قادِمُون ومتقدِّمُون

افتتاحية الثورة 

 

اختتم قائد الثورة سماحة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي- حفظه الله- خطابه التاريخي الذي ألقاه يوم أمس بمناسبة اليوم الوطني للصمود الذي يحل اليوم 26 مارس 2021/م ، ويطوي به اليمنيون العام السادس للحرب على اليمن ويبدأون العام السابع بقوله «قادمون في العام السابع من موقع متقدم على مستوى التصنيع العسكري والتقدم الميداني والوعي الشعبي والزخم العسكري والإنجاز الأمني والصمود الاقتصادي والثبات السياسي والالتزام بالموقف الإيماني بلا تراجع ولا يأس ولا إحباط، متقدمون إلى الأمام لإنجازات أكبر وانتصارات أعظم ونجاحات أكثر وثبات أقوى بإذن الله».
لعل هذه العبارةالخاتمة لهذا العام والفاتحة للعام الآتي ،والتي اختلفت عمَّا ختم به السيد القائد الخطابات السنوية السابقة التي يلقيها عادة في هذه المناسبة ويحدد فيها مسارات المواجهة للعدوان ويرسم ملامح مراحلها ويضع الأسس التي ترتكز عليها حرب النفس الطويل ، وعبارته تعكس الاقتدار اليمني والتقدم الذي حصده اليمنيون في مسار الحرب الدفاعية المقدسة لمواجهة العدوان التحالفي الذي أراد غزو اليمن واحتلالها ، أكان ذلك على صعيد الإنجازات الميدانية التي حققوها بفضل الله بتحرير المناطق والمحافظات من الاحتلال ودحروا عنها حشود المرتزقة والعملاء وقطعان الإرهاب التي جندها التحالف العدواني ، أو على صعيد التصنيع العسكري والحربي للصواريخ والمسيّرات وأسلحة الدفاع الجوي وغيرها من السلاح المتوسط، كالمدافع والذخائر والقنابل والقذائف، وغيرها من الأسلحة التي صنعوها بعون الله ومن ظروف وطبيعة المعركة والميدان ، أو على صعيد الأداء القتالي وكذا الوعي بطبيعة الحرب العدوانية التي تشن على اليمن وبأهدافها وبما راكموه من خبرات عملانية من واقع الحرب نفسها، وقد عرض قائد الثورة في خطابه محطات العدوان على اليمن ، معيداً التعريف به من خلال بطاقة تعريفية محدداً أطرافه ومخططيه ومنفذيه ومن واقع الإعلان عنه من واشنطن ، ومن واقع الأدوار التي تولتها أمريكا وبريطانيا وإسرائيل والسعودية والإمارات في مساراته العملية.

ما أكدته وقائع الحرب العدوانية الغادرة على اليمن ، وسيرورة أحداثها ومراحل مواجهتها منذ مارس 2015 حتى مارس 2021/م ، أن اليمن عصية على الغزاة والمحتلين ..

