثورة السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي حفظة الله، الذي استطاع بحكمته إدارة هذه المعركة من خلال المنهجية القرآنية وأن يحول العدوان الغاشم إلى كابوس يؤرق قادة العدوان”، مبيناً في حديث إلى “الثورة”: “السيد القائد استطاع من خلال مواكبته المستمرة تعزيز الهوية الايمانية لشعب الأيمان والحكمة ما أسهم في تعزز الصمود اليمني العظيم خلال ست سنوات من العدوان والظلم والقتل والتدمير والحصار والحرب الاقتصادية”.
يضيف المرتضى قائلاً: “ولولا الدور العظيم للقيادة الحكيمة بعد الله سبحانه وتعالى – لرأينا واقعاً مختلفاً، وأمامنا نماذج كثيرة من التاريخ سواءً في الماضي أو الحاضر – كيف سقطت دول كبرى أمام تحالفات أقل من هذا التحالف في حجمه وفي وقته كالعراق عام 2003م، رغم الإمكانيات والقدرات العسكرية التي كان يمتلكها في ذلك الحين، لكنه لم يكن يمتلك القيادة”.
دورٌ أبرز
* بينما يقول الخبير العسكري اليمني العميد عزيز راشد، إن الدور الأبرز والأقوى في مواجهة العدوان كان ولا يزال دور القيادة الحكيمة وهو الموجه الحقيقي في رفع الهمم والتوجيهات المستمرة والمتابعة الحثيثة في الارتقاء بالمؤسسة العسكرية نحو المجد الذي حصده الشعب اليمني اليوم ويفتخر به كل أحرار العالم”، ويؤكد لـ “الثورة”: “القيادة والإرادة من أهم عوامل الصمود وصناعة المستحيل في ظل استهداف الجيش اليمني من قبل الأعداء الغربيين والإقليميين والمخربين المحليين ما قبل وبعد العدوان”، موضحاً بالقول: “ها نحن اليوم في ذكرى العام السادس من الصمود اليمني والقيادة تتصدر المشهد العام في خوض هذه المنازلة بكل حكمة وصبر ونصح الجيران المعتدين بأن استمرارهم في هذا العدوان نيابة عن القوى الإمبريالية هو الخسران المبين”.
وعي بكل التفاصيل
* أما الأكاديمية اليمنية ورئيس الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان، الدكتورة ابتسام المتوكل، فتجزم قائلةً “حين توفرت القيادة الوطنية الواعية تحرك العدوان مباشرة للتخلص منها بيد أن الدور الشعبي الكبير مساندة وإيمانا بالمشروع الوطني كان حاسما في ترجيح كفة القيادة وفي هزيمة العدو”، وتضيف لـ “الثورة”: “حين هندس المعتدون لعدوانهم على اليمن كانوا قد ركنوا على معرفة ناقصة باليمن واليمنيين. وهذه المعرفة المنقوصة هي التي جعلت ناطقهم في الساعات الأولى من تدشين عدوانهم يقول بإنجازهم 95 في المائة من أهدافه ولم يبق سوى 5 في المائة. هذا الوهم الذي تراءى لهم عن اليمن ناجم عن عدم تصديقهم بالهوية اليمنية الإيمانية وعن جهلهم المطبق بطبيعة القيادة الوطنية التي تواجه عدوانهم وتقود مشروعاً وطنياً تحررياً ينفصل باليمن عن كل أشكال الوصايات.
“ومقابل جهل العدو بطبيعة المعركة التي تعجل في خوضها على شعبنا ظلماً وعدواناً أتت القيادة الحكيمة واعية بكل تفاصيل الشعب والأرض والتاريخ متسلحة بسلاح الحق ومنطلقة من مظلومية هذا التراب وأبنائه فهم مؤمنون بأن الموت دون الأرض والعرض شرف كبير وفوز أكبر فكيف يهزم هؤلاء وأي مجنون قادر على افتراض الانتصار عليهم؟!”.
