قانونيون وحقوقيون لـ”الثورة “: التوثيق القانوني لجرائم العدوان انتصار للقضية اليمنية في المحاكم الدولية

 

العدوان ارتكب أبشع الجرائم وانتهك مختلف قواعد المواثيق والأعراف الدولية والإنسانية
جرائم الحرب لن تسقط بالتقادم ولا بد من التوثيق للمقاضاة الجنائية والتعويض

أكد قانونيون أهمية التوثيق القانوني لجرائم ومجازر العدوان وانتهاكاته في مختلف المجالات وفق المعايير القانونية لمقاضاة مجرمي الحرب في مختلف المحاكم الدولية والتعويض عن الخسائر الناجمة عن تلك الانتهاكات على مدار أعوام العدوان على البلاد. مبينين أن القانون الدولي إزاء هذه الجرائم قد أشار إلى ولاية القضاء الوطني في أي دولة لممارسة الولاية القضائية ضد مرتكبي الجرائم من خارج الدولة وتقديمهم للمساءلة والعدالة..

الثورة  /أسماء البزاز

وصفت الأمم المتحدة ما يجري في اليمن بـ ” أسوأ كارثة إنسانية في العالم ” كما تعدّ البلاد موطناً لأسوأ مجاعة في العالم خلال 100 عام، وفقاً للأمم المتحدة ، وسبق أن أعلنت منظمة ” انقذوا الأطفال “أن نحو ( 85 ألف طفل ) دون سن الخامسة ربما توفّوا بسبب سوء التغذية الحاد خلال ثلاث سنوات من الحرب على اليمن ، فيما كان رئيس المنظمة قد حذر من أن حياة نحو ( 150 ألف طفل ) مهدّدة في مدينة الحديدة بسبب استمرار المعارك ، فيما تخشى منظمات الإغاثة سوء الحال الإنسانية أكثر بسبب الحرب .
وعلى غرار هذه التصاريح الدولية المستمرة والتي تعترف بالكارثة الإنسانية التي سبّبتها الحرب على اليمن كان الموقف الدولي الإيجابي من وزيرة خارجية السويد التي قالت : ” لن نقبل باستمرار الحرب في اليمن، وإن هناك عملية سياسية ستتبع هذه الجهود لوقف الحرب في اليمن، وقالت إن السويد ستشارك في ترؤّس مؤتمرٍ لدعم اليمن ، وأن الشعب اليمني ينتظر نتائج ملموسة ”
وفي تصريح لوزير خارجية فنلندا حيث قال: ” علّقنا عقد صفقات أسلحة مع السعودية والإمارات احتراماً لحقوق الإنسان ، وإن من العار أن يستمر الوضع في اليمن على ما هو عليه ، وإن جريمة قتل خاشقجي سلّطت الضوء على حرب اليمن ، وهناك فرصة سانحة لوقفها “.
وآخر تصريح للسيناتور بوب مينينديز قال فيه: ” يجب اتّخاذ خطوات إضافية لوقف الحرب في اليمن بينها وقف تقديم السلاح للسعودية ، والسيناتور ليندزي غراهام قال أيضاً : ” أدعم مشروع قرار ساندرز لمساءلة السعودية على انتهاكاتها في اليمن” .
بينما نلحظ شدّة اللهجة من السيناتور جين شاهين حيث يقول : ” مجلس الشيوخ بعث برسالة مهمة لوقف الحرب في اليمن” .
وفيما تستمر التصاريح الدولية والضغط الأوروبي بسبب الحرب على اليمن يقول السيناتور بيرني ساندرز: ” إن الكونغرس لم يصادق على المشاركة الأميركية في حرب اليمن مما يجعل مشاركتنا فيها غير دستورية”.
ويعاني في اليمن ( 20 مليون ) شخص من التجويع بينهم حوالى (1.8 مليون طفل) حالتهم صعبة ؛ بسبب سوء التغذية الحاد وفقاً لتقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ( الفاو) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة ( اليونسيف ) وبرنامج الأغذية العالميwfP ) ) والشركاء في المجال الإنساني حيث أودت الحرب على اليمن بحياة أكثر من ( 20 ألف شخص) .