وأن النهاية للمغامرات والأوهام وخيمة ، وأن القوة المبنية على فائض الأسلحة والأموال والنفط والتحالفات السياسية والعسكرية وعلى كثرة الحشود والجيوش والمرتزقة تظل قوة مصطنعة وغير حقيقية ، وما تعكسه مآلات الحرب التحالفية على اليمن التي تداعت لها 17 دولة فيها أمريكا وبريطانيا مع دول أوروبية وإقليمية بتمويل وتنفيذ سعودي إماراتي ، وجُلب لها الجيوش والمرتزقة والمأجورون من كل الأصقاع تثبت هذه الحقيقة وتؤكد أن حقائق التاريخ الكبرى هي القوة الحقيقية التي ستهزم قوة السلاح والأعداد والأموال والجيوش والتحالفات الكونية ، والحديث عن هزيمة تحالف العدوان في اليمن وورطته لم يعد من باب المبالغة بعد ستة أعوام من الحرب ولا هو من قبيل المعنويات ، بل حقيقة ترسخها المعادلات التي تحولت عمّا كان قبل ستة أعوام حتى صارت يوميات مشهودة في ميدان الحرب والمواجهة.
في مثل هذه الأيام من العام 2015 م ، كان المشهد مختلفاً عمّا هو عليه اليوم ، كانت الطائرات السعودية تقصف وتعربد في سماوات اليمن وتستبيح الحرمات وتدمر البنى وتقتل اليمنيين بالجملة والمفرق ، ورؤوس العدوان في أمن وأمان من أمر أن يتعرضوا لرد مماثل ، لكنهم اليوم يحسبون لكل غارة حساب الرد عليها من جانب اليمن ، وتلك هي معادلة السن بالسن التي أكدها قائد الثورة سابقاً وكرس معادلاتها في الميدان.
في مثل هذه الأيام من مارس 2015 كان المخططون والمدبرون والمشغلون والمنفذون للعدوان الغادر على اليمن ، يضعون اللمسات الأخيرة لمخطط غزو اليمن واحتلاله ، يحددون زمن التنفيذ بثلاثة أشهر قد تزيد أو تنقص ، يحددون الأدوات والتكاليف والأثمان والمكاسب والعناوين والذرائع ، ولم يكن يمني واحد على علم بذلك لا من انخرطوا في صفوف تحالف العدوان السعودي الأمريكي ، ولا من وقفوا ضده وقاوموه وقاتلوه وواجهوه ، لقد رأى ابن سلمان وابن زايد أن اليمن لقمة سائغة سهلة الابتلاع، أو هكذا شبهتها لهم التقديرات والدراسات الصهيونية والأمريكية والبريطانية التي أشار لها قائد الثورة في خطابه مساء أمس .
قيل أن ابن سلمان قد بنى عليها حتى قال بأن الأمر لا يستغرق أكثر من خمسة أيام للحسم ، لكننا اليوم بعد ستة أعوام ومع ما يتم الحديث عنه من أرقام فلكية خسائر السعودية والإمارات يتم الإقرار بإنفاقها في تمويل الحرب تكشف أن العدوان على اليمن مغامرة باهظة الأثمان ، والشيء نفسه حين تُحصى الخسائر البشرية وكذا العسكرية من الطائرات والدبابات والدروع والمجنزرات ، علاوة على الإنفاق الباهظ على حرب هي الأشد سخونة والأطول مدة منذ الحروب العالمية الثانية.
الحقائقُ التي تؤكد أن هزيمة المعتدين على اليمن كثيرة لا يتسع المجالُ لذكرها والمرور عليها، لكن بمجرد استعراض سريع للأوهام والأحلام والطموحات التي جرى وراءها المهفوف محمد بن سلمان ومحمد بن زايد نجد أنها تشظت في وجوههما على شكل من الأزمات والأضرار والخسائر والمخاطر التي باتت منشآتهم ونفطهم واستثماراتهم معرضة لها اليوم ، وكيف ارتدت الحرب العدوانية بعد ستة أعوام عليهم ، وعلى أدواتهم الرخيصة والعميلة ، وحتماً لن تقف النتائج إلا بكتابة صفحات المجد لليمن العريق والعظيم الذي كان ولا يزال مقبرة الغزاة والأحباش والعثمانيين وغيرهم ، ومن المؤكد أنها ستؤدب المجرمين والقتلة والطغاة وستضع حداً للبلطجية الأمريكية والبريطانية والصهيونية في المنطقة ، ولعل الحال العاثر للتحالف ومجنديه وأحلافه والتمزق والتشظي والصراعات التي تعصف به اليوم لم تكن لتحدث لولا الفشل والهزائم النكراء التي تجرعها في الميدان والإخفاقات المتتالية كذلك على كل المستويات .
نستذكر اليوم بدايات الحرب العدوانية التحالفية على اليمن ، وتزدحم الأذهان بأسماء الدول والكيانات والأسماء التي انخرطت وشاركت وأيدت وباركت وحرضت وبالغت في الاستعراض فتزدحم أذهاننا بعناوين الحرب وذرائعها وأكاذيبها التي روجت حينها ، بالشعارات والبيارق والأعلام والرايات التي تراءت بها الجموع المحتشدة إلى اليمن وتعارفت ، بأسماء وأعداد الخونة والعملاء وقطعان الإرهاب ، بالوقائع والأحداث ومشاهد الدبابات والقوات المتجهة نحو اليمن عبر الحدود السعودية وعلى متن سفن الشحن العسكرية من البحار ، نستذكر كل ذلك ومعها نستعيد اندفاعة اليمنيين منذ اليوم الأول لمواجهة تلك الحشود وصدها ومقاتلتها متوكلين على الله ومعتمدين عليه وكيف أثمر الصمود والصبر والتحرك والمواجهة نصراً ناجزاً وكبيراً..وعلى الباغي تدور الدوائر دائماً، والعاقبة للمتقين المدافعين عن أنفسهم وكرامتهم وحريتهم واستقلالهم.

 

قد يعجبك ايضا