تهديدات الأمريكيين تكشف حجم الألم وأنهم معنيون بالهجوم بصفتهم رعاة التطبيع والعدوان على اليمن

هكذا أفسد اليمن سهرة الخيانة في نيوم

قصف أرامكو جدة يلقى دعماً شعبياً.. عربياً وإسلامياً
نيران هجوم جدة تدفع ” إسرائيل ” إلى القلق بشأن اتفاقيات التطبيع


الثورة /ابراهيم الوادعي

لم تكتمل سهرة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد ايلي كوهين في نيوم السعودية شمال المملكة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بحضور الراعي الأمريكي مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي حتى كدرت أجواء نهاية اللقاء أنباء القصف الصاروخي اليمني لهدف حيوي يتصل بأرامكو عماد الاقتصاد السعودي ، وبصورة أعادت إلى الأذهان ذكرى الهجوم المرير على مصفاتي بقيق وخريص الذي أدخل السعودية في وضع من الحرج الدولي .
الصهاينة مضوا في نشر أخبار اللقاء بموافقة سعودية مسبقة وفقا للقناة الإسرائيلية الـ12 ، وقالت المراسلة السياسية للقناة 12 “دانا فايس”: الرقابة العسكرية في “إسرائيل” لم تكن لتسمح بنشر لقاء نتنياهو وبن سلمان دون الموافقة الرسمية السعودية والإسرائيلية.
واعتبرت فايس أن ذلك جاء كرسالة مباشرة موجهة للرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن وللسلطات في إيران، وأن “نصف النفي” الذي ورد على لسان وزير الخارجية السعودية غير مقنع، طالما لم يصدر عن الديوان الملكي السعودي.
وقد مضى النظام السعودي في سياسة الانكار كبديل عن الصمت الذي اعتاده النظام السعودي في مثل هكذا أحداث ، كما جاء نتيجة وقوع الهجوم اليمني على جدة وهو هجوم غير متوقع في التوقيت والجغرافيا والجرأة أيضا في إيصال الرسائل العملية إلى أكثر من طرف .
الهجوم اليمني حمل ثلاثة عناصر جديدة: صاروخ جديد من نوع كروز يحمل اسم قدس اثنين تجاوز المنظومات الدفاعية الأمريكية وأظهر عجزها رغم تعددها “باتريوت وباك 3 المطورة عن باتريوت” .
وفي ذلك رسالة أيضا إلى الدول التي تنزلق في مسار التطبيع تلبية لرغبة أمريكية، بأن أمريكا وكيان العدو لن يكونا قادرين على حمايتكم من غضب الشعوب الحرة نتيجة الخيانة التي تنزلقون بها إليهم .
وجغرافياً فإن الصواريخ اليمنية للمرة الأولى تطال مدينة جدة الحيوية وهي البعيدة عن صنعاء بما يقارب ألف كيلو متر ، وفي ذلك مؤشر على أن صنعاء ماضية في زيادة وتيرة هجماتها على العمق السعودي لإرغامها على وقف العدوان ورفع الحصار، وهو المطلب الأساسي الذي تصر عليه صنعاء في كواليس المفاوضات التي ينشط فيها مارتن غريفث مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن.
وهو رسالة سياسية للنظام السعودي بأن الخيانة العلنية ستستدعي ردا عمليا مختلفا عما وجدته الإمارات كون الحرمين الشريفين موجودين في مناطق يسيطر عليها النظام السعودي ، ولا يمكن التهاون إزاء خيانة من هذا النوع وفتح أرض الحرمين الشريفين لليهود الصهاينة بما يحمله ذلك من مخاطر مؤكدة تحيق بهما .
ومن حيث التوقيت يشير الهجوم إلى قدرة استخبارية متنامية لدى صنعاء وامتلاكها قنوات معلوماتية مكنتها من اختيار الوقت المناسب لإيصال رسالة سياسية إلى اطراف الاجتماع الخياني الثلاثة واختارت لذلك استخدام والكشف عن صاروخ قدس 2 المجنح الجديد.