قائمة المنتهكين:
ودعت منظمتان دوليتان الأمم المتحدة إلى إدراج التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في قائمة منتهكي حقوق الأطفال في مناطق الصراع.
وقالت منظمتا “انقذوا الأطفال” و”قائمة مراقبة الأطفال والنزاعات المسلحة” إنهما وثقتا، في تقرير لهما، ما لا يقل عن 160 هجوما على مستشفيات وموظفين على مدار عامين من بداية الحرب على اليمن .
لن تسقط بالتقادم:
المستشار القانوني للمجلس السياسي الأعلى الدكتور أحمد حميد الدين قال أن الشعب جماعات وأفراداً متضررون والمتضرر من حقه أن يسعى للتوثيق بحق التعويض وعلى الجهات الرسمية أن توثق مجازر وانتهاكات العدوان لسببين تاريخيا وقضائيا سواء انتهاكات وجرائم العدوان الخارجي أو الداخلي كمساهمين في العدوان واستمرار جرائمه ومشاركين من الناحية القانونية التي تجرم ذلك سواء برضاهم عن تجاوزات العدوان أو مشاركتهم المباشرة في التمويل والقتال في صفه، وهذه جريمة جنائية أكثر فداحة والتوثيق هنا يأخذ طابعين: طابعاً جنائياً وطابعاً تعويضياً ولا بد من محاسبتهم محليا ودوليا من قبل المجتمع الدولي الذي يرصد ويوثق مختلف الجرائم رغم سكوت المجتمع الدولي اليوم عن تلك الانتهاكات ورضائه عنها ولكن عندما تنتهي الحرب ستفتح ملفات كل تلك الجرائم في المحاكم الدولية مثلما يحاكم اليوم ويلاحق جنائيا المسؤولين الصرب على كل ما اقترفوه من جرائم رغم أن أمريكا كانت تدعمهم وتتغاضى عن جرائمهم ولكن بعد انتهاء الحرب وقفت ضدهم أمريكا والمجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة في مختلف المحاكم الدولية.
وبين حميد الدين أن جرائم الحرب عامة وجرائم العدوان خاصة لن تسقط بالتقادم كما في الجرائم العادية بل تظل مفتوحة مئات السنين للمحاسبة والمعاقبة حتى ينال الجناة جزاءهم العادل، ولهذا فالتوثيق ضرورة قانونية وحقوقية.
ملفات جنائية:
القاضي عبد الوهاب المحبشي – رئيس الدائرة الحقوقية في المجلس السياسي الأعلى، أكد أن توثيق جرائم العدوان الأمريكي على اليمن مهم بمستوى وقدر أهمية الدماء اليمنية الطاهرة التي سفكها العدوان ظلما وبغيا ، كما أن التوثيق الإعلامي للجرائم التي يرتكبها العدوان من خلال غارات الطيران وجرائم المرتزقة والغزاة يتم من خلال إحصائيات وتقارير إجمالية وهو أمر جيد ولكن الوقائع والجرائم المرتكبة تستحق جهدا أكبر للاهتمام بتوثيقها ونشر تفاصيلها والكتابة عنها كما ينبغي .
وقال: إن التوثيق الحقوقي كذلك يستفيد من التوثيق الإعلامي والجهود الحالية هي جهود إحصائيات والقليل من التقارير وكان هذا النمط من التوثيق الحقوقي أكثر زخما في بداية العدوان وقد عملت عدة مراكز في هذا السياق وقامت بجهود ملموسة لكنها لم تستوعب كل شيء بل في إطار الجرائم المباشرة فحسب ومن أبرز تلك المراكز المركز القانوني للحقوق والتنمية والمركز اليمني لحقوق الإنسان و غيرها .
وأضاف المحبشي: حاليا لا يزال هناك نشاط جيد لتلك المراكز وكذلك مركز عين الإنسانية للحقوق ومنظمات أخرى لكن القصور حاصل على مستوى الارتقاء بالإحصائيات على مستوى الدقة والتوثيق والإثبات ومراعاة المواصفات المتعارف عليها لإثبات الوقائع وكذلك إشباعها بكتابة التقارير الحقوقية المحترفة وأما النشر الإعلامي الحقوقي فهو أقل حضوراً أيضاً .