نزاهة وشرف
* يعود الباحث المؤيد، ليشير إلى دور المشروع في الصمود والانتصار من خلال القول: “كلما كان المشروع نزيها مشرفاً يستثير في الإنسان كرامته وغيرته يجعله يحس بإنسانيته فإنه يجعل الإنسان ينطلق بكل قدراته ويفجر فيه طاقاته الكامنة ولا يتردد في تقديم روحه في سبيل هذا المشروع، وهذا ما نراه ماثلاً أمامنا في مشروع المسيرة القرآنية التي تجاوزت الرؤى المذهبية”.
من جانبه يرى العلامة مفتاح أنه وبفضل المنهج القويم توفقت القيادة لأفضل وأنجح السياسات الرشيدة في إدارة أصعب مرحلة في تاريخ شعبنا وتمكنت بفضل الله من الحفاظ على تماسك جبهتنا الداخلية رغم عواصف المكر والمكائد وأعاصير الخبث والدسائس، كما تمكنت من اجتياز أصعب الحالات وأعقدها من حصار خانق وهجمات شرسة ومتوحشة ومحاولات فرض إملاءات مهينة تحت ضغط التوحش والاستضعاف، متسلحة بسلاح الحق، منتصرة للمظلومية الكبيرة، متمسكة بالهوية الإيمانية والنهج الرباني”.
العميد راشد هو الآخر يرى أن المنهجية القرآنية التي رسمها الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، منذ خط البداية في تصنيف الأعداء والتي سارت على هذا النهج قيادة الثورة ممثلة بالسيد عبد الملك، هي عامل مهم من عوامل النصر، لأنها أنتجت الهوية الإيمانية كأهم جانب في الصمود اليمني؛ وذلك لدورها في بناء عقيدة قتالية قوامها أن أمريكا وإسرائيل أعداء الأمة”.
تحطيم الإمبراطوريات
* يلفت راشد إلى أطماع أمريكا وإسرائيل في الموقع اليمني الجيوستراتيجي منذ فجر التاريخ، مستشهدا بالحملات الرومانية والصليبية والبرتغالية والبريطانية والأمريكية والصهيونية التي تحاول وضع قدمها في هذا الوطن، معرجاً على دور المسيرة القرآنية في استشعار واستحضار الهوية الإيمانية للمقاتل اليمني، والتي تحولت إلى كتلة صلبة تتحطم عليها امبراطوريات العالم”.
ويزيد المحافظ قحيم على ذلك قائلاً: “منذ أن كسر الشهيد القائد أبواب الجهاد المغلقة وطلّق الدنيا خرجت أمة شاهرة سلاح الحق في وجه الباطل وحظت بالتأييد من الله، والانتصار اليوم هو انتصار للوعي أولا وللقضية والمظلومية والهوية الإيمانية التي حاول أعداء الله طمسها، والمسيرة وضّحت للناس الخطورة المترتبة على ذلك الاستهداف وقادت اليمنيين نحو الانتصار”.
أما السفير صبري فيؤكد: “لا شك عندي أن هذا العدوان المتوحش لو كان قد حدث في اليمن مع وجود النظام السابق لما أمكن استنهاض طاقة البأس الشديد الكامنة في جذور المجتمع اليمني القوي بإيمانه وهويته الإيمانية، والتي جعلت من أرض اليمن مقبرة للغزاة عبر التاريخ”، معللاً ذلك بقوله: “إن الثقافة القرآنية القائمة على الجهاد والتضحية ورفض الخضوع لغير الله من العوامل الأساسية التي ساعدت على استمرار الجبهات وتدفق قوافل العطاء واحتشاد الجماهير في المسيرات والتظاهرات، ما جعل صوت اليمن ومظلومية شعبه تصل إلى كل أذن حاولت أن تنأى بنفسها، وتتعامل مع ما يحدث في اليمن كـ “حرب منسية”.

قد يعجبك ايضا