واستخدام منظومة صاروخية تحمل اسم القدس على الرغم من امتلاك صنعاء منظومات باليستية تطال مدينة جدة رسالة بأن الهجوم له علاقة بمسار التطبيع الذي تقف صنعاء في صدارة المواجهين له رغم أنها ترزح تحت عدوان وحصار غير مسبوقين في التاريخ الحديث.
ولاقى الهجوم اليمني على محطة أرامكو في جدة دعما شعبيا على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا، بعد انفضاح اللقاء الصهيوني السعودي في نيوم.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه على مدى 25 عاما من التطبيع المصري مع الكيان الصهيوني إلا أن اتفاقية كامب ديفيد ظلت ميتة شعبيا وفشلت في كسر حاجز الرفض الشعبي لها حتى من الفئات التي تعتبر نفسها منفتحة كالفنانين والممثلين والأمر ذاته حدث في الأردن ، وظلت المحاكمات النقابية والفصل من المهن تطال من يظهر مع شخصية صهيونية أو يبرر التطبيع، كما ظلت تغذي تلك المشاعر ودماء الشهداء وقدسية ارض فلسطين الإسلامية حادثة قذف وطرد النائب المصري توفيق عكاشة وفصله من البرلمان والتي ما تزال ماثلة في الأذهان ، وفصل العديد من منتسبي المهن بما في ذلك الفنية في مصر والأردن لمجرد ظهورهم مع صهاينة .
وفي إطار أوسع يضع مراقبون هجوم جدة ضمن سياق ردود يجري تحضيرها من قبل محور المقاومة على الدول التي تدفع باتجاه تطبيع وجود الكيان الصهيوني ، وهذا الحجم من الردود بحسب أولئك فاجأ اطراف السهرة الخيانية في نيوم شمال الجزيرة العربية، ظنا منهم بأن الردود لن تتجاوز سقف ما حصل عقب توقيع الإمارات والبحرين اتفاقيات التطبيع المذلة .
واعتبر هؤلاء أن الصاروخ اليمني أربك الأمريكيين بالدرجة الأولى الراعين لمسار التطبيع والغارقين في مشاكلهم الداخلية والصراع المتنامي مع الصين وروسيا ، ولذلك كانوا هم أول من علَّق على الهجوم وأطلق تهديدا بأن كل الخيارات للتعامل مع من سماهم بـ”الحوثيين” مفتوحة – حسب روبرت اوبراين مستشار الأمن القومي الأمريكي الذي كان في زيارة الى الفلبين – فيما كان النظام السعودي لايزال يعيش أجواء الصدمة وارتباك المشهد .
ويضيف هؤلاء أن الطرف الأمريكي يسعى الى طمأنة السعوديين عقب الهجوم اليمني النوعي لمواصلة المضي في نقل العلاقة مع ” إسرائيل ” الى العلن بعد عقود من السرية والتنسيق الأمني والعسكري الكامل وذلك ما يهم “إسرائيل” ، وبحسب نبيل خوري نائب السفير الأمريكي سابقا في اليمن والذي قال ” إنهم – السعوديين – مستعدون للتطبيع الكامل مع “إسرائيل ”
وأضاف لـ”بي بي سي” : السعودية في طريقها للتطبيع الكامل مع إسرائيل وإن لم يحصل ذلك قريبا جدا ، هناك فقاقيع وبالونات اختبار لترى القيادة السعودية ردود الفعل وحتى الآن ردود الفعل ليست بالشكل الذي يردعهم عن هذه الخطوة -وفق تعبيره.
رسائل الصاروخ قدس 2 لن تهدأ قبل فترة طويلة من الزمن وإن أخمدت نيران الحريق الذي اندلع في محطة ارامكو ، فالنيران السياسية ستبقى مشتعلة لفترة من الزمن وسيضع الهجوم اليمني مزيدا من حواجز الصد في مسار التطبيع المذل الذي ينخرط فيه الأعراب .
وهو في ذات الوقت يمنع ” إسرائيل ” من الاطمئنان الى اتفاقيات التطبيع وأنها أشبه بفقاقيع الصابون التي سرعان ما ستنفجر في وجوه مطلقيها، ويعلن اليمن قبلة للمقاومين والمدافعين عن فلسطين ووجهة لتحرير القدس وعودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه حرا كريما واستعادة المسلمين قبلتهم الأولى.

قد يعجبك ايضا