موضحاً أن الأضرار غير المباشرة لكل جرائم العدوان من قصف وحصار أكثر من أن تحصى والاهتمام بها أقل وأن المؤسسات الحكومية للأسف تقوم بجهود لكنها غير مخططة لتكون معدة إعدادا جيدا وعلميا وتركز على أرقام وصور ويستحق هذا الجهد أن يرتقي من خلال التنسيق والتدريب للجهات التي تعد لتكون الأعمال متميزة وذات قيمة حقوقية و قانونية .
وأشار إلى أن التعاون والتفاعل فيما بين مؤسسات الدولة ومع المنظمات الحقوقية وكذلك تعاون المجتمع عموما مهم وذلك بسبب حجم الجرائم المرتكبة في حق شعبنا وأبعادها المختلفة وآثارها المباشرة وغير المباشرة فهذه جبهة تستحق تنسيقا كبيرا بين جميع المهتمين والمتضررين والمتخصصين والمعنيين .
أما عن إعداد ملفات جنائية أوضح المحبشي: كان هذا الموضوع مهملا شيئا ما بسبب ظروف القضاء والأجهزة الأمنية وكثافة غارات الطيران وقلة الكوادر الأمنية المتمرسة على جمع الاستدلالات في هكذا جرائم وكذلك قلة كوادر النيابة العامة.. وحاليا هناك جهود كبيرة تقوم بها النيابة العامة رغم الظروف لمتابعة جرائم العدوان وتوثيقها جنائيا، وقد أحيلت عدة جرائم إلى القضاء وبعضها صدر فيها أحكام .
من الجهود المباركة أن أصدرت الدائرة الحقوقية والقانونية إصداراً مهما في سياق توثيق جرائم العدوان وتوصيفها القانوني والأهم هو أن الإصدار يراعي الحد الممكن من البيانات المطلوبة لتوثيق الجرائم بمواصفات دولية مع الصور التي توثق أبرز الجرائم وقبل ذلك الديباجة الضافية التي وضعت النقاط على الحروف بشأن التوصيف القانوني وفق مبادئ القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني لكل تلك الجرائم ولتفنيد كل الذرائع التي زعمها تحالف العدوان .. وهذا الإصدار خطوة متقدمة وقد أعد بعناية وإشراف الأستاذ عبد الوهاب الوشلي وهو بداية لإصدارات تالية بإذن الله .
محاكمات محلية ودولية:
من جانبه أكد القانوني الحقوقي مطهر يحيى شرف الدين ، أن وزارة الشؤون القانونية إزاء جرائم العدوان الوحشية والمروّعة ستتخذ إجراءات قانونية وقضائية ضد مرتكبيها .
وقال: لن يتوقف أولئك المجرمون عن أفعالهم إلا إذا أدركوا أن القصاص لا بد أن يدركهم يوماً ما سواء كانوا زعماء سياسيين أو قادة عسكريين، ومن الطبيعي أن هناك إجراءات قانونية ينبغي السير فيها للوصول إلى محاكمات جنائية تنظر في جرائم أولئك المجرمين ولا بد من وجود إرادة سياسية وقانونية صارمة تسمح بملاحقتهم ومعاقبتهم أيا كانوا وأينما كانوا وأيا كانت جنسياتهم وأيا كان سلطانهم ونفوذهم وذلك انطلاقا من مبدأ المسؤولية الجنائية على كل من يملك السيطرة على مرؤوسيه وينطبق هذا المبدأ على السلطات العسكرية وعلى المدنيين الذين يتمتعون بمواقع السلطة القيادية ، وبالتالي فمن حق ضحايا العدوان والمتضررين مقاضاتهم ورفع الدعاوى المدنية والجزائية ضدهم أمام المحاكم الوطنية والدولية ولا شك أنه سيأتي اليوم الذي تتم فيه المساءلة والتحقيق وترد فيه الحقوق .
