الطرقات تصل إلى القرى التي غابت عنها الدولة لعقود

المجتمع في وصاب.. عمل في صميم الصخر وطرقات تشيدها الهمم
وصاب.. إشراقة الخير تمتد إلى كل مجالات الحياة

هو اليمن الكبير يمن العزة والشموخ ..شعب لا يُقهر ولا يمكن لإرادته أن تُكسر.. شب عن الطوق وبنى حصونه وقلاعة في الماضي التليد بأيدي أبنائه، وها هو اليمن من جديد يشرق بالتعاون والبناء وبالوعي المجتمعي، على عكس ما كانت عليه سلطات الماضي وحكوماتها المتعاقبة التي حرمت مناطق عدة من الطرقات فما تزال مناطق عدة في اليمن الكبير كما تركتها الطبيعة الكونية كما هي لا مساس بها ولا حركة تنمية إلا ما ندر.
ومهما يكن من أمر فقد اتجه الوصابيون نحو البناء والتنمية وكانت النتيجة طرقات ومدارس ومساجد وأعمالاً إنسانية في كل المجالات..
أما من أين كان المال؟ فمن قوتهم وقوت أبنائهم الطيور المهاجرة في أصقاع الأرض التي كانت الداعم الأبرز، إضافة إلى تجار الداخل اليمني المبارك الذين كانوا سندا وعوناً.
في هذه الخلاصة المتواضعة كان لنا هذه الوقفات مع عدد من مشاريع وصاب التابعة إدارياً لمحافظة ذمار.. لنتابع:

الثورة / حاتم علي

مشروع يُحضر جبل مطحن خميس مطلق
مشروع كهذا يستحق كل التقدير للفكرة والواقع والعطاء، مشروع حيوي هام يربط بين ثلاث محافظات هي إب وذمار والحديدة نفذه أبناء وصاب ورجالها البارون بأرضهم والمتفاعلون بإخلاص وعطاء.
كل آرباب المال ساهموا ومعظم النساء والأطفال ساهموا أيضا وكل بحسب مقدرته.
طول المشروع 52 كيلوا متراً وعرضة 12 متراً في أماكن صخرية غاية في الصعوبة إضافة إلى مروره بأماكن زراعية وبيوت تنازل الرجال الأتقياء عنها من آجل إنجاح المشروع.. التكلفة الإجمالية له تسعة مليارات ريال تمكن المجتمع المحلي من توفير ملياري ريال وما تزال تلك الجموع تسهم وتساهم بالمال والعمل يدفعها الأمل في صنع حاضر للمنطقة أكثر إشراقا.
ولم يكتف المواطنون بذلك بل أقاموا الجسور ما يضمن لذلك الخط الديمومة والبقاء.
وهكذا هي اليمن كما الصخر تجد ناسها وأهلها وأبطالها يورقون نورا ويتوسدون شموخاً وعزة..
رافق هذا المشروع صوت إعلامي محلي من أبناء المنطقة إنه القدير محمد حجانة ..صوته كسيل تلك الأودية ببساطته وجمال طرحه المتواضع في الحشد والتشجيع في كل قنوات التواصل الاجتماعي ليصل ذلك الصوت إلى أبعد الحدود لسبب بسيط هو الإخلاص والتفاني في خدمة المواطنين.
مشروع خط السدة الأحيام العنيين
هذا الخط يتكون من فرعين من أسفل الجبل وأعلاه وكل فرع له فريق داعم ومنفذ وكلاهما ينشدان نفس الهدف.
تبنى هذا المشروع رجل الخير الوالد الشيخ / ناصر علي موفعة الأحيام الذي قال:
نحن حرمنا كثيرا في إطار منطقتنا وعندما وجد الوعي لدى المواطنين بأهمية دور التعاونيات كانت الفكرة وكان التنفيذ.
فسألناه: وبماذا باشرتم عملكم؟
فأجلب: في البداية وفرنا “بكلين وماطور هواء أبو ثلاث ليات” كتشجيع أولي ومن خلال ذلك تفاعل المواطنون وكل بحسب مقدرته ساهم في توفير المواد من ديزل وما يلزم والعمل مستمر حتى هذه اللحظات بفرحة لا توصف من قبل الأهالي، وهناك أربع معدات ثقيلة في طريقها إلى أرض العمل وعندما تصل سوف توفر الكثير من العمل في أكثر من منطقة وما على المواطنين في تلك المناطق المحرومة إلا الحفاظ عليها وتوفير احيتاجاتها وشق طرقات ومشاريع يحتاجونها وهذا عمل بسيط نأمل من الله الأجر والثواب.
من جانبه تحدث الأستاذ عز الدين غازي المسؤول المالي للمشروع فقال:
كان هذا المشروع بالنسبة لعزلة الأحيام حُلماً وبعون الله تعالى وجهود الخيرين أصبح حقيقة شعر بها المواطنون الذين غمرتهم الفرحة من أول متر تم شقه في عُمق الجبال.
ولا ننسى الجهود الكبيرة التي قام بها الإخوة المغتربون في كل أماكن تواجدهم فهناك من تبرع مرة ومرتين وثلاثاً، وما إن يرى تقدم المشروع لمسافة قصيرة حتى يزيد حماسه ويدعم بسخاء.
المشروع في مكان صخري صلب جدا تتخلله بعض الأماكن الهشة، ومع ذلك صبر المواطنون ولم يستسلموا فالأمل يلوح أمام أعينهم.
مسافة الخط التقديري قرابة 2 كيلو متر ونصف قطع صخري ليصل إلى أول قرية في العزلة موفعة الأحيام.
خط الأحيام وادي ثد الأحيام
أبطال هذا الخط هم نفس المستفيدين من أبناء عزلة الأحيام التي حُرمت دوناً عن غيرها من العزل.
المشروع يبدأ من اتجاه الوادي صوب الجبل وصولاً إلى القرية المشار إليها “الأحيام”.
مسؤول المشروع الميداني الشيخ محمد علي الهادي تحدث فقال:
عندما حرمت منطقتنا منذ زمن بعيد كانت الفكرة تساور الآباء طويلا وكانت تلك رغبة لدى كل الأجيال المتعاقبة وكانت قابلة للتنفيذ.. طرقنا أبواب الحكومات السابقة فلا مجيب وعندما خلص المواطنون إلى ذواتهم وطموحهم الخاص بادروا بالمفارس وأدوات الزارعة لشق طرقاتهم بأنفسهم.. رسخت الفكرة لديهم وتم تتطويرها وعمل مبادرات محلية لجميع الأعمال وبدأ الشق وكانت البداية أربعة كيلو مترات ونصف المتر وجُمع للمشروع قرابة ستين مليون ريال من الأهالي وخارج العزلة من أهل الخير فتم الشق الأولي، وها نحن اليوم وسط القرية.
كل ذلك بفضل الله وجهود أهل الخير في وصاب الذين يرفعون بأعمالهم الرأس شامخاً كما هي جبال اليمن الكبير.
خط السيال العنيين
في بني مسلم من وصاب العالي أيضاً كان هذا المشروع الذي تم إنجازه بجهود مجتمعية خالصة، ويبلغ طوله 4 كيلو مترات تتخلله جبال شاهقة ومنحدرات وأماكن غاية في الصعوبة، وكما يعرف المواطنون الطبيعة الجغرافية لوصاب كلها فإن هذا المشروع نفذ بمبادرة محلية ودعم ذاتي وقد تم شق الخط ووصل قرى كانت كما خلقها الله لم تصل إليها يد الدولة سابقاً ، وبلغت تكلفة المشروع 75 مليون ريال، وها هو أصبح مشرصوعاً ناجزاً بجُهد المواطن الذي انتزع من قوت أولاده مالاً كي يستطيع التعايش مع الطبيعة وصعوباتها.
في وصاب تم قهر المستحيل فلم يُعد هناك مستحيل فقد تلاشى بقوة عزيمة الأهالي بتعاونهم وعطائهم فبنوا المدارس وشقوا الطرقات إدراكاً منهم بأن الأيادي المحبة والخيرة والمخلصة عندما تلامس احتياجات المواطنين وتوفر ما يحتاجون من خدمات تصبح الحياة أكثر إشراقاً.

قد يعجبك ايضا