وأضاف أنه من الضروري من أجل الوصول إلى تحقيق تلك الغايات -المتمثلة في حفظ حقوق الضحايا وضمان المساءلة الجنائية – أن يتم توثيق الجرائم توثيقا قانونيا وتقديم ملفات الجرائم إلى المحاكم والنيابات وذلك بعد استيفاء الملفات للإجراءات والقواعد القانونية في إثبات حالة الوقائع والدمار والأشخاص والمعاينة وتحرير محاضر الاستدلال و التحقيق وتحرير شهادات الوفاة رسمياً من الجهات المعنية وإعداد التقارير الفنية والطبية المتعلقة بالجرائم، وذلك بالانتقال والتحري والتحقيق في توثيق الوقائع الجنائية تمهيداً لرفعها للجهات المختصة محلياً ودولياً.
مبينا: إن القانون الدولي إزاء هذه الجرائم قد أشار إلى ولاية القضاء الوطني في أي دولة لممارسة الولاية القضائية ضد مرتكبي الجرائم من خارج الدولة، ولذلك فإنه بمقدور أي دولة يتواجد بها متهمون بارتكابهم لهذه الجرائم أن تعمل على ملاحقتهم وتقديمهم للمساءلة والعدالة، ومن الطبيعي وفقا لقانون الإجراءات الجزائية في المادتين (246 ) ، (247) : تختص المحاكم اليمنية بمحاكمة كل يمني ارتكب خارج إقليم الدولة فعلاً يعد بمقتضى القانون جريمة إذا عاد إلى الجمهورية اليمنية وكان الفعل معاقباً عليه بمقتضى قانون الدولة الذي ارتكبت فيه الجرائم ، كما تختص المحاكم اليمنية بمحاكمة كل من ارتكب خارج إقليم الدولة جريمة مخلة بأمن الدولة ، وبالتالي فإن دور المحكمة الجنائية الدولية هو إتمام عمل الأجهزة القضائية الوطنية فهي لا تستطيع أن تقوم بدورها القضائي ما لم تبدأ المحاكم الوطنية رغبتها في التحقيق أو الادعاء في تلك القضايا.
وأوضح شرف الدين أنه وفي حالة عجز أو فشل القضاء الوطني في القيام بدوره فإن القضاء الدولي يتولى النظر في مثل هذه القضايا ..
ويضمن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية عدداً من الفصول التي تكرس الإجراء التكميلي للنظم القضائية الوطنية .
حقوق الضحايا:
القانوني حمود مثنى قال إن جرائم تحالف العدوان السعودي بحق شعبنا خلال السنوات الست من العدوان شملت ارتكاب عدد كبير من المجازر بحق الأبرياء من الأطفال والنساء والمدنيين، وبلغ عدد الضحايا عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى وكذلك تدمير البنية التحتية والخدمية مثل المدارس والمراكز الصحية والأمنية والقضائية والمواقع التاريخية والدينية جميعها تصنف وفق القوانين الدولية جرائم حرب ضد الإنسانية ويجب أن يخضع المسؤولون عن ارتكابها للمساءلة والعقاب.
وبيّن مثنى أن أهمية توثيق تلك الجرائم من قبل الجهات القضائية والأمنية يسهم في الحفاظ على جميع حقوق الضحايا بالتعويض العادل وفق القانون الدولي والأعراف الإنسانية وقواعد الدين الإسلامي.
كما أن توثيق جرائم العدوان تظهر للرأي العام المحلي والدولي حقيقة العدو الذي خالف كل قواعد المواثيق والأعراف الدولية وقواعد الدين التي تُحرّم الاعتداء على الأبرياء وما يحفظ لهم حقهم بالحياة واستمرارها .
وأضاف إن ذلك يسهم في التأكيد على منع تكرار ارتكاب العدو وغيره لتلك الجرائم مستقبلاً سواء بحق شعبنا أو بحق أي شعب آخر .
مبيناً أن أهمية توثيق الجرائم تكمن في رفع دعوى قضائية أمام المحاكم الوطنية كإجراء أولي تعتمده المحاكم الدولية كمرحلة من مراحل التقاضي، وهو ما أكد عليه النظام القضائي الدولي وفق قواعد موحدة متفق عليها بهذا الشأن.

قد يعجبك ايضا